مصر.. مناشدة حقوقية لوقف تنفيذ إعدام شاب في شهر مناهضة العقوبة

17 أكتوبر 2022
احتلت مصر المرتبة الأولى عالمياً بإصدار أحكام الإعدام في 2021 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر الشاب المصري أحمد فاروق كامل اليوم الذي ينادي عليه منادٍ بأن استعد لتنفيذ عقوبة الإعدام، بعدما أيدت محكمة النقض المصرية الحكم الصادر ضده بالإعدام في يونيو/حزيران 2021، في القضية رقم 3632/2013 المعروفة بقضية "الإصبع" بتهمة تعذيب مواطنين ورجال شرطة في اعتصام رابعة العدوية في صيف 2013، في ما يعرف إعلامياً بـ"خلية الردع".

فبينما يشهد شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في العاشر منه، لا تكف السلطات المصرية عن إصدار العقوبة وتنفيذها، رغم المناشدات الحقوقية والمجتمعية المتتالية. 
وكانت قوات الأمن المصرية قد ألقت القبض على أحمد فاروق في يونيو/حزيران 2013 مع أربعة آخرين ومعهم شخص مصاب بقطع في إصبع يده، كانوا يحاولون إنقاذه بالذهاب إلى أقرب مستشفى، وتم إلقاء القبض عليهم بالطريق الدائري بالقرب من القاهرة الجديدة، حيث حرر ضابط الدورية الشرطية محضر تحريات سطر فيه أن أحمد وأصدقاءه من ضمن ما يعرف بـ"خلية الردع" التي كانت تقوم بتعذيب المواطنين ورجال الشرطة داخل اعتصام رابعة العدوية.
وبعدها حكمت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المشدد ثلاث سنوات لكل المتهمين عما أسند إليهم بوصف التهم "شروع في قتل وإحداث عاهة مستديمة والرابعة حيازة سلاح بدون ترخيص استناداً إلى تحريات الأمن الوطني رغم شهادة المجني عليه أحمد حسن محسن أمام هيئة المحكمة بأن المتهمين لم يعتدوا عليه بل كانوا يحاولون مساعدته، وأن الضابط قائد دورية الشرطة الذي قبض عليهم هو الذي أجبره على اتهامهم في محضر الضبط".

وأثبت أحمد فاروق تعرضه لسوء المعاملة والاعتداء والسحل من قبل رجال الأمن وإجباره على الظهور في فيديو مسجل، خلال فترة محاكمته، ولكن النيابة العامة لم تتخذ أي إجراء بشأن تلك الاعتداءات.
وبعد مرور ما يقرب من سبعة أشهر على واقعة إلقاء القبض على فاروق، فوجئ بإحضاره إلى نيابة مدينة نصر للتحقيق معه في قضية رابعة العدوية، وذلك بناء على محضر تحريات الأمن الوطني شمل 75 اسماً.

ووجهت النيابة إليه 19 اتهاماً، منها "الاشتراك في تجمهر مؤثم قانوناً والقتل العمد والشروع في قتل وحيازة أسلحة نارية وذخائر وسلاح أبيض دون ترخيص"، بالإضافة إلى أن فاروق وأصدقاءه "من ضمن ما يعرف بخلية الردع التي كانت تقوم بتعذيب المواطنين ورجال الشرطة داخل الاعتصام"، على الرغم من أن فاروق قُبض عليه على ذمة قضية أخرى قبل فض الاعتصام بشهر وليس له أي صلة بأحداث فض اعتصام ميدان رابعة.

وأخيرًا، أطلقت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" وحملة "أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر" حملة تواقيع ومناشدة لرئيس الجمهورية بتخفيف عقوبة أحمد فاروق، بعد تأييد محكمة النقض الحكم عليه وانتهاء كل سبل ومراحل التقاضي.

ودعت المفوضية للتوقيع على العريضة الموجهة إلى رئيس الجمهورية للمطالبة بتخفيف الإعدام عن فاروق. وما زال التوسع في إصدار الأحكام وتنفيذها مستمراً في مصر، رغم كل تلك الجهود الحقوقية والمجتمعية، فطبقاً لرصد وتوثيق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لأحكام الإعدام على جميع مستويات التقاضي، منذ عام 2016 وحتى سبتمبر/ أيلول عام 2022، هناك توسع في إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها. 

وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت تقريراً يفيد بأن مصر احتلت المرتبة الأولى عالمياً في إصدار أحكام الإعدام في 2021، والمرتبة الثالثة عالمياً في تنفيذ هذه الأحكام، في لحظة يتجه فيها العالم إلى إلغاء عقوبة الإعدام أو زيادة القيود على تنفيذها. 

وطبقاً لرصد المبادرة، فإنه بالنسبة إلى الإحالات إلى المفتي، شهد عام 2022، حتى قبل انتهائه، العدد الأكبر من الأحكام الصادرة بإحالة أوراق متهمين إلى مفتي الجمهورية. حيث أصدرت محاكم الجنايات المختلفة أحكاماً بإحالة أوراق 432 شخصاً إلى مفتي الجمهورية على ذمة 224 قضية، من ضمنها قضية عسكرية واحدة و7 قضايا ذات طبيعة سياسية. 

وبالنسبة لأحكام الإعدام الابتدائية الصادرة عن محاكم الجنايات المدنية، شهد عام 2018 العدد الأكبر من الأحكام الصادرة عن محاكم الجنايات المدنية المختلفة، يليه عام 2022 الذي قد يتصدر المرتبة الأولى ما بين الأعوام المرصودة إذا استمرت محاكم الجنايات في التوسع في إصدار أحكام الإعدام، حيث شهد عام 2022 حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول، أحكاماً بالإعدام أصدرتها محاكم الجنايات ضد 455 شخصاً على ذمة 258 قضية، من ضمنها 8 قضايا ذات طبيعة سياسية. 

أما بالنسبة لأحكام الإعدام التي أيدتها محكمة النقض، فقد ظل عام 2021 في الصدارة، حيث أيدت محكمة النقض خلال ذلك العام أحكام الإعدام الصادرة ضد 75 شخصًا على ذمة 29 قضية، من ضمنها 4 قضايا ذات طابع سياسي. 

أخيراً وبالنسبة إلى تنفيذ أحكام الإعدام في خلال عام 2020، كانت منظومة العدالة في مصر قد قامت بتنفيذ أكبر عدد من الإعدامات (في قضايا متنوعة) منذ بدأت بالتوسع في استخدام العقوبة في السنوات الخمس الأخيرة.

واعتبرت المبادرة أن استمرار السلطات المصرية في إصدار وتطبيق أحكام الإعدام بهذه الكثافة، ورغم مطالبات مستمرة في السياق الحقوقي المحلي والدولي بتعليق أحكام الإعدام ولو بصورة مؤقتة، هو مؤشر خطير إلى فهم الدولة الخاطئ للدور الردعي للقانون، واستخدامها له كأداة لإزهاق الأرواح بلا ضمانات كافية لتحقيق العدالة. 

المساهمون