محمية جبل الداير

26 ابريل 2021
واحدة من المحميات الطبيعية في السودان (عبد المنعم عيسى/ Getty)
+ الخط -

في مارس/آذار من عام 2017، نشرتُ مقالاً حول محمية وادي هور، فوردتني الأسئلة حول ما إذا كانت ثمّة محميات طبيعية سودانية معترفٌ بها عالمياً، ولا يعرف عنها الناس شيئاً إلى جانب محميتَي الدندر والردوم. وجاء إعلان العام 2021 كعام دولي لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي (ماب) فرصة ليتعرّف السودانيون والمهتمون بالشأن في العالم حولنا على محميات أخرى.
تقع محمية جبل الداير في جنوب مدينة الرهد (أبو دكنة)، في الركن الجنوبي الشرقي من ولاية شمال كردفان (غرب السودان)، وقد أُعلنت محمية قومية في عام 2010، وأُدرجت ضمن محميات المحيط الحيوي لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) في عام 2016، "بغرض حماية وإدارة التنوع الأحيائي المتفرد والمهم وطنياً، والمتمثل في النظام البيئي في الجبل، وذلك من أجل الإبقاء على موائله وتنوّعه الأحيائي وخدماته البيئية وقيمه الاجتماعية والاقتصادية في طبيعتها المستدامة"، بحسب ما تورد الدكتورة سلوى منصور، رئيسة لجنة الإنسان والمحيط الحيوي في منظمة "يونسكو".
وتتميّز المحمية بتنوع أحيائي عريض يضمّ نحو 112 نوعاً من النباتات، منها 96 نوعاً من النباتات الطبية والعطرية تحتويها أربع بيئات طبيعية متميزة، هي بيئة المنحدرات العليا، وبيئة الفاوات (المسطحات العليا المحصورة بين المرتفعات المتجاورة)، وبيئة الأودية والخيران المنحدرة من الفاوات إلى أسفل الجبل، وبيئة المنحدرات السفلى، وتشكل بأجمعها نظاماً مائياً فريداً.
جبل الداير، كما يوحي الاسم، يتراءى من البعد كحزمة من المرتفعات المتجاورة في شكل دائري، وله قمم متباينة في العلو (أعلاها 1413 متراً فوق سطح البحر)، وتتخللها شبكة من المجاري التي تصرّف مياه الجبل إلى الأودية السفلى، ثمّ إلى خور أبو حبل. أمّا الفاوات التي اشتُهرت بها المحمية فهي مستجمعات مائية تفيض موسمياً في عدد من الجداول والخيران الجارية إلى أسفل، فيما تمتص مقادير هائلة من الهطول السنوي.

موقف
التحديثات الحية

وتعتمد الحياة البرية في زمن الجفاف على الينابيع الدائمة، وبصفة رئيسية على السروف والملاحات التي تقصدها الحيوانات البرية من قبيل النلت المهدد بالانقراض. ومن أهم النباتات القنا الذي ينمو على أطراف وضفاف الأودية والمجاري المائية والخيران، وهو مصدر دخل أساسي لكثيرين من السكان الذين بدأوا يتكاثرون حول المحمية وفي داخلها. وتفيد الإحصاءات بأنّ 23 ألف نفس بشرية تقريباً كانت تقطن في 43 قرية في محيط المحمية حتى عام 2010.
وكان سكان الجبل الأوائل من قبائل النوبة قلة تعمل في الزراعة أكثر منها في الرعي، لذا كان تأثيرهم على موارد المحمية ضئيلاً، غير أنّ تزايد السكان والتدفق البشرى الذي حدث أخيراً نتيجة الاضطرابات الأمنية، ظل يشكل تهديداً خطيراً على التنوع الأحيائي وتماسك الأنظمة البيئية في المحمية، الأمر الذي يستوجب تحركاً عاجلاً بقصد إنفاذ القوانين، وتوعية المواطنين حول أهمية هذه المحميات اقتصادياً وسياحياً، ودورها الكبير في الحفاظ على التنوع الحيوي، والحدّ من التأثيرات السالبة للتغيّر المناخي العالمي.
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون