اعتصم العشرات مجدداً أمام مقر هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية في مدينة البيرة، للمطالبة بإيجاد حل للفلسطينيين والعرب المحرومين من بطاقات الهوية الشخصية، وفق ما يعرف بـ"لم الشمل"، بعد أن طالب رئيس الهيئة، حسين الشيخ، المعتصمين قبل أسبوعين، بالتوجه إلى منظمات حقوق الإنسان للضغط على الاحتلال الإسرائيلي الذي يعطل ملفاتهم.
حضرت التونسية نور بلقاسم حجاجي من مسكنها في بلدة مسحة بمحافظة سلفيت، للمشاركة في الاعتصام للمرة الثانية، وقالت لـ"العربي الجديد"، إنها متزوجة من فلسطيني، وتقطن في فلسطين، لكنها مهددة بالترحيل لأنها لا تحمل هوية فلسطينية، موضحة: "جئنا إلى مقر الهيئة لنقول إننا ذهبنا وفق توجيهاتهم إلى منظمات حقوق الإنسان، وكان ردهم أن هذا الملف يخص المفاوض الفلسطيني".
كانت نور حجاجي ضمن عشرات خاطروا بالوصول إلى مدينة البيرة من مدن فلسطينية أخرى رغم عدم امتلاك بطاقة هوية، واحتمال توقيفهم أو اعتقالهم عند أي من حواجز الاحتلال الإسرائيلي المنتشرة، لكنهم جميعا يقولون إنهم يعيشون معاناة يومية بسبب هذا الوضع.
وروت سهير كمال لـ"العربي الجديد"، أنها تقطن في مخيم قلنديا شمال القدس، واعتقلت لمدة يومين في مركز تحقيق إسرائيلي بعد مرورها عبر حاجز إسرائيلي، ولم يفرج عنها إلا بعد أن قدمت أرقام هويات أطفالها كإثبات على هويتها.
وقال محمد الجرف القادم من مخيم عسكر شرق مدينة نابلس، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يملك أية وثيقة شخصية، سواء فلسطينية أو غيرها؛ ويضيف: "أصبحت في الأربعين. كم علي أن أنتظر حتى أحصل على هوية؟ هل سأتسلم الهوية قبل إصدار شهادة وفاتي؟ لا أستطيع فتح حساب بنكي لأنني لا أملك جنسية، أو إثباتاً لهويتي، كما أعاني عند إصدار المعاملات في الوزارات والمؤسسات الحكومية مثل دائرة السير".
وقدم محمد الجرف من الأردن مرافقاً لوالده، وكان حينها في الثالثة من عمره، ولم يحصل على الهوية بسبب ظروف مادية وتعقيدات أخرى قبل إنشاء السلطة الفلسطينية، وحين توجه للحصول عليها في عام 1998، لم يكن ذلك متاحاً كونه تجاوز الـ16 سنة، وطلب منه التقدم للم الشمل الذي توقف بعد انتفاضة الأقصى عام 2000، وحين سمح الاحتلال بتقديم ملفات جديدة في عام 2008، كان حينها في سجون الاحتلال، ولم يحصل أيضا على الهوية.
وتقول ابتسام شنغار لـ"العربي الجديد": "كنت أقطن في الضفة مع زوجي وعدد من أطفالي، ويعيش أبنائي الكبار في قطاع غزة، ولم يدم الحال طويلاً حين اعتقل الاحتلال زوجي قبل عشر سنوات، بينما كان في طريقه لشراء الخبز، وقام بترحيله إلى غزة. أعيش هنا حاليا، ولا أستطيع تدبر أموري، وطفلي مريض، وأحيانا أذهب لإصدار التأمين الصحي ولا يصدر بسلاسة لأنني من غزة، وأضطر أحيانًا لدفع ثمن العلاج، ومنذ عشر سنوات لم أرَ أبنائي الكبار إلا عبر الصور، وكل ما نطلبه هو تغيير عنوان السكن".
ويعطي اتفاق أوسلو السلطة الفلسطينية حق إصدار بطاقة الهوية بعد موافقة إسرائيلية، وتعطي الاتفاقات لرئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية الحق في عدد محدد كل عام للم الشمل، لكن الاحتلال أوقف ذلك بعد انتفاضة الأقصى، ووافق عام 2008 على 50 ألف حالة، ومنذ ذلك الوقت توقف الملف.
وقال وكيل هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، أيمن قنديل، خلال وقفة اليوم، إن "الاحتلال لا يلتزم بأي اتفاق، ولا يحترم أي اتفاق، والمطلوب جهد كبير بهذا الملف، وسنبذله. ملف لم الشمل مطروح دوماً على طاولة المفاوضات مع الاحتلال، واتفاق أوسلو أعطانا حق منح الهوية بموافقة مسبقة من الجانب الإسرائيلي، ومع الأسف لهم اليد العليا. يومياً هناك حديث بيننا وبينهم في هذا الموضوع، وأوصلنا صوتكم للجميع".
لكن ذلك الحديث لم يمنع عددا من المعتصمين من طرح تساؤلاتهم حول جدوى عودة التنسيق مع الاحتلال في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بعد أشهر من وقف التنسيق الأمني على إثر إعلان حكومة الاحتلال تبني خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية.