متضررو زلزال أفغانستان ينتظرون الدعم

16 ديسمبر 2022
تعيش آلاف الأسر الأفغانية في خيام منذ الزلزال (بلال غولار/الأناضول)
+ الخط -

يعد الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شاسعة في جنوب أفغانستان، خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، إحدى أكبر الكوارث الطبيعية التي عرفتها البلاد، إذ تسبب في مقتل نحو 1700 شخص، كما ترك عشرات آلاف الأسر بلا مأوى بعد أن دُمرت آلاف المنازل.
مع حلول فصل الشتاء الذي يشهد موجات من البرد القارس في البلاد، تعاني تلك الشرائح المتضررة أكثر فأكثر، خاصة أن المؤسسات الإغاثية، الدولية والمحلية، لم تف بما قطعته على نفسها من تعهدات ببناء تلك المنازل، كما يقول المتضررون، الذين بات على عاتقهم توفير المأوى المناسب، أو إعادة ترميم منازلهم المتضررة لتقيهم من البرد.
كما أن الحكومة الأفغانية باتت عاجزة عن فعل شيء بسبب الحالة الاقتصادية السيئة، وتجميد الولايات المتحدة الأميركية للأصول الأفغانية، علاوة على أن الكثير من المؤسسات الدولية، التي كانت تمد يد العون في مثل هذه الأحوال، أغلقت مكاتبها عقب سيطرة طالبان على الحكم في أغسطس/آب من العام الماضي، ما ضاعف معاناة المحتاجين، وحرمهم من المساعدات اللازمة.
اللافت أن جل المتضررين من الزلزال قرويون يعتمدون بشكل شبه تام على الزراعة، وليس لديهم مصدر دخل آخر، وبالتالي، فإن قدرتهم على بناء المنازل غير متوفرة، خاصة في موسم البرد، كما أن شريحة كبيرة منهم أطفال ونساء، وهؤلاء يعانون أكثر بسبب ضعف المناعة، وقد بدأت الأمراض الموسمية تتفشى بينهم.
يقول الطبيب الأفغاني محمد آغا، الذي يعمل في مستشفى شرنه بولاية بكتيكا الجنوبية، لـ"العربي الجديد"، إنه "مع حلول موسم البرد، بدأت الأمراض الموسمية تتفشى بين المتضررين من الزلزال، لا سيما الذين دمرت منازلهم، ولم يتمكنوا من إعادة بنائها مجدداً، كما لم يُساعدوا في هذا، وبالتالي يعيشون في خيام أو غرف تشبه الأكواخ، وهذا يعرضهم لأمراض مختلفة، خاصة التهاب الصدر، والمرض متفش بين الأطفال بسبب ضعف المناعة، لكن السلطات تبذل كل الجهود لتقديم الدعم الطبي اللازم بمساندة بعض المؤسسات الدولية، وتظل الحاجة الأساسية هي بناء منازل لهم، وهذا الأمر شبه مستحيل حالياً في ظل البرد القارس".
وحول المعاناة بشكل عام، يقول الزعيم القبلي في المنطقة غول ولي خان، لـ"العربي الجديد": "نعاني من أكثر من مشكلة، فالفقر والبطالة من جهة، وعدم وجود المأوى المناسب من جهة ثانية، وبعد كل هذا يأتي تفشي الأمراض والأوبئة مع حلول موسم البرد القارس، لتكمتل صور المعاناة. نحن حالياً مهمشون من قبل كل الأطراف".

يضيف ولي خان: "المتضررون من جراء الزلزال، الذين فقد كثيرون منهم المنازل، قاموا باللجوء إلى حفر كبيرة نصبوا داخلها الخيام من أجل الوقاية من برودة الهواء الذي يضرب تلك المناطق، خصوصاً في وقت الليل، والعيش داخل تلك الحفر أدى إلى إصابة الكبار بأمراض المفاصل، وإصابة الصغار بالتهاب الصدر. في قريتي (خان الدين) بمديرية غيان، دمر الزلزال بشكل كامل نحو 1900 منزل، كما تضررت مئات المنازل الأخرى، وكل السكان يواجهون مشاكل كثيرة، لكن من دمرت منازلهم يعيشون في حالة مزرية للغاية".

دمر زلزال أفغانستان آلاف المنازل (أحمد صالح أرمان/فرانس برس)
دمر زلزال أفغانستان آلاف المنازل (أحمد صالح أرمان/فرانس برس)

ويقول محمد دواد، وهو أحد سكان "وسم روغه" في مديرية غيان، لـ"العربي الجديد"، إنه "خلال الأشهر الأولى بعد الزلزال، قدمت مساعدات جيدة من كل النواحي للمتضررين، وأجريت إحصائيات، وجمعت الأرقام من أجل بناء المنازل المتهدمة، ولكن مع الأسف الشديد، يبدو أن هذا الجانب الأهم أضحى منسياً إلى حد كبير حالياً، فالناس يعيشون في الخيام، وحفروا حفراً لنصب خيامهم فيها بغرض الحفاظ على صحة أطفالهم من البرد. لكن في داخل تلك الحفر تتزايد الرطوبة، ما تسبب في تفشي الأمراض، ونطالب حكومة طالبان، والمؤسسات المحلية والدولية، بأن تبادر إلى ملء هذا الفراغ، والاهتمام بهذا الجانب الضروري، وإلا فستحدث كارثة إنسانية بسبب تفشي أمراض موسمية بدأت تنتشر بالفعل".
واللافت أن بعض المناطق المتضررة من جراء الزلزال المدمر تتعرض لهطول ثلوج قوية في موسم الشتاء، وهو ما يخشاه سكان تلك المناطق، وينذر بتعرضهم إلى أزمة جديدة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

يقول محمد سرور، وهو أحد سكان قرية مانده، لـ"العربي الجديد"، إن "مديرية غيان، ومناطق متضررة أخرى، تتعرض لهطول كميات من الثلوج خلال فصل الشتاء، ما يؤدي إلى مشاكل كثيرة، إذ إنه إلى جانب عدم وجود مأوى مناسب، نفتقر أيضاً إلى وسائل التدفئة، وهذا سيؤدي إلى تفشي أكبر للأمراض الناجمة عن برودة الطقس".
وأعلنت الأمم المتحدة، في يوليو/تموز الماضي، أنها تعمل على إعادة ترميم 2000 منزل في المناطق المتضررة من جراء الزلزال، علاوة على تقديم مساعدات للمتضررين، موضحة في بيان أن "همها الأول والأخير في أفغانستان، هو إيصال المساعدات إلى المحتاجين، وعلى رأسهم المتضررين من الزلزال والفيضانات".
لكن يؤكد الواقع على الأرض أن حجم المساعدات المتوفرة، أو حتى الموعودة، أقل بكثير مما يحتاج إليه المتضررون، مع العلم أن غالبية أبناء الشعب الأفغاني يعيشون تحت خط الفقر.

المساهمون