أعلن السفير الليبي في أوكرانيا عادل عيسى، مساء الثلاثاء، عن مغادرة أكثر من 1500 مواطن ليبي عبر المنافذ الأوروبية، لكنّ نشطاء ليبيين يتهمون السلطات الليبية بالتقصير الكبير في تأمين حياة الجالية الليبية، ويؤكدون وجود عدد من أفراد الجالية عالقين في مناطق الاشتباكات.
وأفاد عيسى، عبر حسابه على فيسبوك، أن عدد الليبيين العالقين الذين عبروا عبر المنافذ الأوروبية عن طريق السفارة أو بمفردهم تجاوز 1500 مواطن، وهم بصحة جيدة، مشيراً إلى أن المغادرين وصلوا إلى دول سلوفاكيا، وبولندا، ورومانيا.
ويوم الأحد الماضي وجه عيسى نداء إلى الجالية الليبية في العاصمة كييف، طالب فيه أفرادها بالتوجه المباشر إلى مقر السفارة، محذراً من إمكانية انقطاع كافة الاتصالات بسبب الاشتباكات التي تشهدها أوكرانيا. وأعلن عيسى، في ذات المنشور، عن العثور على الطالب الليبي خالد يوسف بلعم المفقود منذ أيام، مؤكداً أنه في طريقه "إلى مدينة لفيف القريبة للحدود البولندية وهو بصحة جيدة"، وعن مواقع التجمع، أشار السفير إلى أن السفارة حددت أحد الفنادق في العاصمة.
في مقابل ذلك يتهم خالد باني، أحد أفراد الجالية الليبية الذي تمكن من الوصول إلى سلوفاكيا، السلطات الليبية بالتقصير الذي وصفه بــ "الكبير"، في تأمين حياة أفراد الجالية، معبراً عن شكوكه بالرقم المعلن من قبل السلطات. وقال متحدثاً لــ "العربي الجديد" إن "العدد الكلي لأفراد الجالية الليبية يقدر بأكثر من ألفي ليبي ما بين طلاب ومقيمين لأغراض أخرى من بينها التجارة".
وفيما أكد باني أن أغلب جهود الإجلاء يقوم بها متطوعون من أفراد الجالية، حفلت أغلب وسائل الإعلام الليبية بتصريحات المعتصم بالله عريبي، رئيس الجالية الليبية المتطوع في أوكرانيا، حول جهود إجلاء العالقين من مناطق الصراع، مقابل غياب كبير لحضور مسؤولي السفارة الليبية في أوكرانيا ووزارة الخارجية بطرابلس في التغطيات الإعلامية الخاصة بأوضاع الليبيين.
وفي تصريح خاص لــ"العربي الجديد" قال العريبي إنّه "ما زال هناك ما بين 150 و200 مواطن ليبي نسعى لنقلهم إلى بلدان أوروبية مجاورة لأوكرانيا". وأضاف: "تم إجلاء آلاف الليبيين الى دول الجوار ولا تزال الجهود مستمرة لإخراج من تبقى من العالقين".
وانتشر على منصات التواصل الاجتماعي فيديو يظهر المواطن خالد عياد، العالق في إحدى المدن الأوكرانية وهو يحتضن أطفاله، ويوجه نداء للسلطات الليبية لإنقاذهم. وأوضح عريبي أن عياد عالق في مدينة سومي الحدودية مع روسيا، وقال: "الجهود كثيفة الآن لإخراجه وأسرته عبر بلاروسيا".
ولا تبدو معاناة عياد الوحيدة، فمنصات التواصل الاجتماعي تتناقل أيضاً فيديو يظهر عدداً من العائلات رفقة أطفالها في أحد الأنفاق في العاصمة كييف، حيث يلجأ المواطنون إليها للاحتماء من القصف. ويؤكد باني أنه لا يزال على اتصال ببعض العالقين في كييف، ويقول: "الوضع المزري الذي يعيشه العالقون هناك لا يسمح لنا بسؤالهم عن عددهم"، لكنه يتفق مع عريبي أنهم ما بين 150 و200 شخص. وقال: "أبلغنا السفارة الليبية في سلوفاكيا أن العالقين في مدينة سومي هم قرابة 15 أسرة وليس أسرة عياد فقط لكن السفارات سواء في سلوفاكيا أو أوكرانيا لا تتوفر على أية إمكانات"، متهماً الخارجية الليبية بالتقصير الكامل. وأضاف: "الخارجية لم تعدّ أية خطة حقيقية لإجلاء المقيمين هناك بل لم تسع لتقدير الأوضاع وتطالبنا بالمغادرة وأكثر ما قامت به هو إطلاق نداء لأخذ الحيطة والحذر، عكس وزارات خارجية الدول الأخرى التي بادرت إلى نقل مواطنيها عبر طائرات مخصصة للإجلاء".
وأكد باني أنّ معظم الجهود يقوم بها متطوعون، وقال: "بعض أفراد الجالية شباب نشطوا في مجال المساعدة لإخراج العالقين، ومن وصل عبر المنافذ الأوروبية المجاورة فبجهود تطوعية لا علاقة للسفارة في أوكرانيا بها". وتابع: "في الوقت الذي شجبت فيه وزارة الخارجية الحرب على أوكرانيا وطالبت روسيا بوقفها لم تلتفت لمواطنيها في أوكرانيا ولم ترسل الأموال اللازمة للإجلاء ولا حتى طائرة واحدة، وتركت أغلب الأسر تعاني نقص الغذاء وخصوصاً أطفال الأسر التي لا تزال عالقة وتعيش وضعاً مأساوياً".
ومؤخراً أعلنت وزارة الخارجية الليبية عن إطلاق شركة الاتصالات الليبية خدمة اتصالات مجانية للمواطنين الليبيين المتواجدين في أوكرانيا، وقالت في بيان لها إن "الخدمة تمكِّن مشتركيها من استقبال المكالمات من ليبيا وذلك مجاناً لمدة أسبوع". وقال أحد أفراد أسرة الحجاجي إن الأسرة تمكنت بسبب هذه الخدمة من الاتصال بابنها المقيم مع عائلته في كييف لغرض الدراسة، والذي أكد أنه لا يزال مع عدد من الأسر الليبية عالقين في أحد الأنفاق في المدينة. وأوضح المتحدث لــ"العربي الجديد" أنّ شقيقه رضا، العالق في كييف، تلقى اتصالات من لجنة الترحيل بالسفارة الليبية في سلوفاكيا تحمل وعوداً بقرب تمكنهم من تأمين وسيلة لإجلائهم.