المدينة الرياضية... مركز إيواء تنهشه المناكفات في بيروت

22 نوفمبر 2024
خلال أعمال الصيانة في المدينة الرياضية (محمد سلمان)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إنشاء مركز إيواء للنازحين: بدأت جهود إنشاء مركز إيواء في المدينة الرياضية ببيروت بقيادة محافظ بيروت مروان عبود وجمعية "بنين"، لتوفير مأوى لألف نازح يعيشون في الشوارع.

- التحديات اللوجستية والمالية: تواجه المبادرة تحديات لوجستية ومالية، حيث أنفقت 200 ألف دولار على المرحلة الأولى، مع الحاجة لدعم دولي إضافي لاستيعاب عشرة آلاف نازح.

- المناكفات القانونية والإدارية: أثارت الأعمال مناكفات قانونية بين بلدية الغبيري والجيش اللبناني، مع تأكيد المسؤولين على ضرورة اتباع الإجراءات القانونية لضمان سلامة المشروع.

تخضع المدينة الرياضية في بيروت، التي تقرّر نقل النازحين الذين لا يزالون بلا مأوى إليها، لمناكفات وسجالات، وسط مخاوف من إفراغ النازحين من المدارس مستقبلاً

منذ الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، تحظى مسألة إنشاء مركز إيواء للنازحين في المدينة الرياضية في العاصمة اللبنانية بيروت باهتمام إعلامي، وخصوصاً بعدما أطلق محافظ بيروت مروان عبود شارة بدء الأعمال تحت المدرجات، والتي تكفلت بها جمعية "بنين" الخيرية لناحية تجهيز المكان وإنشاء الغرف وغيرها من الأمور اللوجستية اللازمة.
في الجولة الأولى لمحافظ بيروت والجمعية في الثامن من نوفمبر، لم تكن التجهيزات مكتملة واقتصرت الورشة على أعمال الصرف الصحي وتجهيز دورات المياه. وفي هذه الجولة الأولى، استقطبت جمعية بنين عدداً كبيراً من الوجوه الفنية والإعلامية والمؤثرين اللبنانيين، لافتة إلى أنها "تسعى إلى جمع التبرعات عبر وجوه إعلامية وفنية من دول وجمعيات". 
خلال الجولة، أعلن محافظ بيروت أن المدينة الرياضية تتسع لقرابة الألف شخص، على أن يتم نقل النازحين الموجودين على الأرصفة وفي حرج بيروت. ويقول رئيس جمعية بنين، جاد بيضون، في حديثه لـ "العربي الجديد": "في المرحلة الأولى، أَهّلنا المكان ليستقطب قرابة الألف شخص، على أن يكون جاهزاً لاستقبال النازحين خلال أيام. وجلنا مع بلدية بيروت على أمكنة وجود النازحين في الشوارع وعلى الأرصفة وفي حرج بيروت من أجل ملء الاستمارات وتجهيز نقلهم إلى المدينة الرياضية". 
وبدأت غرفة إدارة الأزمات والكوارث في محافظة بيروت إعداد لوائح بأسماء النازحين في المرحلة الأولى، والأولوية لمن هم بلا مأوى في حرج بيروت وأماكن عامة أخرى. لكن مع ذلك، يخشى النازحون في مراكز الإيواء الانتقال إلى المدينة الرياضية في مراحل لاحقة من المشروع، ولا سيما مع قرار فتح المدارس للتعليم الحضوري. وينفي المسؤول الإعلامي في غرفة إدارة الكوارث الملازم أول فادي بغدادي، في اتصال مع "العربي الجديد"، نقل أي نازح من المدارس في المرحلة الأولى من المشروع، لافتاً إلى أن "الأولوية هي لمن هم في الشارع، ويفترشون حرج بيروت وشوارع المدينة، وعددهم اليوم قرابة 800 نازح. ولدينا خوف من زيادة الأعداد في حال تفاقمت موجة النزوح بعد الاستهدافات التي تطاول مناطق في العاصمة بيروت". 

وتتولى جمعية بنين العمل اللوجستي والبناء، وقد أطلق اسم "قرية بنين" على المكان. فهل ستكون مسؤولة عن النازحين وتأمين المساعدات؟ يشير بغدادي إلى أن "موضوع تأمين المساعدات يقع ضمن صلاحيات غرفة إدارة الأزمات والكوارث في محافظة بيروت. وسيتم العمل على جمع المعلومات لتوزيع المساعدات على النازحين". وعن سبب التأخير في إنجاز الأعمال، يلفت بيضون إلى أن "المدينة الرياضية مكان غير صالح للسكن، وقمنا بصيانة الصرف الصحي تفادياً للمشاكل التي قد تنتج لاحقاً، بالإضافة إلى معالجة احتمال تسرب مياه الشتاء إلى الطابق السفلي تحت مدرجات الملعب الرياضي. وبلغت الكلفة المالية للمرحلة الأولى من الأعمال 200 ألف دولار أميركي". 
وفي حين عمدت الدولة، بالشراكة مع "بنين"، إلى تأهيل قسم من المدينة الرياضية، فلماذا لا يصار إلى إعادة تأهيلها بشكل تام وإيواء عدد أكبر من النازحين؟ يجيب بيضون بأن "الدولة لا تملك أية إمكانات مادية في الوقت الحالي. ونحن نتوجه إلى المجتمع الدولي والهيئات الدولية لتأمين الأموال والمساعدات اللازمة كي يتم تأهيل المكان الذي يستوعب قرابة العشرة آلاف شخص".

المدينة الرياضية (العربي الجديد)
الأولوية هي للنازحين في الشارع (العربي الجديد)

وأصبحت أعمال المدينة الرياضية مادة للمناكفات والسجالات وتضارب الصلاحيات بين القيّمين على إدارة المدينة الرياضية والبلدية الموجودة ضمن نطاقها عقارياً. قبل ثلاثة أيام، عمدت شرطة بلدية الغبيري (الضاحية الجنوبية) إلى توجيه إخطار رسمي إلى جمعية بنين، تطالبها بوقف الأعمال الإنشائية داخل المدينة الرياضية، والاستحصال على التراخيص القانونية اللازمة. وعمد رئيس بلدية الغبيري معن الخليل، إلى إرسال عناصر من البلدية لوقف الأعمال في المدينة الرياضية ومصادرة المعدات تحت حجة عدم وجود تراخيص. يشير الخليل في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن "البلبلة حدثت أثناء مغادرة دورية شرطة بلدية الغبيري الموقع، وفوجئت بمحاصرتها من قبل الجيش اللبناني. وللأسف، تطور الموقف إلى اعتداء عناصر الجيش على شرطة البلدية، وتمت استعادة المعدات المحجوزة بالقوة من آليات الشرطة".

المدينة الرياضية (محمد سلمان)
أصبحت المدينة الرياضية مادة للسجالات (محمد سلمان)

ويرد بيضون على الخليل، بالقول: "بدأنا العمل بقرار رسمي من مجلس الوزراء في 4 نوفمبر، بعدما تقدمنا بطلب رسمي للدولة للمباشرة في تأهيل المدينة الرياضية للنازحين، وأخذنا أول بلوك (منشأة) من المدينة يتسع لحوالي ألف شخص كتجربة". يضيف: "بعد عشرة أيام من البدء بالورشة تدخّل رئيس بلدية الغبيري مطالباً الجمعية بأوراق وتراخيص العمل بالمنشآت كونها جزءاً منها وتقع عقارياً ضمن بلدية الغبيري، وطلبنا منه مراجعة مجلس الوزراء ومحافظة بيروت كونها المعنية بقرار فتحها للعمل". ويقول المسؤول الإعلامي في غرفة إدارة الأزمات والكوارث إن "السجال بيد مجلس الوزراء ووزارة الداخلية المعنية بالمدينة الرياضية". 

من جهته، يوضح الخليل "أن المدينة الرياضية تتبع عقارياً لنطاق بلدية الغبيري، لا سيما مكان إنشاء المنشآت، والجزء الآخر يتبع لبلدية بيروت. ويجب على الراغب في تنفيذ مشروع فيها الرجوع إلى البلدية. فالأشغال هي ضمن نطاق البلدية بمعزل عن الغاية منها". ورداً على سؤال حول وقوفه عائقاً في وجه مساعدة النازحين وإيوائهم، يقول الخليل: "لسنا ضد المشروع، بل يجب أن يمر بآلية قانونية، ولا يجب تخييرنا بين النازحين والعمل تحت سلطة الأمر الواقع. نسعى إلى أن يكون هناك مكان لائق يراعي معايير السلامة العامة والشروط الصحية".
ورد المدير العام للمنشآت الرياضية والشبابية والكشفية ناجي حمود على البيان الصادر عن بلدية الغبيري، موضحاً أن "مدينة كميل شمعون الرياضية كمنشأة والأراضي المحيطة بها والمخصّصة بمراسيم وقرارات صادرة عن مجلس الوزراء هي منشأة رياضية تتبع للمؤسسة العامة للمنشآت الرياضية وهي تحت وصاية وزير الشباب والرياضة، وليس من صلاحية أي جهة تقسيمها الى أقسام ومناطق ونطاقات لا تتبع إداريّاً وتحت أي نطاق سوى لإدارتها". ويعرب الخليل عن خوفه قائلاً: "عندما ترفض الجهات المعنية السبل والإثباتات القانونية، نشعر بالقلق حيال نيات الجهات المسؤولة". ويختم الخليل حديثه قائلاً إن "قرار العمل في المدينة الرياضية صادر دون وجه حق، وبالتالي فإن جميع الأسئلة مشروعة، منها ما هو متعلق بإخلاء المدارس من النازحين. هذا التضارب في الصلاحيات هو عرضة للتفسير والاجتهاد، ولدينا تجارب كبيرة في هذا الشأن". ورد المدير العام للمنشآت الرياضية والشبابية والكشفية ناجي حمود على البيان الصادر عن بلدية الغبيري، موضحاً أن "مدينة كميل شمعون الرياضية كمنشأة والأراضي المحيطة بها والمخصّصة بمراسيم وقرارات صادرة عن مجلس الوزراء هي منشأة رياضية تتبع للمؤسسة العامة للمنشآت الرياضية وهي تحت وصاية وزير الشباب والرياضة، وليس من صلاحية أي جهة تقسيمها الى أقسام ومناطق ونطاقات لا تتبع إداريّاً وتحت أي نطاق سوى لإدارتها". 

المساهمون