ليبيا: نشاط حكومي مستمر لتطويق مهربي البشر

22 يونيو 2022
مهاجرون كانوا قد وقعوا ضحايا مهرّبي بشر (حازم تركية/ الأناضول)
+ الخط -

تواصل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا جهودها من أجل تطويق نشاط شبكات تهريب البشر، عبر مداهمة أوكار المهرّبين في النقاط النشطة شمال غربي البلاد. وبحسب ما جاء في بيان أصدره "اللواء 444 قتال" التابع لرئاسة الأركان العامة للجيش الليبي، فإنّ مفارزه داهمت، أخيراً، ستة أوكار تتّخذها العصابات الخارجة عن القانون لخطف المهاجرين السريين وتهريبهم، واصفة عمليتها بـ"الواسعة وغير المسبوقة".

وكشف "اللواء 444 قتال"، في منشور له على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، أنّ مفارزه انتشرت في كلّ مناطق مدينة بني وليد شمال غربي ليبيا، مشيراً إلى ترحيب واسع من قبل أهالي المدينة ودعمهم القضاء على الخارجين عن القانون. وفيما أشار "اللواء 444 قتال" إلى القبض على أحد المطلوبين في قضية قتل سقط ضحيتها مهاجرون وارتُكبت قبل سنوات، أكّد أنّ عملياته سوف تستمر لفرض الأمن وحفظ الاستقرار وملاحقة مهرّبي البشر ومداهمة أوكارهم.

وفي نهاية إبريل/ نيسان الماضي، نفّذ "اللواء 444 قتال" عملية مشابهة لعمليته الأخيرة، مقتحماً أربعة أوكار لعصابات في المدينة ذاتها، موضحاً أنّها تمتهن تهريب المهاجرين إلى جانب أنشطة أخرى كالخطف وتهريب الوقود. وأشار إلى أنّه نجح في العملية في إلقاء القبض على أربعة من المهرّبين في تلك الأوكار، بالإضافة إلى تحرير 18 مختطفاً من جنسيات أجنبية عُثر عليهم في زنزانات بتلك الأوكار، بعضها انفرادي، علماً أنّ هؤلاء تعرّضوا خلال احتجازهم للتعذيب وأصناف شتى من الانتهاكات الحسية والمعنوية. وكشف "اللواء 444 قتال" أنّ من بين المهاجرين الذين حُرّروا من أفاد بأنّ العصابات طلبت من أهاليهم دفع فدية مالية في مقابل إطلاق سراحهم، وذلك بالتزامن مع عمليات التعذيب والانتهاكات بحقهم. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وسبقت هذه العملية أخرى في العاشر من إبريل نفسه، تمكّن "اللواء 444 قتال" خلالها من تحرير 195 شخصاً، من بينهم 23 امرأة وطفلان، خطفتهم عصابة طلبت فدى مالية في مقابل إطلاقهم، وأودعتهم في أحد أوكار التهريب في بني وليد. ووفقاً لبيان، فقد أُلقي القبض على أحد رموز التهريب، وهو مهرّب ليبي، بصحبته ثمانية مهرّبين آخرين من جنسيات مختلفة ينشطون معه.

وفي سياق متصل، يقول الضابط في إدارة القوافل الصحراوية التابعة لجهاز مكافحة الهجرة نصر الشويطر إنّ "الخطوات التي اتّخذتها السلطات الليبية تبيّن اهتماماً بملف الهجرة السرية، ومنها توسيع جهاز مكافحتها من دوريات المراقبة الصحراوية، لتشمل مراقبة الطرقات الرابطة بين الجنوب والشمال، وتحديداً مناطق وسط الجنوب التي تُعَدّ مهمّة لشبكات التهريب في مراحل نقل المهاجرين".
وممّا أعلنت عنه السلطات تسيير قوافل أمنية مسلحة لاستطلاع المناطق الصحراوية، تمكّنت من تمشيط عدد من الوديان والهضاب في مناطق الصحراء حيث بؤر التوتّر الأمني، والتي تمرّ بها خطوط نقل المهاجرين النشطة، لا سيّما مناطق الجنوب؛ نسمة ومزدة والقريات والشويرف.

الصورة
نقل مهاجرين غير نظاميين في طرابلس في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
في خلال عملية نقل مهاجرين سريين في طرابلس (محمود تركية/ فرانس برس)

وفي نهاية العام الماضي، كانت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية قد أعلنت عن اتفاق توصّلت إليه ليبيا مع إيطاليا ومالطا وممثّل الاتحاد الأوروبي من أجل "دعم حماية الحدود الجنوبية" للبلاد، مشيرة إلى عزمها دعم هذا الاتفاق وتعزيز العمل عليه. كذلك، أعلنت عن عزمها البحث عن "حلّ أفريقي لمشكلة الهجرة السرية، من خلال العمل الجماعي الأفريقي، خصوصاً في دول المصدر، بالتنمية في هذه البلدان ووضع ضوابط وآليات لتنظيم الهجرة والحدّ منها بطريقة إنسانية تحفظ كرامة المهاجر الأفريقي"، مطالبة بضرورة "تسريع تفعيل اتفاق تعزيز التعاون في مجال أمن ومراقبة الحدود الموقّع بين كلّ من ليبيا والسودان وتشاد والنيجر في مايو 2018".

وقد أكّدت السلطات الليبية في مناسبات كثيرة أنّ ليبيا "منطقة عبور، ولا يمكنها تحمّل الأعباء الأمنية والاقتصادية والمالية من جرّاء استفحال هذه الظاهرة (تهريب البشر)"، وطالبت المجتمع الدولي بضرورة التكافل مع جهودها لإنهاء معاناة المهاجرين. وهو ما يؤكده الشويطر لـ"العربي الجديد"، مشدداً على أنّه "لا يمكن القضاء على تهريب البشر إلّا من خلال تجفيف مصادره في الدول التي ينطلق منها المهاجرون. ويحكي عن "اهتمام حكومي لافت في ما يخصّ ضرورة محاصرة المهرّبين وقطع الطرقات الرئيسية أمامهم، لكنّهم سوف يجدون طرقات أخرى للعبور إلى الشمال. وعلى الرغم من أنّ نشاطهم سوف يقلّ بذلك بشكل كبير، فإنّ ملاحقتهم وقطع الطرقات أمامهم ليسا حلاً جذرياً".

ويرى الشويطر "وجوب أن تمارس السلطات ضغوطاً من خلال المنظمات الدولية، كالاتحاد الأفريقي، في اتّجاه إطلاق مشاريع للتنمية في الدول الفقيرة التي يضطر مواطنوها إلى الهجرة منها بعد انعدام سبل الحياة فيها". وإذ يشير إلى أنّ الخطط المحلية لتطويق نشاط المهرّبين ما زالت قاصرة، يوضح أنّها "تعتمد مداهمة الأوكار ومخازن تجميع المهاجرين من دون أن تمضي في ملاحقة رؤوس التهريب، الأمر الذي يجعل العمليات مقتصرة على اقتحام الأوكار وتحرير من فيها، فيعود بالتالي المهرّبون للنشاط بعد ذلك بساعات، خصوصاً أنّ تدفق المهاجرين ما زال مستمراً". ويشدّد الشويطر كذلك على "ضرورة نشر فرق موسّعة لمراقبة الشواطئ ومداهمة النقاط النشطة حيث يوضع المهاجرون على متن قوارب قبل الإبحار".

المساهمون