سجلت ليبيا 1279 حالة وفاة بسبب حوادث مرورية خلال النصف الأول من عام 2023، وفق إحصائية نشرتها وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، ورصدت 4184 حادثاً مرورياً في أنحاء البلاد، خلفت 1828 إصابة بليغة و1686 إصابة بسيطة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكدت وزارة الداخلية وجود ارتفاع مفرط في أعداد حوادث المرور خلال السنوات الخمس الماضية، وأن تلك الحوادث تسببت في وفاة 9245 شخصاً، وإصابات بليغة لـ11532 شخصاً، بينما بلغ عدد المركبات المتضررة 39618 مركبة.
وفي تقريرها الصادر في نهاية ديسمبر، أرجعت الوزارة تصاعد أعداد ضحايا حوادث السير إلى تهالك الطرق، والقيادة المتهورة، والقيادة تحت تأثير المخدرات، والسرعة الزائدة، وعدم الالتزام بالقواعد والإرشادات المرورية، مقرة بأن هذه الظاهرة "أصبحت تمثل هاجساً لكافة أفراد المجتمع، وأصبحت واحدة من أهم المشكلات التي تستنزف الموارد المادية والبشرية، وتستهدف مقومات الحياة، إضافة إلى ما تخلفه من مشاكل اجتماعية ونفسية، وخسائر مادية".
وأعلنت مديرية أمن منطقة البريقة (وسط شمال) وفاة تسعة أشخاص في حادث سير وقع يوم الخميس الماضي، من بينهم ثمانية أفراد من عائلة واحدة كانوا داخل سيارة اصطدمت بسيارة أخرى.
ومنذ مطلع العام الحالي، سجلت مديرية أمن العاصمة طرابلس 6 حوادث سير على طريق المطار وطريق الشط، كان من بينها حادث تصادم ست مركبات على طريق المطار، نتجت عنه إصابات بليغة وتضرر مركبات.
وتعتبر وزارة الداخلية أن سائق المركبة يتحمل 85 في المائة من المسؤولية عن الحوادث المرورية، مشيرة إلى العديد من العوامل الأخرى، وأوردت توصيات من بينها دعوة الإدارة العامة للمرور والتراخيص إلى العمل على اتخاذ الإجراءات التوعوية والوقائية اللازمة لتقليص مخاطر الأمن المروري، لكنها تجاهلت مسؤولية الجهات الحكومية حيال صيانة الطرق التي تساهم في تزايد الحوادث.
يقول عبد العاطي غربية، من طرابلس، إن تزايد أعداد الحوادث في فصل الشتاء له علاقة بسوء وضع الطرق، ويوضح لـ"العربي الجديد": "الكثير من الحوادث تقع في طريق المطار، وهو طريق واسع، ويغري السائقين بالسرعة، لكن هناك سبباً آخر هو كثرة مرور سيارات نقل مشتقات الوقود، إذ يقع مقر شركة البريقة للنفط على طريق المطار، ومع سقوط الأمطار، تتفاعل المواد اللزجة والسائلة التي تتسرب من تلك السيارات على الطريق. عندها تكون المسؤولية الأولى على الحكومة، بينما تضع وزارة الداخلية المسؤولية على السائقين".
ويتحدث غربية عن مخاطر الانزلاقات على الطرق، وتضرر المركبات بشكل مفاجئ بسبب تهالكها، مؤكداً أن "هناك صيانة للطرق، لكن سوء عمليات الصيانة يحولها إلى برك عند هطول الأمطار، فيضطر السائق إلى سلوك مسارات جانبية، أو يضطر إلى تجنب الحفر، وهذه التصرفات تتسبب في كثير من الحوادث، لكن لأن أغلبها بسيطة، لا يهتم بها أحد، فالسلطات لا تهتم إلا بالحوادث الكبرى التي تشهد أضراراً أو وفيات".
يتابع: "إشارات المرور لم يعد لها وجود للتنبيه إلى التحويلات، حتى في الطريق الساحلي الرابط بين المناطق، وبالتالي لا يمكن كبح جماح المتهورين في القيادة، وهذا لا يمكن تنفيذه بالنصائح، أو عبر إرسال إرشادات، بل عبر عقوبات ومخالفات مرورية، والحد من الفساد والمحسوبية داخل شرطة المرور".
ويتفق الضابط السابق في مرور طرابلس رجب التمتام مع ما سجله غربية من ملاحظات، لكنه في الوقت نفسه، يرى أن القيادة وأمنها مسؤولية السائق بالأساس، وأن الردع الناتج من قانون يأتي في مرتبة تالية. ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "العديد من العوامل تتسبب في ارتفاع أعداد حوادث المرور، من بينها بالطبع تهالك الطرق الذي يزيد الحوادث في فصل الشتاء، لكن السلطات، سواء في الغرب أو في الشرق، بدأت مشاريع تحديث الطرق. لكن لا يمكننا تجاهل إقبال المواطنين على شراء الإطارات المستوردة غير الآمنة، وتجاهل وضع حزام الأمان عند القيادة، والإفراط في استخدام الهواتف الجوالة التي تعد من أكثر المخالفات التي تسجلها دوريات المرور".
يضيف التمتمام: "يتوجب على السلطات إصدار تشريعات صارمة لمعاقبة المخالفين، خاصة في الحوادث التي تخلف وفيات، والتي ينبغي أن يحال أصحابها إلى محاكمات، وتعلن العقوبات بحقهم كنوع من الردع، وتحميل المسؤولية القانونية عن الانتهاكات الكبيرة لحق استعمال الطريق العام".