ليبيا: حقوق سجناء قرنادة تُنتهك

27 يناير 2022
أحد سجناء ليبيا (أحمد إيزجي/ الأناضول)
+ الخط -

في وقت تبحث ليبيا عن وسائل لتعزيز الاستقرار، ما زالت الحريات وحقوق المواطن في شرق البلاد تحت سيطرة حكم العسكر، مع استمرار اعتقال مئات المواطنين في السجون من دون محاكمة.
وأحد أبرز تلك السجون سيئة الصيت هو سجن قرنادة العسكري التابع لقيادة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي تحول إلى رمز للترهيب في كامل مناطق شرق البلاد. وبسبب سوء أوضاعه، قرر المعتقلون الانتفاض ومحاولة الفرار. وفي أغسطس/ آب الماضي، حصل تمرد في السجن حيث تمكن 29 سجيناً من الفرار.
وعلى الرغم من عدم اعتراف إدارة السجن بما حدث، إلا أنها عادت وكلفت جهاز الشرطة القضائية بفتح تحقيق في الحادثة لإرجاع الفارين إلى السجن.
وبحسب جهاز الشرطة القضائية، فقد شكلت "لجنة للتحقيق وتحديد المسؤولية في واقعة الشغب والتمرد التي أدت إلى هروب عدد من النزلاء من سجن قرنادة "، مشيراً إلى أن اللجنة تشكلت من أربعة ضباط في الجهاز. وبحسب بيان نشر على الصفحة الرسمية للجهاز مؤخراً، فإن فرع الشرطة القضائية في مدينة البيضاء حيث سجن قرنادة، عقدت اجتماعات عدة مع لجنة التحقيق ومحكمة استئناف البيضاء وفرع إدارة العمليات والامن القضائي البيضاء، موضحاً أن الاجتماعات ناقشت "الإجراءات المتخذة حيال واقعة هروب النزلاء من سجن قرنادة، والتأكيد على ضرورة الاطلاع على أوضاع السجن والقبض على الفارين وإعادتهم إلى السجن".
وتلفت الناشطة الحقوقية الليبية بدرية الحاسي إلى أن "بيان الشرطة القضائية يؤكد بوضوح وقوع كافة الأجهزة الأمنية في قبضة حفتر، ما يعني الاعتراف بشرعية السجن والعمل وفق تعليماته لملاحقة الفارين وإرجاعهم. لكن السؤال هو: هل تسيطر هذه الأجهزة الأمنية على السجن وتعرف ما يحدث فيه؟". وتؤكد في حديثها لـ "العربي الجديد" أن أياً من ضباط الأجهزة الأمنية لا يمكنه الجواب عما يدور داخل السجن، والجميع يدرك حجم الانتهاكات التي تحدث فيه والتي وصل صداها إلى منظمات دولية".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وعلى مدى السنوات الماضية، واجه سجن قرنادة انتقادات من منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان، منها منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي أكدت أنها قابلت 73 سجيناً وكشفت عن إرغامهم على الاعتراف بجرائم خطيرة تحت التعذيب. وأوضحت أن السجناء تعرضوا لانتهاكات واسعة من بينها "غياب الإجراءات السليمة والرعاية الطبية". كما كشفت عن احتجاز أطفال دون سن الثامنة عشرة داخل السجن.
ولا تعترف سلطات حفتر بوجود انتهاكات داخل السجن. إلا أن الحاسي تلفت إلى وجود الكثير من التقارير التي تؤكد حصول الانتهاكات. وتقول: "هذا ما توصلت إليه تلك المنظمات بشكل مباشر وبوسائل أخرى، من بينها العائلات التي تبلغت بوفاة أبنائها داخل السجن". وتدعي سلطات حفتر بأن "الموجودين داخل السجن هم إرهابيون وعلى علاقة بتنظيم داعش". إلا أن الناشط زايد مؤمن يؤكد أن "عدد معتقلي السجن بالمئات، ومن غير الممكن أن يكونوا إرهابيين". ويقول إن "تهمة الإرهاب جاهزة لتلصق بأي معارض لحكم العسكر. فهناك نشطاء جريمتهم أنهم عبروا عن رفض ما يحدث على صفحاتهم الخاصة على فيسبوك"، مؤكداً أن "الأمثلة كثيرة، وعادة ما تتداول وسائل الإعلام أسماء ناشطين تم اختطافهم  وتغييبهم في السجون".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويدعو مؤمن، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى ضرورة توجه الناشطين إلى القضاء لمنع إعادة الفارين إلى السجن، مؤكداً أن الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق هو مجرد غطاء لإضفاء الطابع الأمني والقانوني على عملية إرجاع الفارين. ويقول: "يجب العمل بكل الوسائل من خلال مواقع التواصل أو الترافع أمام القضاء أو الاعلام لوقف ما يرتكبه العسكر من انتهاكات". ويؤكد ضرورة الحفاظ على حق الفارين من السجن والمتواجدين داخله للوصول إلى محامين وعرض قضاياهم أمام المحاكم، وإدانة استمرار حبسهم من دون محاكمات.
وحول تلك الأجهزة الأمنية التي تشكل ذراعاً لسيطرة حفتر على مناطق الشرق، تؤكد منظمة العفو الدولية أن أعضاءها أفراد من أجهزة أمن نظام العقيد الراحل معمر القذافي السابقة، واستفادت منها قيادة حفتر في إعادة بناء وتكوين أجهزة أمنها.
وكشفت المنظمة، في تقرير لها في أغسطس/ آب الماضي، أن هذه الأجهزة الأمنية ارتكبت "انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان، من أجل إسكات المنتقدين والمعارضين، بما في ذلك احتجازهم تعسفياً، وتعريضهم للتعذيب والاختفاء القسري"، مشيرة إلى أن من بين المعتقلين نساء وأطفالا حرموا من حق اللجوء إلى القضاء.

المساهمون