وسط هتافات وشعارات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على قطاع غزة، كانت وقفة في لبنان أمام قنصلية جنوب أفريقيا بالعاصمة بيروت، اليوم الجمعة، تداعت إليها مجموعات من الناشطين والناشطات.
وتحت عنوان "من جنوب أفريقيا إلى فلسطين: سنتحرر معاً"، أتت الوقفة تأييداً للدعوى التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضدّ إسرائيل لارتكابها إبادة جماعية في قطاع غزة، ودعماً لمناشدتها اتّخاذ قرار طارئ بوقف الحرب على القطاع، وكذلك تنديداً بالتخاذل الرسمي العربي إزاء المجازر والاعتداءات على فلسطين ولبنان والمنطقة.
والمشاركون في هذه الوقفة، الذين مثّلوا أكثر من 35 اتحاداً شبابياً وهيئة وجمعية ومنظمة مدنية وحركة سياسية ونقابية، احتشدوا وهم يضعون الكوفية الفلسطينية ويرفعون أعلام فلسطين وجنوب أفريقيا ولبنان، ولافتات داعمة للمقاومة الفلسطينية تعبّر عن عمق الشكر والامتنان للدعم الذي تقدّمه جنوب أفريقيا.
وقالت رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً سيلفانا اللقيس لـ"العربي الجديد": "جئنا لنؤيّد الدعوى العظيمة التي تقدّمت بها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، لوضع حدّ نهائي للإبادة التي تُرتكب بحقّ الشعب الفلسطيني. لن نكون بأمان إن لم تكن فلسطين بأمان، فالقصة مترابطة ومتداخلة ونحن معنيّون". أضافت اللقيس: "جئنا لنطالب الحكام العرب بالكفّ عن لعب دور سيّئ يخدم الصهاينة، وبالانضمام إلى مبادرة جنوب أفريقيا في الدفاع عن فلسطين، وبالتالي وضع حدّ لإسرائيل وكلّ حلفائها المتآمرين على فلسطين".
وأكدت اللقيس أنّ هذه الوقفة في لبنان "تمثّل خطوة من مسار سوف يستمر بالشراكة بين مختلف الجمعيات والهيئات والاتحادات المعنية التي تمثّل كلّ الأطياف. وقد اتخذنا قرارنا بالوقوف مع الحقّ والعدل والسلام الحقيقي ضدّ الجريمة وضدّ كلّ المتواطئين مع إسرائيل".
بدوره، قال أمين سرّ الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً جهاد إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رسالتنا اليوم تكمن في تأييد مبادرة جنوب أفريقيا لمحاكمة المجرمين ومرتكبي الجرائم بحقّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكلّ فلسطين. لقد آن الأوان لوقف إطلاق النار بطريقة فورية وشاملة ووقف المجازر".
في الإطار نفسه، أشادت الشابة الفلسطينية إيمان عوض، من جمعية "بيت أطفال الصمود"، بـ"جهود جنوب أفريقيا ودعمها أهل غزة"، وأوضحت لـ"العربي الجديد": "اليوم جئنا لنردّ الجميل لجنوب أفريقيا ونحيّي وقفتها التاريخية مع أهل فلسطين". أضافت عوض: "ليتنا نستطيع أن نقدّم أكثر من وقفة تضامن وشكر لهذه الدولة الجبارة، التي لم تتوانَ عن مساعدتنا، في حين تقاعست الأنظمة العربية عن ذلك".
من جهتها، عبّرت الفلسطينية نور الصباح عن تقديرها لدولة جنوب أفريقيا التي "تساعد الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف من أجل وقف المأساة الإنسانية" الواقعة في قطاع غزة. وشدّدت على أنّ "من غير الممكن السكوت عن جرائم الإبادة التي تطاول أهلنا في غزة. ولا يمكن أن نغفل كذلك الدعم الذي تقدّمه لنا دول أخرى مثل لبنان واليمن". وبدت الصباح واثقة وهي تقول: "لا شكّ في أنّ النصر آتٍ لا محال".
وتخلّلت هذه الوقفة معزوفات من الموسيقى الأفريقية، في تحيّة تقدير وامتنان لدولة جنوب أفريقيا ومساعيها إلى إحقاق الحقّ والعدالة والاقتصاص من الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى إلزامه بدفع ثمن جرائمه الوحشية بحقّ فلسطين والإنسانية جمعاء.
لبنان داعماً قطاع غزة وجنوب أفريقيا
وفي بيان أصدره المشاركون في الوقفة، أجمعوا على "تأييد دعوى جنوب أفريقيا ومطالبها بوقف الحرب، في محاولة جديدة لاختراق جدار التواطؤ الدولي ومؤسساته". وأعلنوا الاستمرار بتحرّكهم الذي يأتي من قبيل "المساهمة في توسيع الحراك الشعبي في لبنان والمنطقة والعالم، من أجل الضغط على حلفاء إسرائيل الذين يمارسون كلّ وسائل الضغط على قضاة محكمة العدل الدولية، ولا يمارسون أيّ ضغط على حليفهم الكيان الصهيوني لوقف حرب الإبادة".
أضاف هؤلاء في بيانهم: "لا نستغرب عدم تحرّك الأنظمة في المنطقة من أجل اتّخاذ إجراءات عملية باستخدام أسلحة الاقتصاد، بما فيها النفط والغاز ومقاطعة الشركات والمؤسسات الدولية الداعمة لإسرائيل، وكذلك استخدام كلّ الأسلحة الممكنة لوقف الإبادة في غزة والاعتداءات على شعوب لبنان واليمن والمنطقة بأسرها".
وتابعوا: "إنّنا نرى التواطؤ، بل الشراكة أحياناً مع الكيان الصهيوني أو مع رعاته من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، وعلى رأسهم بريطانيا وألمانيا وفرنسا. من هنا، المقاومة الفلسطينية هي الأساس في وجه المستعمر الإسرائيلي جنباً إلى جنب المقاومات في محيط فلسطين، إذ يمكن للإرادات الشعبية في المنطقة وترابطها، لو تُرجِمت إلى خطوات عملية، أن تردع المجازر والإبادة الإسرائيلية، لكنّها أنظمة باتت وكيلة للاستعمار، تقمع الإرادات الشعبية بالتحرّر".