عادت قضية انتشار التهاب الكبد الفيروسي من نوع "أ"، المعروف باليرقان أو الصفيرة، إلى التفاعل في شمال لبنان، بعد تحذير نقيب أطباء لبنان - بيروت يوسف بخّاش، يوم أمس (الإثنين)، من "سرعة انتشار المرض وضرورة توفير اللقاح المضاد وحصر تفشّي العدوى"، أضف إلى ذلك دعوة نقيب الصيادلة في لبنان جو سلوم إلى "إعلان حالة طوارئ صحية في البلاد، لا سيّما أنّ اللقاحات (ذات الصلة) المدعومة مفقودة".
وقد أتت تصريحات النقيبَين بعد أكثر من أسبوع على تسجيل حالات مؤكّدة باليرقان في مدينة طرابلس (شمال)، لتثير بلبلة وحالة من الخوف والقلق في صفوف اللبنانيّين والمقيمين. وفي هذا الإطار، أفاد مصدر طبي "العربي الجديد"، بأنّ الأمر "ليس إلا محاولة استغلال بعض الجهات الواقع المتأزّم، والدفع في اتجاه استيراد اللقاحات المضادة لهذا المرض وطرحها في الأسواق بحسب سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية".
وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قد أعربوا عن قلقهم من تفاقم الوضع الصحي، وسط الأزمة المعيشيّة الخانقة وتدهور القطاعَين الطبي والاستشفائي في البلاد. وطُرح تساؤل: "كيف للمواطن أن يؤمّن المياه النظيفة أو أن يغليها، وهو بالكاد يستطيع شراء قارورة غاز؟ وكيف له أن ينعم وأطفاله بالصحة، وحقوقه البديهيّة من مياه وكهرباء وغذاء ودواء مهدورة منذ سنوات عديدة؟".
بس #للمتفاجئين: تم الإبلاغ عن 10400 حالة إصابة بالتهاب #الكبد أ في لبنان بين عامي 2005 و 2017… و بيقلولوا عن #اليرقان #بطرابلس اول مرة و اسقط من ايديهم … و كمان ما في طعم … لانو ما صارت من قبل على ما يبدو 🤦🏻♂️.. السنة الماضية صارت #بالبقاع .. شو الذاكرة ضعيفة؟!! #الله_يعين https://t.co/QsebNBF3Ws
— II-Kassem | د. عصمت قاسم (@Dr_IKassem) June 14, 2022
وفي سياق متصل، شدّد مدير العناية الطبية في وزارة الصحة العامة اللبنانية جوزيف الحلو، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أنّ "العدد الفعلي للإصابات المسجّلة منذ بدء انتشار الالتهاب حتى اليوم يبلغ 174 حالة محصورة ضمن نطاق مدينة طرابلس، وتُعالج في خارج المستشفيات. لذلك، لا داعي لإثارة الذعر، إنّما المطلوب استقاء المعلومات من مصادر وزارة الصحة حصراً، والالتزام بالوقاية والنظافة الشخصية. كذلك فإنّه من الضروري وضع خريطة طريق لكلّ الوزارات، عوض تصويب السهام في اتّجاه وزارة الصحة العامة".
وإذ أبدى استغرابه من الدعوة إلى إعلان حالة طوارئ، قال الحلو: "لقد أعلنّا كوزارة، منذ الأسبوع الماضي، حالة الطوارئ. وبخصوص الحديث عن اللقاحات المفقودة، هي أصلاً لم تكن مدعومة من قبل الوزارة، كونها ليست إلزاميّة. والوزير هو من يقرّر مسألة توفير اللقاح من عدمه".
الوقاية: النظافة الشخصية(غسل اليدين قبل الطعام و بعد الحمام)،شرب مياه نظيفة، غسل الخضار والفاكهة جيدًا، يمكن أخذ اللقاح قبل الإصابة. من أبرز الأعراض اليرقان(إصفرار الجلد و بياض العينين)
— Fatima Aoun (@FatimaAoun17) June 13, 2022
وفي بيانه، حذّر بخّاش من سرعة انتشار المرض، قائلاً: "إنّه مرض شديد العدوى يؤدّي في حالات استثنائية إلى تقصير في عمل الكبد".
وعزا أسباب انتشاره بهذه السرعة إلى "نقص المياه الصالحة للشرب وسوء الصرف الصحي والنظافة العامة. والأسوأ أنّ فترة حضانته تمتدّ من 15 إلى 50 يوماً".
ونصح بـ"ضرورة الوقاية والنظافة الشخصية من ناحية غسل اليدَين جيّداً بعد استخدام المرحاض وقبل تحضير الطعام أو تناوله، واستخدام المياه الموثوقة للشرب ونظافة الخضار والفاكهة، والعمل على توفير اللقاح المضاد، وإجراء حملة تحصين استباقية".
وأوضح بخّاش أنّ "الكشف المبكر أولوية، على اعتبار أنّه يؤدّي لعزل المصابين وحصر تفشّي العدوى".
من جهته، كان سلّوم قد أشار في حديث إذاعي إلى أنّ "اللقاحات المدعومة مفقودة، لذلك يجب إعلان حالة طوارئ صحية، ليس فقط في طرابلس (شمالاً)، إنّما في كلّ لبنان، لعدم تفشّي الوباء".
وهو ما دفع وزارة الصحة العامة إلى إصدار بيان، جاء فيه: "بعد تداول وسائل الإعلام معلومات عن عدد الحالات المصابة باليرقان (التهاب الكبد الفيروسي - أ)، تعلن الوزارة أنّ العدد الفعلي للإصابات المسجّلة منذ بدء انتشار الالتهاب حتى اليوم يبلغ 174 حالة؛ وتذكّر بأنّها واكبت الموضوع منذ ظهوره وأعلنت ذلك بشفافية مطلقة، وهي ما زالت تأخذ العيّنات وتجري التحقيقات اللازمة لتبيان سبب انتشار الالتهاب الذي لم يُحسم بشكلٍ نهائيّ بعد".
ودعت الوزارة "المواطنين والمعنيّين إلى استقاء المعلومات منها حصراً"، وأعلنت أنّها "ستصدر نشرة يومية عن اليرقان، كما هو حاصل بالنسبة لوباء كورونا، وذلك للإفادة بالمعطيات والأرقام الحقيقية للحالات الموجودة".
تجدر الإشارة إلى أنّ مؤسّسة مياه لبنان الشمالي كانت قد أعلنت قبل أسبوع أنّ "مياه المؤسّسة خالية من أيّ ملوثات جرثومية، كما أنّها نظيفة وصالحة للشرب والاستعمال المنزلي، وفق ما أظهرت نتيجة الفحص".
وكانت بلدية طرابلس قد كشفت في تقرير سابق لـ"العربي الجديد"، أنّ "انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة قرابة 10 أيام، وبالتالي توقّف مضخّات شبكة المياه العامة، دفع سكان المناطق الشعبية إلى استهلاك مياه غير معروفة المصدر، ربّما تكون ملوّثة".