لبنان: تضافر وطني للتبرع بالدم

18 سبتمبر 2024
أحد المتبرعين بالدم في الضاحية الجنوبية لبيروت (محمد سلمان)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **كارثة جديدة في لبنان:** انفجار أجهزة لاسلكية بيد عناصر من حزب الله أدى إلى 2800 جريح، مما أعاد مشهد انفجار مرفأ بيروت 2020. استجابت فرق الإسعاف من الصليب الأحمر وكشافة الرسالة والهيئة الصحية.

- **تضافر وطني وتبرع بالدم:** استجاب اللبنانيون بشكل كبير لنداءات التبرع بالدم، وأقيمت خيام للتبرع في بيروت والجنوب والبقاع. أنشأ شبان من الضاحية الجنوبية خيامًا لتأمين وحدات الدم وتوزيعها.

- **جهود الصليب الأحمر:** نقل الصليب الأحمر 150 وحدة دم وفتح جميع مراكز التبرع. أمّن 133 سيارة إسعاف لنقل الجرحى، وأشار إلى حاجته لوحدات دم من فئة O Negative.

الكارثة التي شهدها لبنان يوم أمس وسقوط آلاف الجرحى نتج عنهما تضافر وطني تجلى في إقدام الكثير من اللبنانيين على التبرع بالدم.

يعيد مشهد عدد الجرحى والمستشفيات المكتظة في لبنان، بعدما انفجرت أجهزة لاسلكية لتلقّي الإشعارات "بيجر"، بصورة متزامنة في أيدي عناصر من حزب الله، في هجوم غير مسبوق في مناطق مختلفة، ما أدى إلى سقوط حوالي 2800 جريح، المشهد الذي أعقب انفجار مرفأ بيروت عام 2020. امتلأت ممرات المستشفيات بالجرحى، فيما استجابت فرق الإسعاف الصحية التابعة للصليب الأحمر اللبناني وكشافة الرسالة الإسلامية (جهاز دفاع مدني) والهيئة الصحية الإسلامية لنداءات المصابين. 
وتوزّع الجرحى على المستشفيات في بيروت والجنوب والبقاع. وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي نداءات للتبرع بالدم. وكثرت المبادرات الفردية والجماعية في الشوارع اللبنانية، وأنشئت خيام للتبرع بالدم في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي منطقة طريق الجديدة في بيروت. واحتشد عدد كبير من المواطنين أمام مستشفى المقاصد للتبرع، بعدما انتشرت فيديوهات للمواطنين في طريق الجديدة تُطالب بوضع الخلاف السياسي جانباً والاستعداد لمساندة الجرحى، وهو ما ينسحب على مستشفيات عدة في طرابلس وعكار وصيدا وصور.
وعلى الرغم من الانقسام السياسي والسجالات على مواقع التواصل الاجتماعي، لبى اللبنانيون النداءات للتبرع بالدم. وتضافرت الجهود لتأمين مراكز للتبرع ونقل وحدات الدم إلى المستشفيات أو بنك الدم لدى الصليب الأحمر اللبناني. وعمد الشاب أحمد جابر إلى التبرع بالدم في أحد مستشفيات الضاحية الجنوبية، التي كانت تعج بالمتبرعين ولم تعد قادرة على استيعاب المتبرعين. وأنشأ شبان من الضاحية الجنوبية خيمة لتأمين وحدات الدم من المتبرعين وتوزيعها على المستشفيات. كما أقيمت خيمة على أوتوستراد هادي نصر الله في الضاحية الجنوبية أشرف عليها ممرضون ومسعفون، وتوافد إليها المواطنون للتبرع بالدم.  
ويقول جابر لـ"العربي الجديد" إن "الأمر إنساني، ولا يمكننا الوقوف متفرجين أمام مشاهد الجرحى. كان هناك اندفاع لتأمين فئات الدم اللازمة". واستغل صفحته الشخصية على موقع "إنستغرام" للمناشدة بالتبرع بالدم، مشيراً إلى أن التفاعل كان كبيراً. وكانت سيارات الإسعاف حاضرة في الجنوب والبقاع وبيروت لنقل المصابين وتوزيعهم على المستشفيات. ويقول مفوض الدفاع المدني المركزي في كشافة الرسالة الإسلامية ربيع عيسى، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "كانت هناك جهوزية للكوادر الإسعافية للتعامل مع الحدث. لم نستوعب العدد الهائل للمتبرعين بالدم، وقمنا بتوجيههم إلى المستشفيات التي تستقبل الإصابات الحرجة. أنشأنا مستشفيين ميدانيين في مدينتي صور وقانا (جنوب لبنان) لمعالجة الحالات التي لا تستدعي دخولاً إلى المستشفى". 

ولدى سؤاله عن حالات الإرباك الناتجة عن العدد الكبير من المتبرعين التي ربما أعاقت عمل الفرق الإغاثية، يوضح عيسى أن "ما حصل هو أخف وطأة من التعامل مع تجمهر المواطنين لدى حدوث غارات وانفجارات. استخدم الدفاع المدني 380 سيارة إسعاف، وعالج 970 حالة طارئة في مستشفيين ميدانيين". 
من جهته، يقول الصليب الأحمر اللبناني إنه "نقل 150 وحدة دم إلى المستشفيات، وفتح جميع مراكز التبرع بالدم وتلك التي شهدت زحمة خانقة وأعداداً كبيرة من المواطنين". ويشير الصليب الأحمر إلى أن "جهوزيته كانت عالية نظراً إلى الحوادث المماثلة التي تعرض لها لبنان، لا سيما خلال انفجار مرفأ بيروت لناحية حجم الإصابات وإشغال المستشفيات. وأمّن الصليب الأحمر 133 سيارة إسعاف خصصت لنقل الحرجى إلى المستشفيات، ونقل بعض الحالات الحرجة من مستشفى إلى آخر. كما يعمل على تأمين نقل بعض الحالات من المستشفيات إلى البيوت. وهناك 177 سيارة إسعاف موضوعة ميدانياً بالتصرف لمزيد من المهام".

خلال جمع وحدات الدم لإرسالها إلى المستشفيات (محمد سلمان)
خلال جمع وحدات الدم لإرسالها إلى المستشفيات (محمد سلمان)

ويشير الصليب الأحمر اللبناني إلى حاجته الى وحدات دم من فئة O Negative، وخصوصاً أنه يمكن نقلها للجرحى الذين لا يعرف فئة دمهم. ويعمل الصليب الأحمر على استقبال وحدات الدم من مراكز الجمعيات الإسعافية في المناطق، ليصار إلى فحصها والتأكد من سلامتها وتوزيعها على المستشفيات. 
بدوره، يقول مسؤول الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية في جنوب لبنان عبد الله نور الدين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل حدث استثنائي استدعى تضافراً للجهود بين الطواقم الصحية على الأرض. وهب المواطنون للتبرع بالدم من مختلف الانتماءات السياسية، ونقل العديد من الإصابات إلى مستشفيات في بيروت. وعلى الرغم من الحدث الكبير، كان هناك تعاون ميداني لتنسيق المهام ومعالجة المصابين". 

صودف وجود الشاب الجنوبي عبد الله سعادة والناشط على مواقع التواصل الإجتماعي، ولقبه "طرزان"، في مستشفى النبطية الحكومي حين بدأ الأخير في استقبال الجرحى. وكان أحد أوائل المتبرعين بالدم مع صديقه في المستشفى، وراح يحث الناس عبر صفحاته على مواقع التواصل الإجتماعي على التبرع  بالدم في كافة المناطق. وأخذ على عاتقه تنظيم المتبرعين وتأمين بعض المشروبات لهم ومساعدة الطواقم الطبية. يقول سعادة لـ"العربي الجديد" إن ما حصل "يعكس مشهداً إنسانياً لافتاً تجلى في معظم المستشفيات". تلقى سعادة اتصالات من مواطنين من شمال لبنان يسألون عن مراكز للتبرع في طرابلس (شمال)، فأرشدهم إليها. 
وكان المشهد مماثلاً في طرابلس. ويقول عبد الرحمن بوشيه لـ"العربي الجديد" إن "ما حصل هو تكاتف وطني كبير، وهذا أمر طبيعي وإنساني حين يتوجب علينا تقديم المساعدة". طرابلس استقبلت المتبرعين في مستشفى هيكل، وساهم المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي في إطلاق النداءات للتبرع بالدم، وسط شجب لما قام به العدو الإسرائيلي بحق اللبنانيين".

المساهمون