تزايد عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا الجديد، في ليبيا، في الأيام القليلة الماضية، بوتيرة أسرع من ذي قبل، وسط تحذيرات مسؤولين صحيين من مغبة تفاقم الوضع الوبائي وخروجه عن السيطرة، على مستوى البلاد
بلغ إجمالي الإصابات بفيروس كورونا الجديد في ليبيا، بحسب الإعلان الرسمي الأخير 151 ألفاً و605، من بينها 10.787 إصابة نشطة، فيما تعافى 138 ألفاً و312، وتوفي 2506 أشخاص. أرقام الإصابات والوفيات تسارعت في الأيام الأخيرة، ما دفع عدداً من البلديات لفرض حظر التجول لفترات مختلفة، فيما أعلنت اللجنة العليا لمكافحة الوباء، في بنغازي، فرض حظر التجول لمدة أسبوعين. يؤكد فادي الفرطاس، مدير مستشفى الهواري في بنغازي، أنّ المستشفى "فقد القدرة على التحمل" مشيراً إلى أنّ غرف العناية المركزة فيه ممتلئة ومعدل استهلاك الأوكسجين تضاعف خمس مرات. يضيف الفرطاس، في تصريحات صحافية، أنّ هناك عدداً كبيراً من إصابات كورونا "بصورة مخيفة حتى بين صغار السن". وحول عمل الفريق الطبي في المستشفى، يقول: "نقاوم كي لا تنهار معنوياتنا. أجسادنا تنهار، حين يتمكن الفيروس من رئات المصابين ونضطر لإدخالهم في غيبوبة اصطناعية".
ولا يعيش مستشفى الهواري وحده هذا الوضع "بل العديد من المستشفيات ومراكز العزل في مختلف مدن ومناطق البلاد" بحسب الطبيب رمزي أبوستة. يعيد، في حديثه إلى "العربي الجديد" الانهيار الذي تعيشه المراكز الصحية في البلاد إلى سببين؛ الأول الإهمال الحكومي، والثاني الإهمال والتسيب الشعبي في التقيد بالإجراءات الاحترازية. يضيف: "نحن الآن أمام خطر حقيقي بعد تسجيل 15 إصابة بنسخة جنوب أفريقيا المتحورة من الفيروس الأسبوع الماضي، وقبلها 32 إصابة من النسخة البريطانية". ويعبر أبوستة عن مخاوفه من تسرب النسخ المتحورة الجديدة للفيروس إلى المناطق البعيدة التي لا تتوفر فيها أيّ إمكانات. وتفتقر أغلب المراكز الطبية إلى أدوات الحماية الشخصية للأطباء، بحسب أبوستة، كما أنّ الحكومة الجديدة ما زالت تعالج وضع اللجنة العليا لمكافحة الوباء بعد قرار حلّها وتعيين بديل عنها.
وأعلنت بلديتا جادو وكاباو، أقصى الغرب الليبي، حالة الطوارئ في مناطقهما، مع منع التجمعات كافة، كالأفراح والمآتم، وإغلاق المدارس، لمدة أسبوع. أما في بلدية براك الشاطئ، جنوبي البلاد، فقد أعلنت اللجنة المحلية لمكافحة الوباء أنّ الوضع الوبائي في المنطقة "خرج عن السيطرة". وبحسب بيان للبلدية، السبت الماضي، فإنّ مركز العزل الوحيد هناك مقفل بانتظار توفير الإمكانات، مشيراً إلى أنّ الفرق الطبية تتابع الحالات المرضية في المنازل وتشرف على برنامج العزل المنزلي للمرضى، فيما تتولى البلدية الإشراف على نقل الحالات المستعصية إلى مراكز العزل في المناطق القريبة.
ومن المخاوف التي يلفت إليها أبوستة، الفراغ الحاصل حالياً بسبب الوقت الذي تحتاجه اللجنة الحكومية الجديدة لترتيب أوضاعها للوصول الى المناطق البعيدة وتوفير الإمكانات، خصوصاً أنّ هناك حاجة ملحّة لزيادة عدد مراكز العزل والقدرة الاستيعابية للمتوفر منها. ويقول إنّ الاستحقاقات كثيرة أمام الحكومة فمنها "ضرورة توفير أجهزة التنفس والأوكسجين اللازم للمرضى، كما أنّ أغلب مراكز العزل تعاني من عدم توفر شركات متخصصة في نقل النفايات الطبية والتخلص منها بالطرق المبينة في البروتوكولات المتعارف عليها". يضيف: "أيضاً، تعاني المراكز الطبية من مشاكل انقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ ولعدة ساعات، ما أجبر عدداً منها على إقفال أبوابها، ممتنعة عن تحمل أيّ مسؤولية تجاه المرضى".
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد دبيبة، قد تعهد، في تصريحات سابقة، بتوفير اللقاحات ضد الفيروس بأسرع وقت ممكن، واعترف بمسؤولية الحكومة قائلاً: "لم نفعل شيئاً لمواجهة الوباء، فالجهود كثيرة والنتائج صفر، مع أنّنا أنفقنا مبالغ كبيرة" مؤكداً على أنّ حكومته تعمل على "التفكير بطريقة مختلفة في إدارة الأزمة، علماً أنّ ليبيا تأخرت كثيراً في هذا". جاءت تعهدات رئيس الحكومة بعد أيام من إطلاق المركز الوطني لمكافحة الأمراض، الحكومي، مطلع الشهر الجاري، منصة إلكترونية لمساعدة المواطنين في التسجيل للحصول على اللقاح، لكنّ المركز شكا الأسبوع الماضي، من ضعف إقبال المواطنين على التسجيل عبر المنصة.
ويكتنف الغموض ملف توريد اللقاحات، بسبب التصريحات المتضاربة بشأن موعد وصوله إلى البلاد، ما حدا بنقابة الأطباء للمطالبة بفتح تحقيق في القضية، أعقبها قرار حكومي بحلّ اللجنة العليا لمكافحة الوباء في إطار مكافحة الحكومة الجديدة الفساد المستشري في مفاصل الدولة. لكنّ أبوستة يتساءل: "وما علاقة حلّ اللجنة والفساد، في عدم إقبال المواطنين على التسجيل في المنصة الإلكترونية؟" معتبراً أنّ الإهمال الذي يعيشه المواطن مقابل زيادة الإصابات، هو من العوامل الإضافية المساهمة في تفاقم الوضع الوبائي.