فقراء غزة في كارثة غلاء "مبررة"

14 ديسمبر 2021
أسر غزة تشتري سلعها بصعوبة كبيرة (محمد الحجار)
+ الخط -

قبل شهرين صدم ارتفاع أسعار السلع والمواد التموينية أبناء قطاع غزة الذين اعترضوا على هذا الواقع الذي أضيف إلى ضغوط ظروفهم الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسبة الفقر في صفوفهم. لكن أصواتهم لم تلقَ آذاناً صاغية لدى الجهات المعنية التي بررت ما يحصل بارتفاع الأسعار عالمياً، وتكاليف نقل البضائع بسبب جائحة كورونا
وقالت وزارة الاقتصاد في غزة: "شهدت أسعار سلع مثل العدس والسكر والزيت والقمح والزيوت النباتية والقهوة والبقوليات ارتفاعاً طفيفاً. ونحن نرصد هذه الأرقام ونراقبها كي لا تتخطى المستوى المحدد والمتوقع لتأمين معيشة الغزيين". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

لكن هذه التوضيحات لم ترضِ الغزيين الفقراء والأسر التي تسكن في مخيمات، والذين اضطروا إلى الاعتماد على وجبات مأكولات غير مكلفة وذات جودة أقل من تلك المستوردة غير المحلية. وبحلول الشتاء، واجه الغزيون أيضاً غلاءً في أسعار الخضروات والفواكه.

بحث عن "الجودة السيئة"
يوضح أبو أحمد رمضان (50 عاماً)، المقيم في مخيم جباليا والذي يعمل موظفاً في حكومة غزة ويتقاضى نصف راتبه الشهري حالياً بسبب الأزمة المالية وعدم دمج موظفي القطاع في سلسلة رواتب السلطة الفلسطينية، أنه اعتاد على شراء 7 كيلوغرامات من كل من حبوب العدس والفول والأرز شهرياً في فصل الشتاء، لكنه يدفع حالياً ضعف المبلغ مقارنة بالعام الماضي للحصول على الكميات ذاتها، علماً أن أسرته تتألف من 14 فرداً ويعيش معهم أبنه الأكبر وزوجته وأحفاده.

الصورة
أولياء الأمور قد يجوعون لتأمين غذاء أولادهم (محمد الحجار)
أولياء الأمور قد يجوعون لتأمين غذاء أولادهم (محمد الحجار)

ويخبر "العربي الجديد" بأنه اشترى في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي معلبات جاهزة "لأنها أرخص رغم أنها جودتها سيئة"، ويشير إلى أن أسرته "ألغت أطباقاً اعتادت تحضيرها، وبينها تلك التي تتضمن لحوماً ودواجن دأبنا على تناولها مرتين شهرياً، لكننا بتنا لا نستطيع مواجهة الغلاء بعد الأزمة".
يضيف: "ترفع دول العالم الرواتب حين تواجه الغلاء، لكن شيئاً لا يتغير في غزة، ما يجعل الفقير أكثر فقراً. الموظف الحكومي والعامل وفئات أخرى أصبحوا على خط الفقر، ولا يستطيعون مواجهة أي غلاء إضافي لأنهم في كارثة".

الصورة
السلع والخضروات الأقل ثمناً على موائد الأسر (محمد الحجار)
السلع والخضروات الأقل ثمناً على موائد الأسر (محمد الحجار)

بيع المساعدات توقف
وبعدما دأبت بعض العائلات اللاجئة على بيع المساعدات الغذائية التي تتلقاها دورياً من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة، من أجل تأمين مصاريف منزلية أخرى، يرفض كثر بيعها حالياً، بتأثير ارتفاع أسعار المواد التموينية. وقد أثر ذلك أيضاً على خيارات عائلات فقيرة كانت تشتري هذه المساعدات من محلات تنتشر قرب مراكز توزيعها، لأنها أرخص من تلك الموجودة في الأسواق.
ويقول سليمان موسى (60 عاماً)، الذي يعيش مع عائلته وأبنائه وأحفادهم في منزل يضم 16 فرداً بمخيم الشاطئ، لـ"العربي الجديد": "أتقاضى مساعدات من وزارة التنمية الاجتماعية، ويعمل ابني الأكبر في مخبز، لكننا تضررنا كثيراً من الغلاء، وبتنا نطهو السلع والخضروات الأقل ثمناً التي نستطيع إحضارها من السوق".

الصورة
مبررات السلطات لم ترضِ الغزيين الفقراء (محمد الحجار)
مبررات السلطات لم ترضِ الغزيين الفقراء (محمد الحجار)

ويتابع: "استغنت عائلات كثيرة عن شراء العدس وبعض البقوليات التي ارتفع ثمنها. وفي منزلنا، نعد مثلاً وجبة الخبز مع حساء الدجاج وبضعة بيضات يعتبر سعرها أرخص من البقوليات. ويحضر ابني الخبز من المخبز الذي يعمل فيه مجاناً، وخبزاً يابساً كي نعده على شكل فتة".
في المقابل، يعتبر بلال عوض الله، وهو تاجر مواد تموينية، أن التجار يعيشون أسوأ فترة في السوق بسبب الغلاء وفرض الضرائب التي لم تخفضها الجهات الرسمية، ويقول لـ"العربي الجديد": "اعتادت أسر كثيرة على الحصول على ديون تسددها في بداية كل شهر، لكن بعضها يتهرب اليوم من دفع الديون بسبب الفقر وارتفاع سعر بعض البضائع بنسبة أكثر من مائة في المائة عن العام الماضي، وبنسبة تراوح بين 20 و40 في المائة في الشهرين الأخيرين". 

من جهته، يخشى أحمد غبن (38 عاماً)، من استمرار الغلاء وعدم تحسن الوضع الاقتصادي، ويقول لـ"العربي الجديد": "أتخوف من عدم قدرتي على توفير البقوليات اللازمة وسلع أخرى لطفليّ، مثل الحليب الذي ارتفع سعره. نشتري سلعنا بصعوبة كبيرة، وأنا عامل بأجر يومي. وبعد الغلاء سأضطر إلى أن أجوع مرات كي أؤمن غذاء طفليّ، وقد بحثت عن عمل ثانٍ الى جانب عملي، لكنني لم أجد".

المساهمون