وحيدة لا تفارقها العبرة والدموع، تحاصرها ظروف الحياة الصعبة، تعيش فاطمة مناع الحلبي النازحة من قرية حيش في ريف إدلب الجنوبي على ما تيسر من طعام لها ولأطفالها، بعد هجران زوجها لها، حيث تركها وحيدة بقدم مبتورة وولد مصاب، ولا تعلم عن زوجها شيئاً.
تتحدث الحلبي لـ"العربي الجديد" عن مأساة تعيشها بلا حول ولا قوة، تقول: "نزحنا إلى مخيم عابدين عام 2017 أُصبت بقصف الطيران المروحي وبُترت رجلي، أصيب ابني الكبير أيضا وهو يعالج في تركيا".
وتتابع "القصف حدث في أيام الشتاء لم أسمع الطائرة لم أشعر بنفسي إلا وأنا على الأرض وابنتي عمرها 8 أشهر، لم أتأثر لمصابي كثيرا كنت مشغولة بحال ابني، طلبت منه أن يأخذ أخته ويغادر ويتركني، لكنه قال لي إما أن نعيش معاً أو نموت معاً.. لم يتركني".
فاطمة الحلبي: أستطيع تحمل الألم وكل شيء ولكن همي الوحيد أن أفي بديوني وأطعم أطفالي
تضيف "سابقا الوضع كان أفضل وكان هناك من يمد يد العون لي، ولكن منذ عامين لم تعد هناك مساعدات ليس لدينا سلة غذائية أو كرفانة، الرجال يبكون هنا، فماذا أفعل وأنا عاجزة"، أما عن زوجها فتقول "منذ أصبت لم أعرف شيئا عن زوجي، تركني وترك أطفالي وذهب، تخلى عني، ترك حملا يفوق طاقتي، ليس لدي عمل، وكل شيء غال هنا، لا أحد يمد يد العون لي، أريد أن ينظر لي أحد، الديون تراكمت علي والأطفال جوعى، كان لدي سبعة إخوة استشهدوا في الثورة وأصبحت بلا أهل لي أو زوج، ولا أستطيع العمل".
وتردف "الماء نشتريه كل أسبوع ونحصل عليه مرة واحدة، أنفق 600 ليرة تركية على الأدوية فأنا مصابة بمرض في القلب وأحتاج إلى عملية قسطرة".
تقول الحلبي: "أستطيع تحمل الألم وكل شيء ولكن همي الوحيد أن أفي بديوني وأطعم أطفالي، يقفون على الشباك ويلومونني. أبكي، أشعر بالذل، ليست هناك إنسانية"، واصفة حالها مع أصحاب البقالات: "يقولون إني كاذبة وإني لم أفِ بالوعد ولم أسدد ديوني، أطلب أن أعيش بإنسانية، لا أريد أن أشعر بالذل، ليس لدينا طعام أقسم أن الأطفال يفتون الخبز ويأكلون، لم تمر علي عيشة صعبة كالذي نعيشه اليوم، الوضع سيئ للغاية".
تعجز الحلبي عن تلبية احتياجات أطفالها وأبسط أحلامهم، قائلة: "إذا أتى بائع بوظة أشعر بالزعل على أطفالي لأنهم لا يستطيعون شراء ما يشتهونه"، أما العيد فهو فصل جديد من المعاناة "في العيد بكى أطفالي يريدون ملابس للعيد، والتي اضطررت لشرائها بالدين وهو ما يعرضني للمهانة".