تتجهز المطاعم والفنادق والأماكن الترفيهية والمجمعات التجارية والعديد من المرافق العامة والمناطق الحيوية في قطاع غزة، لاستقبال عام 2023، عبر تعليق أحبال الإضاءة الملونة، وتزيين الأشجار المُقابِلة، في مُحاولة لصنع أجواء، تتوافق مع العام الجديد وجذب الزبائن.
وفي الشوارع الرئيسية، تبدو الحركة المرورية أكثر نشاطاً، وخاصة مع حلول ساعات المساء، التي يتجه فيها المواطنون إلى شراء حاجياتهم، خاصة مع عروض التصفيات التجارية، التي تزداد في الأيام الأخيرة من كل عام، والتي تعرض فيها المحال والمؤسسات التجارية بضائعها بأسعار مخفضة.
وتتزيّن واجهات المحال التجارية في حيّ الرمال وسط المدينة، بالإضاءة، إلى جانب الملابس والإكسسوارات المنزلية المُخصصة لاحتفالات رأس السنة، وتمتد الحركة النشطة إلى المولات المُحيطة، كذلك من الناحية الشرقية، وصولاً إلى شارع عُمر المُختار الحيوي، الذي تبدو فيه الحركة أكثر نشاطاً.
أما في المنطقة الغربية من مدينة غزة، فتبدو التحضيرات والتجهيزات أكثر حضوراً، إذ تتجهز الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية، بالإضاءة والزينة المُشَكّلة على هيئة رقم 2023، وذلك استعداداً لليلة رأس السنة، التي تنتظرها تلك المرافق لزيادة نشاطها، وتتبارى خلالها في تنظيم الاحتفالات الغنائية والطربية، والمُسابقات، والجوائز، والعروض الترفيهية والفنية، ووصلات الدبكة الشعبية الفولكلورية، في استقبال العام الجديد.
ولا تقتصر الزينة على المرافق العامة والمحال التجارية والأهداف الربحية فقط، إذ تتزين واجهات بعض المباني بالإضاءة الملونة، كذلك المداخل الخاصة ببعض المباني السكنية، في مُحاولة لخلق أجواء إيجابية، هرباً من الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها قطاع غزة.
وفي المقابل، لا تبدو الزينة واضحة أمام واجهات المحال الصغيرة، أو المناطق الشعبية البسيطة، أو حتى المرافق الكبيرة التي لا تهتم بالتجهيز أو التزيين لاستقبال العام الجديد، بسبب الأوضاع الصعبة التي يسببها الحصار الإسرائيلي المتواصل والخانق على القطاع منذ عام 2006.
وفي مُفارقة واضحة بين شوارع غزة ومناطقها، فإن بعض المناطق تضُج بالتجهيزات والتحضيرات استقبالاً لعام 2023، فيما لا تعير مناطق أخرى بالاً لهذه المُناسبة، وهناك بعض المناطق ذاتها، التي يتجهز شق منها لاستقبال العام، فيما لا يحمل شقه الآخر أي ملمح من ملامح التزيين.
وتتعدد الأسباب التي تدفع إلى ذلك التباين والتناقض في القطاع، خلال مراسم التجهيز والتزيين لاستقبال العام الجديد، إذ لا يقتنع البعض بتلك المظاهر، فيما لا تُمكّن الأوضاع الاقتصادية الصعبة البعض الآخر من مواكبتها.
ويقول الفلسطيني عطا صلاح، إن عام 2022، تميز باشتداد الحِصار على قطاع غزة، ما سبّب مُضاعفة الأزمات التي يمرّ فيها أهله، وفي مقدمتهم الشباب، الذين لم يتمكنوا من تحقيق أبسط أمنياتهم، التي تتعلق بتوفير عمل، إذ يعمل نسبة منهم بأجور متدنية، قد تصل إلى 15 شيكلاً بعد يوم عمل مرهق، ولا يمكّنه ذلك الدخل من الزواج، أو من الحياة الكريمة. (الدولار يُساوي 3.5 شيكلات تقريباً).
وبأسلوب عفوي، يأمل صلاح، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن يحمل عام 2023 الأخبار السارة التي تعمّ بالخير على الشباب، ومختلف شرائح الشعب الفلسطيني، وأن يُرفَع الحصار، ويُزال الاحتلال الإسرائيلي، حتى يتمكن الشباب من العمل في وطنهم، بدلاً من الموت خلال رحلة الهجرة خارجه.
أما الفلسطينية فاطمة أبو عاصي، التي تدرس اللغة الإنكليزية وأدبها في الجامعة الإسلامية بغزة، فقد كان عام 2022 عاماً لطيفاً على المستوى الدراسي، فيما اقتصرت أمنياتها في العام الجديد على التخرج من الجامعة، وأن يلاقي مشروعها الدراسي التوفيق والنجاح.
وتتمنى أبو عاصي خلال حديثها مع "العربي الجديد" كذلك، أن يتحسن الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للناس في قطاع غزة، وأن تعود العلاقات الاجتماعية بين الناس إلى سابق عهدها، حيث ساهم الانقسام الفلسطيني، والحصار الإسرائيلي، في خلق فجوة بينهم، وتقول: "أتمنى ألا يقطع أحد صلة رحمه في العام الجديد".
وفي السياق، يقول الفلسطيني وسام أبو كويك، لـ"العربي الجديد" إن عام 2022 مرّ صعباً على أهالي قطاع غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي، وأجواء التصعيد التي شهدها، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المُتردية، التي أثرت على مُختلف نواحي الحياة.
ويرجو أبو كويك أن يحمل العام الجديد بُشرى الفرج، من خلال رفع الحصار الإسرائيلي الظالم عن قطاع غزة، وتوفير فُرص العمل، التي تضمن الأجور المُناسبة لتشغيل الأيدي العامِلة، علاوة على منح غزة وأهلها المزيد من التسهيلات التي تعينهم على الحياة الكريمة.