انعدمت ملامح استقبال عيد الفطر في قطاع غزة بفعل العدوان الإسرائيلي المُتواصل منذ مساء يوم الاثنين الماضي، والذي أسفر عن استشهاد 83 فلسطينياً، بينهم 17 طفلاً و7 نساء، بالإضافة إلى التسبّب بدمار واسع في مختلف المناطق.
وغابت الزينة عن مداخل الحارات والبيوت، فيما بدت الشوارع خاوية من أراجيح الأطفال ومناداتهم والضجة التي لا تهدأ خلال أيام العيد الثلاثة، وقد امتلأت بالردم والركام والخراب الذي خلفته الطائرات الحربية الإسرائيلية، التي تعمّدت إلحاق أكبر قدر ممكن من الدمار في الملامح العامة للقطاع المُحاصر منذ 14 عاماً.
وركز الاحتلال خلال العدوان المتواصل على القطاع لليوم الرابع على التوالي، والذي يصادف أول أيام عيد الفطر، على استهداف البيوت الآمنة، والأبراج السكنية، والبنى التحتية، بهدف إفساد فرحة الفلسطينيين في استقبال العيد.
وتسببت الاستهدافات المتواصلة طوال الوقت بتعطيل الحركة في العديد من الشوارع الرئيسية والفرعية بفعل الدمار الكبير، بالإضافة إلى استهداف العديد من المنشآت الحيوية، التي حولتها الصواريخ إلى مناطق أشباح بعدما أصبحت كومة من الحُطام.
ليلة العيد، والتي كانت تكتظ فيها الشوارع بالناس والباعة والزبائن، أُلغيت بفعل الأجواء المتوترة، وتوقفت حركة السير، وأغلقت المحال التجارية، ما حرم الفلسطينيين في غزة من طقوس العيد.
وامتلأت الشوارع والمفترقات الرئيسية، التي كانت تشهد خلال اليوم الأول للعيد اكتظاظاً بعربات الأطفال الملونة، بمشاهد الدمار، خصوصاً بعد الاستهداف المباشر للطرقات بهدف شل حركة السير وحركة المواطنين، علاوة على تشويه المنظر العام للبلد. وخلت المتنزهات العامة من أي ملامح احتفالية، كما جرت العادة.
وعمد عدد قليل من الأطفال إلى اللعب أمام بيوتهم، هم الذين افتقدوا أراجيح العيد، وسط خوف الأهالي الذين يراقبون أطفالهم طوال الوقت في ظل الأجواء غير المستقرة، بفعل التحليق المكثف للطائرات الحربية. وفي كل مرة يتجدد فيها القصف، يبدأ الأطفال بالصراخ.
وغابت الحيوية التي عادة ما تشهدها شوارع قطاع غزة خلال أيام العيد، وتحديداً في اليوم الأول، إذ تحرص العائلات على تبادل الزيارات في ما بينها للتهنئة بالعيد. كما حرم الأهالي من إعطاء الأطفال العيدية في ظل القصف المتواصل.
وفي ظل التحليق المتواصل والمكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية وطائرات الاستطلاع (الزنانة)، يشعر أهالي القطاع بعدم الراحة والخوف وسط الترقب المتواصل وانتظار مستجدات الأحداث، وانعدام أي ملامح توحي بأجواء العيد.
في الشوارع، وعند مفترقات الطرق والحارات، كذلك اختلفت كل مراسم استقبال العيد، إذ لم يتمكن الباعة المتجولون من افتتاح بسطاتهم الصغيرة لبيع الألعاب والحلويات والمثلجات، أو افتتاح الأراجيح التي تعتبر مصدر رزقهم خلال أيام العيد.
وامتزجت أصوات تكبيرات العيد، فور انتهاء صلاة فجر اليوم الأول من العيد، بأصوات الانفجارات الناجمة عن استهداف أماكن متفرقة، فيما شهدت الشوارع مع حلول الساعة الخامسة والنصف فجراً حركة خجولة لأداء صلاة العيد، وبأعداد بسيطة، مقارنة بالأعياد الماضية.
وتزامن نشر عبارات التهنئة بالعيد على مواقع التواصل الاجتماعي مع صور وفيديوهات الاعتداءات الإسرائيلية على مناطق عدة في القطاع، فيما ذهب البعض إلى تصميم تهان بالعيد تتضمن خلفيتها صور الأحداث.
ولم تبث أغنيات العيد للأطفال في الشوارع، كما علّقت الأنشطة المتعلقة بتوزيع الهدايا والألعاب على الصغار، في وقت كانت المساجد تنعى الشهداء بالتزامن مع مواكب التشييع. ويردّد المشيّعون: "عالقدس رايحين شهداء بالملايين... الشهيد حبيب الله".