عربات الكارو تنقل مصابي وشهداء غزة... الاحتلال يستهدف سيارات الإسعاف

04 ديسمبر 2023
الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف (فرانس برس)
+ الخط -

يتعاون الشقيقان مرعي وهيثم أبو الهنود، من مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، في حمل المصابين وجثامين الشهداء من أماكن القصف الإسرائيلي، ونقلها إلى المستشفيات القريبة، بواسطة عربة يجرها حصان.

وتدفع شدة القصف، والأعداد الكبيرة للجرحى والشهداء، جراء تواصل العدوان الإسرائيلي لليوم التاسع والخمسين على التوالي، عدداً من المواطنين الفلسطينيين إلى التطوع لمساعدة الطواقم الطبية في إجلاء المصابين والجثامين، كلّ حسب قدرته.

ويهرول المتطوعون للمساعدة في أماكن القصف بخاصة في ظل الأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى، جراء الاستهداف الإسرائيلي للبيوت المدنية، والمباني السكنية، وتجمعات المدنيين من دون أي سابق تحذير، مع الأزمة الحادة في الوقود، ما يعطل عمل معظم سيارات الإسعاف، إلى جانب الاستهداف الإسرائيلي المباشر للطواقم الطبية، وسيارات الإسعاف، والتي دمر عدداً منها، وحيّدها عن العمل.

الصورة
عربات الكارو لنقل المصابين والشهداء في غزة (فرانس برس)
الاحتلال الإسرائيلي استهدف المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف (فرانس برس)

يقول الشاب مرعي أبو الهنود وقد امتزج تعبه بمشاعر الحزن والتوتر، إنّ المشاهد المروعة الناتجة عن القصف الإسرائيلي العنيف للمباني السكنية، دفعته برفقة شقيقه إلى مُساعدة الطواقم الطبية في نقل الجرحى والشهداء إلى أقرب مستشفى، في مُحاولة للتخفيف من الأعباء الملقاة عليهم، وإنقاذ ما يُمكن إنقاذه.

ويلفت أبو الهنود لـ"العربي الجديد" إلى أنّه، في كثير من المرات، يفضل أن يساعده المسعفون في حمل الجرحى إلى الفراش المُلقى على عربته، لضمان عدم أذيتهم، فيما يساعد مع شقيقه في حال عدم وصول الطواقم الطبية، بسبب رداءة الاتصالات، في نقلهم.

ويوضح شقيقه هيثم أن نشاطهما بدأ منذ منتصف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تحديداً مع السقوط الكامل لشبكة الاتصالات، حين سمعا استغاثات المواطنين لنقل الشهداء والجرحى، في ظل عدم القدرة على الاتصال بالإسعاف، ما دفعهما إلى التوجه نحو المكان المستهدف، ومساعدة الجيران.

ويضيف: "شاهدنا الكثير من الجرائم الإسرائيلية بحق أسر وعائلات بأكملها، ما دفعنا إلى مواصلة العمل وفق القدرة والاستطاعة وعلى الرغم من عودة الاتصالات تدريجياً، فإنها لا تزال رديئة، لذلك نفضل الذهاب والمساعدة في حال تمكنا من الوصول إلى بعض الحالات".

وتتنوع أدوات المتطوعين في نقل الإصابات والشهداء، إذ ينقلهم البعض إلى جانب سيارات الإسعاف عبر عربات كارو تجرها أحصنة، وقد وضع على كلّ واحدة منها فِراشٌ مُغطى بقطعة كبيرة من النايلون لعدم تسرُب الدِماء.

الصورة
عربات الكارو لنقل المصابين والشهداء في غزة (فرانس برس)
يحاول المتطوعون مساعدة الأهالي والطواقم الطبية بواسطة ​​عربات الكارو (فرانس برس)

يقول عبد الرحيم صُبح، وهو نازح من مدينة غزة في إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في مُخيم النصيرات وسط قطاع غزة إنه قام بمُساعدة أهالي المنطقة لحظة استهداف قريب لمجموعة من المواطنين كانت بالقرب من الجدار الغربي للمدرسة "كانت المشاهد مروعة، حيث رأيت الجثث والأشلاء مُلقاة على الأرض، وغارقة في الدماء".

ويلفت صُبح لـ"العربي الجديد" إلى أنه لم يكن يجرؤ على نقل الجثامين، أو الجرحى في سيارته، بسبب عدم خبرته الواسعة في كيفية التعامل معهم، إلا أن المشاهد المروعة دفعته بدون تفكير إلى مُساعدة الأشخاص المُتجمهرين، بخاصة بعد استغاثتهم وطلبهم أشخاصا يمتلكون عربات أو سيارات لنقل وإنقاذ الجرحى.

وتشهد أماكن القصف الإسرائيلي العنيف للبيوت والمباني والمُنشآت السكنية حالة كبيرة من التوتر والبلبلة، وتجمُعات من المواطنين والجيران الذين يهبون للمُساعدة إلى جانب المتطوعين والطواقم الطبية، إلا أن الجميع يقف عاجزا أمام إجلاء وانتشال الجرحى وجثامين الشهداء من تحت الأنقاض، بفعل انعدام الإمكانات الخاصة بالحفر، خاصة مع استهداف المباني ذات الطبقات العديدة.

وساهم غياب الآليات المُخصصة للحفر بارتفاع أعداد المفقودين تحت الردم إلى ما يزيد عن 7 آلاف مفقود، فيما تسببت شراسة القصف الإسرائيلي منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في ارتقاء ما يزيد عن 16 ألف شهيد وإصابة أكثر من 40 ألف مواطن، نحو 70% منهم من الأطفال والنساء.

في الإطار، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة على أنّ الاحتلال وخلال حربه على المدنيين لم يترك أي مكان في القطاع دون استهدافه، فيما وصلت الانتهاكات الإسرائيلية ضد المنظومة الصحية، ما أسفر عن استشهاد 280 من الكوادر الصحية وإصابة المئات، إلى جانب اعتقال 31 كادراً طبياً، واستجوابهم ميدانياً في ظل ظروف قاسية.

ويلفت القدرة لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الاحتلال استهدف قرابة 130 مؤسسة صحية، وقد حَيّد 46 مركزاً صحياً، و20 مستشفى عن الخدمة بفعل العديد من التحديات، ومنها القصف والتدمير ونفاد الوقود، وقد تسبب الاستهداف الإسرائيلي لمنظومة الإسعاف بتدمير وخروج 55 سيارة إسعاف عن الخدمة. ويشدد القدرة على أنّ الأعداد الكبيرة للجرحى، أفقدت المستشفيات قدرتها العلاجية والاستيعابية وأنّ الطواقم الطبية تعالج الجرحى بإمكانيات بسيطة، في ظل التعمد الإسرائيلي بخنق واستهداف المستشفيات المتبقية شمالي غزة، بهدف إخراجها عن الخدمة ودفع السكان للنزوح القسري، فيما فرض الاحتلال القيود خلال الهدنة الإنسانية على دخول المساعدات الطبية والوقود للمستشفيات ومنع وصولها إلى شمال قطاع غزة.

المساهمون