طلاب أفغان يخشون استهداف جامعاتهم

27 نوفمبر 2020
بعد الاعتداء على جامعة كابول (واكيل كوهسار/ فرانس برس)
+ الخط -

يشعر الكثير من الطلاب في الجامعات ومختلف المراكز التعليمية الأفغانية بالقلق، خصوصاً بعد الهجوم الدموي الذي استهدف جامعة كابول في الثاني من الشهر الجاري، ما أدى إلى مقتل 22 طالباً وطالبة. وتبنى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الهجوم، وأعلن أن اثنين من مقاتليه هاجما "تجمعاً لتخريج قضاة ومحققين" في جامعة كابول بالأسلحة الرشاشة قبل أن يشتبكا مع القوى الأمنية ما أدى إلى مقتلهما.
وأعلنت وزارة الصحة العامة الأفغانية مقتل 22 شخصاً على الأقل في الهجوم وجرْح 22 آخرين، وأوضح مسؤولون أن غالبية الضحايا من الطلاب. والهجوم على جامعة كابول، إحدى أبرز الجامعات في أفغانستان، يأتي مع تزايد العنف في مختلف أنحاء البلاد، وهو ثاني هجوم في أقل من أسبوعين على مؤسسة تعليمية في العاصمة.
وكان لما حدث تأثير كبير على الطلاب. وطلبت الحكومة من كل الجامعات الخاصة، وعددها 131 جامعة ومركزاً تعليمياً، الاستعانة بحرّاس من إدارة الحراسة الخاصة في وزارة الداخلية، وهي مسؤولة عن توفير الأمن والحماية اللازمة للإدارات الأجنبية والخاصة، علاوة على اتخاذ التدابير اللازمة من أجل حماية المؤسسات التعليمية. وبشكل عام، هناك اتفاق بين الحكومة والمؤسسات التعليمية على مبدأ الحماية، إلا أن طلب الحراسة من الداخلية مكلف مادياً، في وقت يعد تولي كل مؤسسة تعليمية الحراسة أرخص بكثير. 
ورفضت الجامعات مطلب الحكومة، مركزة اهتمامها على اتخاذ تدابير أمنية لازمة، من إعادة إعمار أسوار الجامعات ووضع أبواب من حديد وغير ذلك، كما تم تعطيل الدراسة مدة ثلاثة أسابيع. لكن يبدو أن الحكومة تخشى الأسوأ، وربما تستعد لإغلاق قد يستمر أشهراً عدة بذريعة تفشي الموجة الثانية من كورونا. في النتيجة، يواجه الفصل الدراسي أزمتين، هما كورونا والوضع الأمني.

ويُدرك الكادر العلمي أن السبب الرئيسي وراء تعطيل الدراسة ليس الموجة الثانية من كورونا ولا البرد القارس، كما تدعي الوزارة، بل هو الوضع الأمني، وفشل الحكومة في توفير الحماية والأمن للمؤسسات التعليمية. وبطبيعة الحال، فإن المتضرر من الدراسة عن بعد هو الطلاب أولاً والأساتذة ثانياً، خصوصاً أولئك المتعاقدين الذين لا يتقاضون رواتب شهرية.
في هذا الإطار، يقول الأستاذ الجامعي المتعاقد لطف الله وفا لـ "العربي الجديد"، إنّه خلال اعتماد الجامعات الخاصة نظام التعليم عن بعد، تستعين بالأساتذة الثابتين لديها، ما يجعل الكثير من الأساتذة المتعاقدين من دون عمل، وقد تطول الفترة.  
من جهة أخرى، يرحب بعض الطلاب بقرار إغلاق الجامعات في ظل الوضع الأمني، فيما يرفضه آخرون. وتقول طالبة الدراسات العليا في جامعة "سلام"، حيث تعمل مدرّسة أيضاً، شايسته يوسفي، إن قرار تعطيل الدراسة في الوقت الحالي أفضل من مواصلتها وسط مشاعر القلق والخوف. وتقول لـ "العربي الجديد" إنّنا "نحب الاستمرار في الدراسة، إلا أن حياتنا أهم، ويمكننا العودة إلى التعليم في وقت لاحق. لكن إذا حدث لنا شيء، فلا يمكن تعويض الضرر، عدا عن القلق الذي يسببه الأمر للأهل، إلى حين الخروج من المؤسسات التعليمية كونها مستهدفة". 
وترى أن الدراسة عن بعد قد تكون الحل الأفضل في الوقت الحالي للاستفادة قدر المستطاع وضمان استمرار التعليم مع مراعاة الأوضاع الأمنية الراهنة. في المقابل، فإنّ اتحادية الجامعات والمراكز العلمية الخاصة تبدو غير راضية عن قرار الحكومة تعطيل الدراسة مدة ثلاثة أسابيع بهدف اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة، وإن كانت القضية ستناقش مجدداً من دون أي مؤشرات إلى التراجع عن القرارات. 
ثمة أسباب كثيرة وراء رفض اتحادية الجامعات الخاصة قرار تعطيل الدراسة لفصل كامل، أولا لأن إجراءاتها الأمنية (السبب الأساسي وراء تعطيل الدراسة في اعتقادها) هي أحسن حالاً من الجامعات الحكومية، والوزارة قررت بخصوصها بشكل أحادي. كذلك من أسباب رفضها أن الكثير من الطلاب والطالبات يلجؤون إلى تأجيل الدراسة بالتالي تتضرر مادياً.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وبعيداً عن الجدال الدائر بشأن تعطيل الدراسة سواء أكان السبب أمنياً أم صحياً نتيجة لتفشي الموجة الثانية من كورونا والبرد، فإن التهديدات الأمنية التي توجه إلى المراكز التعليمية جدية. وقد أصدرت حركة "طالبان" بياناً أكدت فيه أن أعداء المصالحة والسلام في أفغانستان يعتزمون استهداف المراكز العلمية والشخصيات العلمية المشهورة، وذكرت أرقام هواتف للتواصل معها في حال وقوع أي حادث من هذا القبيل.
يذكر أن تنظيم "داعش" الذي تبنى الهجوم على جامعة كابول كان قد استهدف قبل نحو أسبوع من الهجوم الأخير مركزاً تعليمياً في غرب أفغانستان في منطقة كوتي سنكي، وغالبية سكانها من أقلية الهزارة، وأدى الهجوم إلى مقتل 24 شخصاً. ويشار إلى أن كل أعمال العنف الموجهة إلى المراكز التعليمية عادة ما تكون في مناطق ذات الغالبية الشيعية أو أقلية الهزارة. لكن بعد الهجوم على جامعة كابول، يبدو أن الأمور تغيّرت بعض الشيء. 

المساهمون