سجى خلة... طفلة فلسطينية كفيفة تحفظ المعلقات الشعرية بعد القرآن

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
22 أكتوبر 2020
طفلة فلسطينية كفيفة تحفظ المعلقات الشعرية بعد القرآن
+ الخط -

تواصل الطفلة الفلسطينية سجى خلة (11 عاماً)، من مدينة بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، مسيرتها في حفظ المعلقات الشعرية ومتعلقات النحو والصرف والتفسير، بعد إتمامها حفظ القرآن كاملًا خلال فترة وجيزة.

ولم تمنع الإعاقة البصرية التي رافقت سجى منذ الولادة، ويرجح بعض الأطباء أن تكون ناتجة عن القنابل الفسفورية التي أطلقتها الطائرات الحربية الإسرائيلية إبان الحرب الأولى على قطاع غزة في 2008/2009، الطفلة من الانتصار بذاكرتها القوية على الأزمة.

وتتميز الطفلة الفلسطينية بالحفظ السريع لمواد مقروءة، يمكن أن تستعصي على أقرانها الصغار، حيث أتمت حفظ القرآن، ومتن الآجرومية، وهو كتاب في علم النحو ألفه ابن آجروم، ومنظومة الجزرية وهو متن في التجويد لابن الجزري الشافعي، إلى جانب المعلقات الشعرية بالأبيات والشرح والمواريث، إضافة إلى ألفية ابن مالك، وتسمى "الخلاصة"، وهي متن شعري من نظم الإمام محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني، وتعتبر من أهم المنظومات النحوية واللغوية.

الصورة
فلسطينية تحفظ المعلقات (عبد الحكيم أبو رياش)

القصة بدأت مع سجى صاحبة الملامح البريئة، خلال الحرب الإسرائيلية الثانية على قطاع غزة عام 2014، والتي استمرت 51 يومًا، حيث استغل والدها الأيام الطويلة للحرب للبدء بتحفيظها القرآن، وقد اكتشف قدرتها العالية على الحفظ بطريقة التلقين، إذ تتمتع بذاكرة قوية تمكنها من إتمام الحفظ بشكل سريع، رغم عدم تجاوزها من عمرها آنذاك أربع سنوات ونصف السنة.

وتبدأ عملية حفظ الطفلة سجى، وهي من طالبات مدرسة مركز "النور" للمكفوفين، بأسلوب التلقين السماعي، حيث يقرأ والدها عليها ما يجب حفظه، وتقوم هي بإعادة تسميعه، ومن ثم يواصل عملية التلقين حتى نهاية المادة، إلى أن يبدأ بالمراجعة، والتي خُصص لها ثلثا الوقت، لتأكيد الحفظ وتثبيته.

وتخصص الطفلة، التي ترى أنها "تخدم من خلال حفظها الوطن والدين"، أربع ساعات للدراسة يوميًا برفقة والدها، يتم تقسيمها على ثلاث مراحل، وقد خصص لها والدها معظم وقته، لإعانتها على الحفظ، ويرى أنها "مشروعه الرابح، ومهمته الأساسية في الحياة"، معتمدًا على تفهيم طفلته المعاني والمفردات، وعدم الاقتصار على الحفظ فقط، وذلك تأكيدًا على صواب الحفظ وسلامته وثباته.

الصورة
فلسطينية تحفظ المعلقات (عبد الحكيم أبو رياش)

ويقول والد الطفلة، سعد خلة (37 عامًا)، الحاصل على الدكتوراة في الفقه المقارن، لـ "العربي الجديد"، إنه قام بتفريغ نفسه لطفلته، بغرض تعليمها بشكل مستمر، وقد شجعها على الحفظ عبر محفزات كان ينفذها لها بعد إتمام حفظ كل جزء قرآني، كالخروج في نزهة، أو إقامة احتفال أسري بسيط مع إحضار هدية، فيما كان يسجل لها مقاطع فيديو تشجعها على الاستمرار بعد سماع صوتها.

ويبين أن البيت لم يكن المكان الوحيد لتدريس طفلته، إذ كان يستغل معها أي وقت، حتى ذلك الذي كان ينتظر برفقتها مجيء باص المدرسة، إذ يمسك بالكتاب لتلقينها، وقد حفظت خلال فترة انتظار الحافلة ألفية ابن مالك بأبياتها الألف على مدار ستة أشهر، ثم شرح كتاب "الوجيز" في النحو والصرف، فيما يستغل أوقات الفراغ الأخرى في إعادة تسميع المواد التي تم حفظها، وإجراء الاختبارات الشفهية السريعة لطفلته.

وأتمت الطفلة سجى صاحبة الذاكرة المميزة كذلك حفظ المعلقات الشعرية الجاهلية السبع بحفظ مفرداتها والبالغة 600 بيت، فضلاً عن حفظ إعراب سورة البقرة كاملة، وكتاب محاضرات في علم النحو والأربعين النووية، إلى جانب تحفة الأطفال في التجويد والمتضمنة 61 بيتاً، ومتن الرحبية في المواريث بشرحه، ويحتوي على 176 بيتًا، ومنظومة الجزرية في التجويد والبالغة 109 أبيات.

ذات صلة

الصورة
الطبيب الفلسطيني عصام أبو عجوة في مستشفى الأهلي المعمداني في دير البلح (الأناضول)

مجتمع

بعد اعتقال دام 200 يوم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، عاد الطبيب الفلسطيني المتقاعد عصام أبو عجوة (63 عاما)، لممارسة عمله رغم الظروف القاسية
الصورة
تجمّع مياه صرف صحي في خانيونس - غزة - 1 يوليو 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

مجتمع

تُسجَّل أزمة في الصرف الصحي بقطاع غزة، تفاقمت في الآونة الأخيرة. والمشكلة التي تهدّد صحة المواطنين، راحت تعرقل حركتهم مع تجمّع المياه العادمة على الطرقات.
الصورة
انتشال جثث ضحايا من مبنى منهار بغزة، مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

قدّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة ولا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم..
الصورة
قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم جنين في الضفة الغربية، 22 مايو 2024(عصام ريماوي/الأناضول)

سياسة

أطلق مستوطنون إسرائيليون الرصاص الحي باتجاه منازل الفلسطينيين وهاجموا خيامهم في بلدة دورا وقرية بيرين في الخليل، جنوبي الضفة الغربية.
المساهمون