مع احتقان المدن اليمنية بضغوطات الحرب والقصف، وتدهور وضع الحدائق والمتنزهات فيها بسبب الإهمال، يلجأ اليمنيون إلى مغادرتها متّجهين صوب الريف لقضاء نزهات جميلة وسط الطبيعة. وباتت ضواحي صنعاء أخيراً قبلة سياحية للكثير من سكّان المدن الذين فقدوا مظاهر البهجة، ولم يعد بإمكانهم تنظيم رحلات مع عائلاتهم لقضاء وقت ممتع في حدائق المُدن، بسبب إغلاق تلك الحدائق والمتنزهات التي أُهملت بعد اندلاع الحرب.
في العاصمة اليمنية صنعاء، تخرج العائلات باتجاه الريف الغربي للعاصمة، بهدف الاستجمام والسياحة. فعلى بعد ثلاثين كيلومتراً غرب المدينة، يقع شلال بني مطر، المزار السياحي الأقرب لسكان المدينة التي تستقبل حوالي مليون نازح منذ بداية الحرب. يتميّز شلال بني مطر بالخضرة، وتدفق الأنهار في فصل الصيف، ما يجعله مقصداً سياحياً للكثيرين. وإضافة إلى شلال بني مطر، هناك متنزهات عديدة أخرى في الريف الغربي لمدينة صنعاء، يقصدها سكان المدينة باستمرار، منها "وادي اللؤلؤة" الذي يتميّز بالخضرة التي تكسوه وتدفق الأنهار فيه، ما يجعله من أشهر الأودية الزراعية. أما الآخر فهو "وادي ظهر"، الواقع في مديرية همدان، في أقصى شمال غربي صنعاء، ويتميّز بكثافة الأشجار وبجوّ منعش. وتعدّ ضواحي صنعاء، الأماكن الوحيدة التي يقصدها سكان صنعاء في الأعياد، وهي بمثابة ملاذات يلجأ إليها الناس للهروب من ضغوطات الحرب بحسب إفادة المواطن غمدان القدسي (30 عاماً)، الذي قدم من وسط العاصمة صنعاء إلى وادي ظهر، من أجل قضاء وقت ممتع.
يقول القدسي، إنه أتى إلى وادي ظهر، لقضاء إجازة العيد مع أسرته بعيداً عن ضجيج المدينة والازدحام، لأنه شعر بحاجة إلى تحسين مزاجه المحتقن بضغوطات الحرب والحياة داخل مدينة صنعاء. ويشير إلى أنه يشعر بأنه يعود للحياة من جديد حين يزور هذا المكان برفقة عائلته، ويتنفسون الهواء الريفي النقي، إلى جانب تمتعهم بمناظر الخضرة والأنهار المتدفقة من السهول. "مشهد بديع ينعش روحك" يقول، ويؤكد أنه يهرع مع عائلته إلى هذا المكان كل عيد، هرباً من ضجة المدينة وقلقها.
أمّا المواطن عمار الجند، فيقول إنه قدم إلى وادي اللؤلؤة، لقضاء إجازة العيد لرغبته الشديدة في الارتماء بين أحضان الطبيعة، إضافة إلى ازدحام الحدائق في المدينة والتي لم تعد تتوفر فيها وسائل الحماية، كما أنها تدهورت بشكل كبير بسبب الحرب. وفي السياق ذاته، تقول أفرح الدبعي، إنها قدمت من المدينة إلى وادي اللؤلؤة، بسبب حاجة أبنائها الصغار للّهو والركض في المساحات الواسعة التي لا تتوفر في المدينة. وتشير إلى أنّ هذه الأماكن مجانية، لا تحتاج إلى تذاكر، بعكس الحدائق التي تتطلب الكثير من المال كي يلعب أطفالها فيها، والتي رفعت من أسعارها بسبب الحرب.
من جهته، يقول أمجد السويدي، إنه قدم إلى شلال بني مطر مع أسرته، لقضاء أيام العيد "من أجل المناظر الخلّابة، ونحن نشعر بالبهجة بمجرد وصولنا إلى المكان وكذلك لما يمثّله من مساحة فسيحة بعكس الحدائق التي باتت مزدحمة".
يفضّل محمد الدبعي، قضاء إجازة العيد في شلال بني مطر، بعيداً عن ضجيج السيارات وهواء المدينة الملوّث. ويشير الدبعي إلى أنّ عائلات كثيرة تلجأ إلى هذا المكان لقضاء إجازة العيد، وتشهد خروجاً هائلاً للعائلات بهدف قضاء أوقات جميلة وممتعة.