زيارة القبور تنبش الذكريات في الشمال السوري

هاتاي

عبد الله البشير

avata
عبد الله البشير
18 يونيو 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- زيارة المقابر خلال العيد في سوريا تعكس تقليداً متوارثاً يجسد الحنين للأحباء الراحلين، مع تجارب شخصية تبرز الأثر العاطفي لهذه الممارسة.
- الفراق وتشتت العائلات يغير من طبيعة العيد، حيث تحل وسائل التواصل الاجتماعي محل اللقاءات العائلية، مما يضيف ألماً وحنيناً لأوقات أفضل.
- رغم النزوح والتحديات، تظل زيارة المقابر تقليداً يربط الأجيال ويحافظ على الذكريات والأمل في الفرج والسلام، مع تأكيد على أهمية نقل هذه العادات للأجيال الجديدة.

يحرص السوريون على زيارة المقابر في العيد. زيارات تعبّر عن مشاعر الحنين إلى الأقارب والأصدقاء الذين خسروهم، وكانت لهم الكثير من الذكريات معهم. يتذكرون ما عاشوه معهم ويدعون لهم بالراحة. 
وتعيد هذه الزيارات بعض الذكريات التي تؤجج المشاعر. وهذا ما حصل مع محمد الحلبي الذي زار قبر والده. ويتحدث لـ "العربي الجديد" عن أحلام أراد تحقيقها عندما كان والده على قيد الحياة. ويقول: "سابقاً في حلب، كنا نزور المقابر برفقة والدي. ثم توفي والدي ونحن اليوم نذهب إلى زيارة قبره. كنا نحرص على زيارة مقبرة الصالحين في حلب. وهذه الزيارات هي جزء من عاداتنا القديمة".
يضيف الحلبي: "حلمنا قبل أن يتوفى والدي بالعودة إلى حلب وزيارة الأهل. هنا أجواء العيد مختلفة عن حلب. ليس لدينا سوى قبر والدي لنزوره. العيد الحقيقي بالنسبة لنا هو في حلب حيث يقطن أقاربنا. أما العيد هنا، فينتهي بمجرد زيارة قبر والدي". 
ويعيش السوريون أزمة فراقٍ في مناسبات عدة، وخصوصاً العيد بسبب تشتت العائلات داخل سورية وخارجها. ويتوزع من هم في الداخل السوري بين الشمال والشرق أو في مناطق سيطرة النظام السوري. وقد يتوزع أفراد العائلة الواحدة في مناطق مختلفة. وكثيراً ما نجد عائلة واحدة يتوزع أفرادها في أماكن مختلفة، ويضطر هؤلاء إلى تبادل المعايدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 
في هذا الإطار، يقول عبد الرحمن الحلو لـ"العربي الجديد": "في قريتنا، اعتدنا تأدية صلاة العيد، وكنا نزور الأقارب ونعايد بعضنا بعضاً. ولا ننسى بطبيعة الحال زيارة المقابر والدعاء لأهلنا. في الوقت الحالي، ما من أقارب أو أصدقاء، الأمر الذي يشعرنا بغصة. سابقاً، كنا نحرص على ممارسة الكثير من طقوس العيد، وكان لمّ الشمل سهلاً. في الوقت الحالي، نحن مشتتون. كل أخ أو أخت أو صديق في بلد أو مكان مختلف. نسأل الله الفرج والخير والسلام".

وتحولت زيارة القبور في العيد إلى عادة متوارثة عبر الأجيال. يسير الصغار على خطى الكبار، كما توضح فاطمة عبد العزيز، المقيمة في مخيم للنازحين قرب مدينة الدانا شمال إدلب. وتقول: "شقيقتي توفيت قبل أشهر عدة. رافقتني ابنتي لزيارة قبرها صباح العيد. أذكر عندما كنت طفلةً أنني ذهبت مرات عدة مع جدتي إلى قبر جدي ووضعت الآس (شجر دائم الخضرة، أوراقه بيضوية، أبيض الزهر أو ورديّه وعِطْري) على قبره. أزلنا بعض الأشواك التي نبتت قرب قبره وسقينا الورد بعض المياه. شعرتُ بأن الأيام تعاد عندما ذهبت ابنتي معي. عموماً، نفتقر لأجواء العيد والكثير من الروحانيات غابت عنا بهذا التشتت الذي حدث لنا خلال السنوات".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في المقابل، يتحدث علي الخالدي لـ "العربي الجديد" عن زيارة المقابر في العيد، ويقول: "في كل عام، ومع حلول عيد الفطر وعيد الأضحى، نزور المقابر وندعو للموتى ونتذكرهم". وتغيب الكثير من طقوس العيد عن العائلات النازحة المقيمة شمال غربي سورية في المخيمات، وتختلف عما كانوا يعيشونه سابقاً في مدنهم وقراهم قبل النزوح، لا سيما بعد تشتت العائلات وفقدان المأوى. وحتى زيارة المقابر أصبحت ذكريات لدى البعض، كما يقول الستيني عبد السميع المحمد، النازح من ريف حمص الشمالي لـ "العربي الجديد". يضيف: "كنت أزور قبر والدي الذي توفي عندما كنت يافعاً. بعض الذكريات عالقة في ذهني. كنت أذهب إلى قبره صباح العيد لأستعيد تلك الذكريات. في كثير من الأحيان، كنت أبكي".
وتمنع المسافات بين المخيمات المتناثرة البعض من زيارة الأقارب التي تعدّ من أهم مظاهر العيد. ويبقى العيد متنفساً للناس لأخذ قسط راحة من هموم الحياة ومصاعبها.

ذات صلة

الصورة
السوري محمد نور .. حياة بنصف ساق تزينها الابتسامة (العربي الجديد)

مجتمع

بساق واحدة، يقود محمد نور سيارته الصغيرة بمهارة عالية بمساعدة عكازه، ليصل بشكل يومي عند الساعة السابعة صباحًا إلى المنطقة الصناعية في مدينة إدلب
الصورة
في مستشفى شهداء الأقصى، وسط دير البلح، 8 يونيو 2024 (سعيد جرس/ فرانس برس)

منوعات

لا يحتفل الصحافيون الفلسطينيون في قطاع غزة بعيد الأضحى هذا العام، فهم بعيدون عن عائلاتهم، ويواجهون تحديات عدة في محاولتهم الاستمرار بتغطية جرائم الاحتلال.
الصورة
لا بهجة بعيد الأضحى في غزة، 15 يونيو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يطلُّ عيد الأضحى هذا العام على أهالي قطاع غزة وسط أجواء من الحسرة والفقد والنزوح والبعد عن منازلهم، التي أجبروا مكرهين على تركها تحت تهديد القصف.
الصورة
يستمتعون بوقتهم على مقربة من المساكن المنشأة (عدنان الإمام)

مجتمع

يجد النازحون السوريون في شمال غرب البلاد في مشاريع الهلال الأحمر القطري فرصة للنجاة من مأساة يومية يعيشونها في الخيام، وتشمل بناء 13 قرية سكنية في المنطقة يمكنه
المساهمون