الصحافيون في غزة: لا عيد في ظل الإبادة

غزة
ناهد أبو هربيد صحافية فلسطينية في قطاع غزة (العربي الجديد)
ناهد أبو هربيد
ناهد أبو هربيد صحافية فلسطينية في قطاع غزة. عملت مراسلة لعدد من القنوات التلفزيونية.
18 يونيو 2024
هكذا يقضي الصحافيون في غزة العيد دون عائلاتهم في ظل الحرب
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، يعيش حوالي 70 صحافيًا ظروفًا قاسية في مساحة صغيرة، متأثرين بالعدوان الإسرائيلي وفقدان الأحبة، خاصة خلال عيد الأضحى.
- العدوان استهدف الصحافيين بشكل مباشر، مما أدى لمقتل أكثر من 140 منهم وتدمير مؤسسات إعلامية، ويعانون من الحصار والتهجير وظروف نفسية وجسدية صعبة.
- رغم المخاطر، يواصل الصحافيون تغطية الأحداث وفضح جرائم الاحتلال، مع تحذيرات من تعمد استهدافهم لمنع نقل الحقيقة، وهم يأملون في انتهاء الحرب والعودة لحياة طبيعية.

في مساحة لا تتجاوز الخمسين متراً يوجد نحو 70 صحافياً وصحافية في مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، ويشعرون بغصة تحرق قلوبهم على فراق أحبتهم وما حل بهم من خراب ودمار واسع جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل، ولا سيما مع حلول عيد الأضحى.

يقول مراسل "العربي الجديد" علاء الحلو إن العدوان الإسرائيلي "حرمنا من استقبال عيد الأضحى وقبله عيد الفطر". ويضيف: "يمر علينا العيد الثاني من دون أي طقوس عائلية اعتدنا عليها، بفعل تواصل العدوان للشهر التاسع وانشغالنا بالتغطية الإعلامية (...) لم أتذوق كعك والدتي، أو عصائر عماتي، ولم أجتمع مع أشقائي على وليمة العيد السنوية... نتمنى انتهاء الحرب بكل ما فيها من جنون، وأتمنى فعلاً تذوق طعم الفرحة وسط أهلي مجدداً".

القصف ليس عشوائياً في هذه الحرب، إذ تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحافيين، وقد قتلت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أكثر من 140 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي، ودمرت عشرات المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية، واستهدفت عائلات الصحافيين ومنازلهم، واعتقلت العشرات منهم، ويبلغ عدد الصحافيين المخفيين قسرياً 12 صحافيّاً من غزة، غالبيتهم اعتقلوا خلال العدوان الواسع الذي شنه الاحتلال على مستشفى الشفاء.

من جهة أخرى، يتعاظم الأمر حين يكون الحديث عن الصحافيات نتيجة عدم توفر احتياجاتهن الخاصة وقلقهن على عائلاتهن. تقول الصحافية هيداء الدحوح لـ"العربي الجديد": "يحل عيد الأضحى وأنا موجودة في خيمة الصحافيين وبعيدة عن عائلتي".

في المقابل، تقول الصحافية صافيناز اللوح، مراسلة وكالة الإعلامية نيوز: "يمر العيد الثاني على التوالي ونحن نعيش بعيداً عن عائلاتنا مجبرين ومكرهين، وهم نازحون للشهر التاسع"، مشيرة إلى أنها لم تر عائلتها منذ أشهر، وتؤكد أنها تواجه صعوبات بالغة نظراً لإصابتها التي تحتاج إلى رعاية صحية، علاوة على الحالة النفسية التي تعصف بها والتوتر والخوف اللذين تشعر بهما.

ويشير مراسل "بي بي سي" سامر الزعانين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "كان لدينا أمل كبير بأن يأتي عيد الأضحى هذا العام ونحن في بيوتنا ومع أطفالي وزوجتي وعائلتي، ولكن الاحتلال حرمني من هذه الأمنية"، مؤكداً أنه "مع استمرار حرب الإبادة سنكون في الميدان لتغطيتها"، آملا أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن.

الصحافي محمد الخطيب يقول لـ"العربي الجديد": "الصحافيون موجودون في أيام العيد على غير العادة لتغطية الأحداث، عكس طقوسنا المعتادة التي كانت كلها فرح". ويضيف: "هذا العيد.. عيد الشهداء والجرحى.. عيد الاحتلال الذي قتل أبناء شعبنا"، مؤكداً مواصلة عمله لفضح جرائم الاحتلال بحق أبناء غزة.

من جانب آخر، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ومؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية من أن جيش الاحتلال يتعمد استهداف الصحافيين الفلسطينيين لمنع نقل الجرائم التي يرتكبها في غزة. ومنذ بداية العدوان، واجه الصحافيون في القطاع هجمات الاحتلال المتواصلة التي تستهدفهم بشكل مباشر وتطاول منازلهم وعائلاتهم ومقرات مؤسساتهم الإعلامية. وتظهر البيانات والإحصاءات - بحسب لجنة حماية الصحافيين التي تعمل على التحقيق في جميع التقارير المتعلقة بمقتل وإصابة وفقدان الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام - أن هذه الحرب أصبحت الأكثر دموية للصحافيين منذ بدء عمل اللجنة عام 1992. وأعلن المركز الدولي للصحافيين، في فبراير/ شباط الماضي، أن الحرب على غزة شهدت أعلى مستويات العنف ضد الصحافيين منذ 30 عاماً، ودعا حكومة الاحتلال إلى وقف قتل الصحافيين والتحقيق في حوادث قتلهم على يد قواته.

معاناة الصحافي تساوت مع معاناة المدنيين في غزة، وربما تكون أشد، إذ يكون في مرمى النار والتهديد بالقتل والاستهداف المباشر، هكذا يرى الصحافي عبيدة الغول، الذي يضيف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، لكن "على الرغم من ذلك، لا بد من إقامة شعائر الله رغم الحزن والبعد عن عائلاتنا في المناطق الشمالية من غزة".

بدوره، يصرح الصحافي خالد أبو زاهر لـ"العربي الجديد"، قائلاً إنه منذ بدء مسيرته الصحافية، أي منذ 35 عاماً، "هذا العام الأول الذي أعمل فيه خلال العيد، نظرا لاختلاف الظروف والأجواء بسبب الحرب المشتعلة الآن في قطاع غزة. نحن نقوم بتغطية الحدث، ولسنا مع العائلة، وهذا يشعرنا بقهر كبير"، مشيراً إلى أنه لم يعد هناك مجال للفرحة، ولكن هناك شعائر دينية يجب أن تقام، آملاً أن تنتهي الحرب في أقرب وقت.

ذات صلة

الصورة
شابان يسخران تخصصهما لعلاج المرضى والجرحى بخيام النازحين في غزة

مجتمع

لم ترحم الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها التاسع، ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تتضاعف معاناتهم في ظل النزوح المستمر ونقص الاحتياجات الأساسية.
الصورة

سياسة

أطلقت المحكمة العليا في واشنطن سراح 12 طالبا من طلاب مخيم الجامعات في جامعة جورج واشنطن بناء على اتفاق يقتضي بعدم اقتراب الطلاب من محيط الجامعة.
الصورة
تجمّع مياه صرف صحي في خانيونس - غزة - 1 يوليو 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

مجتمع

تُسجَّل أزمة في الصرف الصحي بقطاع غزة، تفاقمت في الآونة الأخيرة. والمشكلة التي تهدّد صحة المواطنين، راحت تعرقل حركتهم مع تجمّع المياه العادمة على الطرقات.
الصورة
نازحون في غزة يعانون من طول الحرب وقلة الإمكانات، 26 يونيو 2024 (Getty)

مجتمع

لجأ نازحون في غزة تجاوز تعدادهم الآلاف إلى ما كان يعد سابقاً أكبر ملعب لكرة القدم في القطاع، حيث تعيش العائلات على القليل من الطعام والماء
المساهمون