ولدت الحاجة صليحة إبراهيم إبريق في بلدة كويكات بقضاء عكا، وكانت في الثامنة من عمرها عندما غادرت فلسطين مع أهلها إلى لبنان، وهي تقيم حالياً في مخيم برج البراجنة، لكنها تكرر: "أتمنى العودة إلى فلسطين اليوم قبل الغد، لا نريد البقاء في لبنان".
تقول: "كنا نعيش في أرضنا، نزرع ونقطف الثمار، إلى أن احتل العدو الأرض خلال الانتداب البريطاني، وحينها أغلق العدو الصهيوني طريق عكا التي كنا نذهب إليها سيرًا على الأقدام، وتركوا طريقاً واحداً ناحية الشرق، قبل بدء قصف قريتنا. كنا في المنزل، وإذ بنا نرى دبابات العدو، فتوجهنا إلى قرية قريبة يسكنها إخوتنا الدروز، وكنا نظن أننا سنعود إلى قريتنا بعد انتهاء القصف، لكن العدو منعنا من العودة، فتوجهنا إلى قرية أبو سنان، وهناك طلب منا العدو بطاقات الهوية، وجمعونا في مدرسة، ثم وضعونا في سيارات نقل (كميونات)، ونقلونا إلى الحدود الفلسطينية الأردنية. تركنا كل شيء خلفنا، ولم نحمل معنا إلا الملابس التي كانت على أجسادنا".
وتابعت: "وصلنا إلى الأردن، وهناك تم تجهيز الخيام للعيش فيها، لكن لم نقبل البقاء هناك، وطلبنا المغادرة إلى لبنان، لأن جميع أقاربنا توجهوا إلى هناك، وسكنّا في منطقة (طير حرفا) على حدود فلسطين، وذهب أخي ليحضر الماء من البئر، فأطلق العدو النار عليه، لكنه لم يصب، وفي الليل عاد إلى فلسطين، وتبعته أمي، ثم أخي وأبي، وبقيت أنا وأخي الثالث، ثم انتقلنا للسكن عند أختي مع أهل زوجها في طير حرفا، ثم انتقلنا مجدداً إلى السكن مع أخي الأكبر في منطقة العباسية".
وأضافت الحاجة صليحة: "سكنّا في العباسية لمدة تسع سنوات، وفي ذلك الوقت أراد إخوتي أن يتعلموا، لكن لم يكن التعليم متوفرًا في مناطق الجنوب، فانتقل إخوتي إلى بيروت ليتسجلوا في المدرسة، وكانت خالتي تقطن هناك، فسكنوا عندها، ثم انتقلنا جميعنا للعيش في بيروت، وعندها كان أهلي قد رجعوا إلى لبنان، لأنهم منعوا من البقاء في فلسطين".
تواصل: "لم نسكن بالمخيمات في بادئ الأمر، لكن في النهاية أذعنّا للأمر الواقع، بعدما طلب منا مسؤول في وكالة أونروا الانتقال إلى مخيم نهر البارد، حيث تقدم لنا الوكالة المساعدات، ونستطيع العمل. انتقلنا بالفعل إلى المخيم. في البداية سكنّا الشوادر، وكانت الخدمات معدومة، والحمامات مشتركة، وإحضار المياه يتطلب جهداً، وبدأ الناس البحث عن أعمال لأن ما كانت تقدمه أونروا لم يكن يكفي. أبي عمل ناطوراً لبستان".
ارتادت الطفلة صليحة المدرسة في فلسطين لمدة شهر واحد، وبعد ذلك لم تدخل أية مدارس لأنه كان ممنوعاً على البنات التعلم، لكنها استغلت فرصة أن شقيقها كان يقوم بتعليم الأطفال في بيتهم بالعباسية، فكانت تجلس في نفس الغرفة مع دفتر تخبئه تحت الطاولة، لتتابع سراً ما كان يتعلمه الأولاد.
تزوجت صليحة لاحقاً، وانتقلت للعيش في منطقة القاسمية، لكنها لم تستطع العيش هناك، إذ كان العيش في المخيم أفضل من غرفة صغيرة مع عائلة زوجها، وبعد مرور شهر على الزواج، عادت إلى المخيم لزيارة أهلها، ثم رفضت العودة إلى بيتها في القاسمية، واشترت منزلًا في المخيم، وفيه كونت أسرة تضم أربع بنات وثلاثة ذكور.