شيء من عنصرية شرطة أميركا ضد السود

04 اغسطس 2023
فتح مقتل جورج فلويد ملف عنصرية الشرطة ضد السود (ستيفاني كيث/Getty)
+ الخط -

اعترف ستة ضباط شرطة في براكستون بولاية ميسيسيبي الأميركية، كلهم من البيض، أمس الخميس، بالاعتداء الجنسي والجسدي على رجلين أسودين لأكثر من ساعتين.

بحسب المدعي العام للولاية، جرت الواقعة في 24 يناير/كانون الأول الماضي، وأوقف الضباط، الذين تتراوح أعمارهم بين 27 و52 سنة عن العمل في وقت سابق، لكنهم اعترفوا أمس فقط بتعذيب الرجلين بعد اقتحام منزلهما من دون مذكرة قانونية.

وكشفت التحقيقات عن تفاصيل تعذيب وحشية، وإطلاق النار على وجه أحد الرجلين، وتركه ينزف من دون تقديم الإسعافات الأولية له، إذ انشغل الشرطيون في تلفيق قصة تغطية مزيفة لجريمتهم، ما يثير مزيداً من الأسئلة حول عنصرية الشرطة الأميركية، والتي باتت جرائمها موثقة من خلال وسائل الاتصال والمراقبة.

 قام رجال الشرطة المتهمون بتخريب كاميرات المراقبة، ووضعوا مسدساً إلى جانب الضحية من أجل تمرير كذبة أنهم كانوا في حالة دفاع عن النفس، كما زرعوا في المنزل مادة الميثامفيتامين المخدرة. ووجهت وزارة العدل الأميركية إليهم اتهامات بـ16 جريمة جنائية، من بينها التآمر على الحقوق المدنية، وممارسة العنف، والتآمر لعرقلة العدالة.

وتؤشر تصرفات بعض رجال الشرطة البيض في الدولة التي تدعو إلى الديمقراطية والعدالة إلى عنصرية بنيوية في أجهزة يفترض أنها مسؤولة عن إنفاذ القانون. ففي حفلة تعذيب لساعتين، كان الشرطيون الستة يكررون الألفاظ العنصرية بينما يمارسون إهانات جنسية شملت إجبار الرجلين على التعري، ثم التحرش بهما.

ومشكلة استهداف السود بالدرجة الأولى، واللاتينيين في بعض الأحيان، ليست جديدة، ولم تبدأ عند قتل الشرطة جورج فلويد في مايو/أيار 2020، بل إنها منهجية مستمرة منذ عقود في سياق تنميط السود، إذ تكررت قصص تلفيق تهم لأناس حكموا بمؤبدات أو إعدام قبل أن تنقذهم تطورات علم الحمض النووي، وبعضهم قضى 3 أو 4 عقود في السجن، كما سجن شبان سنوات طويلة من دون أن يكونوا قد ارتكبوا الجريمة التي أدينوا بها.

ولا تحتكر ولاية أميركية ذلك النوع من الظلم والعنصرية والتنميط، بل هو أمر شائع في كل الولايات. لكن ميسيسيبي تحديداً تفتح جروحاً غائرة تعود إلى أيام أن كانت الولايات المتحدة غارقة في التمييز ضد السود، كون أغلب البيض فيها ينتمون إلى شمال أوروبا وبريطانيا.

ولم يعد يكفي الولايات المتحدة التصريح بأن مؤسساتها ترفض تلك الممارسات القائمة على العنصرية ضد غير البيض، وحسب قول  المدعي العام الأميركي ميرك غارلاند، فإن التغني بـ"الحقوق المدنية" مقارنة بالأفعال الشائنة لن يخفف آلام عقود من العبودية والتمييز العنصري والتنميط المستمر.

وتظهر الجرائم العنصرية التي يرتكبها في الأغلب رجال بيض في مؤسسات إنفاذ القانون صورة مختلفة عن أميركا "الحريات والعدالة"، كما تنمي الحنق الاجتماعي والطبقي والعرقي، كما أن تكرار تلك الوقائع، وانتقالها من ولاية إلى أخرى، لا يخدشان فقط ما يسمى "الحلم الأميركي"، بل يدفعان إلى تشققات وفرز مجتمعي.

والولايات المتحدة ليست سوى نموذجاً في السياق الغربي الذي يعيش حالة اتساع الهوة بين مجتمع الأغلبية والأقليات، إذ باتت العنصرية تتوغل في بعض المؤسسات، وأخطرها الجيوش والشرطة والقضاء، وهذا الأمر قائم في بلدان منها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول شرق أوروبا واسكندنافيا، وغيرها.

المساهمون