شلل تام في مدينة الباب السورية بسبب اشتباكات

08 اغسطس 2024
مسلحون في مدينة الباب السورية، 1 يوليو 2024 (بكر القاسم/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **توتّر واشتباكات في مدينة الباب**: تشهد مدينة الباب توتراً كبيراً واشتباكات بين آل واكي وشبّان من دير الزور، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى ونزوح السكان.
- **دعوات للتهدئة والتدخل الرسمي**: دعا الناشطون فصائل الجيش الوطني والمؤسسات الرسمية للتدخل وحفظ الأمن، وأشاروا إلى أن سبب الاشتباكات كان خلافاً حول بسطة خضار.
- **تكرار الاقتتال المحلي وضعف التعامل القضائي**: الاقتتال المحلي يتكرر في مناطق سيطرة الجيش الوطني، والناشطون ينتقدون ضعف التعامل القضائي ويدعون لمنع حمل السلاح وتوعية المقاتلين.

ما زالت مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، في شمال سورية، التي يسيطر عليها الجيش الوطني السوري المعارض، المدعوم من تركيا، تعيش توتّراً وإغلاقاً للمجال التجاري في الأسواق الرئيسية، وذلك على خلفية اشتباكات بين آل واكي وشبّان يتحدّرون من محافظة دير الزور (شرق)، الأمر الذي أسفر في الأيام الماضية عن سقوط قتلى وجرحى، من دون تمكّن القوى الأمنية والعسكرية في المنطقة من ضبط الوضع.

وأفادت الفعاليات المحلية في مدينة الباب السورية، في بيان اليوم الخميس، بأنّه "في مشهد لم يألفه الأحرار من قبل، اتّسم بالعصبية النتنة والمناطقية المقرفة التي ما فتئت تفتك في جسد الثورة طيلة السنين الماضية، تشهد شوارع مدينة الباب اشتباكات بين عصابات ومليشيات إرهابية مسلّحة تنسب نفسها زوراً وبهتاناً لثورة الكرامة"، مضيفة أنّها "تعبث بأمن مدينة آمنة، وتدهس حرمتها وكرامتها، وترهب سكانها في ظلّ تخاذل مؤسف من قبل المؤسسات الرسمية وفصائل من الجيش الوطني التي ما زلنا نحسبها على خير". وتابعت الفعاليات المحلية، في بيانها، أنّ المدينة تشهد قطع طرقات مع "إطلاق حشوات متفجّرة وإطلاق نار عشوائي"، و"تتبعها مع كلّ طلقة صرخة طفل، وخوف امرأة، ودعوات شيخ قد أنهكه ظلم المجرمين وتجبّرهم". وأوضحت الفعاليات نفسها أنّ الاشتباكات أسفرت عن مقتل وجرح عدد من المدنيين، وتدمير مبانٍ ومنشآت حيوية عدّة. كذلك فإنّ العنف أجبر سكاناً كثيرين على النزوح من منازلهم بحثاً عن الأمان.

من جهته، حثّ الناشط المدني السوري عمر السعيد، في حديث إلى "العربي الجديد"، "فصائل الجيش الوطني والمؤسسات الرسمية على الاضطلاع بدورها الحقيقي في حفظ أمن المدينة والتصدّي لمثيري الفتن الذين يعبثون بأمن المواطنين، من خلال اللجوء إلى السلاح لتسوية أيّ خلافات بسيطة كان من الممكن أن تُحَلّ بهدوء لو جرى الركون إلى المنطق والعقل". ولفت السعيد إلى أنّ "سبب هذه الاشتباكات كان مجرّد خلاف بسيط حول بسطة خضار في السوق"، لكنّ ذلك "أسفر عن مقتل شخصَين واصابة آخرين، من بينهم صيدلي". وتابع أنّ "الاشتباكات تزامنت مع إطلاق رصاص استهدف سيارات حضرت إلى موقع الاشتباك لفضّ النزاع في مدينة الباب، في ظلّ حالة من التوتّر والفوضى العارمة في المنطقة فيما ناشد الأهالي العقلاء بضرورة التدخّل وفضّ الاشتباك".

وفي حوادث مشابهة، أصيب في الرابع من أغسطس/ آب الجاري ثلاثة أشخاص في اشتباكات وقعت في قرية كلجبرين بريف أعزاز في ريف حلب الشمالي، استُخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وذلك بين عائلتَين من مهجّري مدينة حلب، على أثر خلافات قديمة بين الطرفَين.

وقد دعت منظمات حقوقية إلى إجراء التحقيقات اللازمة، وحشد الرأي العام ضدّ المجرمين وتعريتهم، والعمل على الاقتصاص منهم في المحاكم المحلية، وحماية المدنيين الآمنين. كذلك طالبت "الضامن التركي"، عبر قواعده العسكرية واستخباراته المنتشرة في المنطقة، إلى الوقوف أمام مسؤولياته والتحرّك بصورة عاجلة لإعادة فرض الأمن والهدوء، وفقاً للوعود التي أطلقها لأهالي المنطقة في مناسبات سابقة.

تقارير عربية
التحديثات الحية

في الإطار نفسه، قال أحد الناشطين المدنيين السوريين في مدينة الباب، رافضاً الكشف عن هويته لأسباب أمنية، إنّ "الاقتتال المحلي يتكرّر في مناطق سيطرة الجيش الوطني لأسباب عدّة". وأوضح الناشط لـ"العربي الجديد" أنّ الاقتتال قد يأتي بسبب "خلافات بين مكوّنات الفصائل على مستوى الأفراد، أو نتيجة خلفيات أخرى". وأضاف أنّ مدينة الباب تُعَدّ من المدن التي يتكرّر فيها هذا النوع من الاقتتال الذي تنعكس آثاره السلبية على المجتمع المحلي بكلّ مكوناته، وتشلّ حركة السكان في المدينة، إلى جانب ما تتسبّب فيه من سقوط ضحايا باستمرار، وغالباً ما يكون بينهم أطفال.

ولفت الناشط السوري إلى أنّ المشكلة في هذا النوع من الاقتتال الفصائلي أو العشائري هو أنّ التعامل القضائي معه يكون ضعيفاً، فسلطة الفصائل فوق سلطة القانون، كذلك فإنّ للعشائر قادتها في صفوف الجيش الوطني، لذلك لا يمكن تعويض الذين يتضرّرون بسببها وفقاً لسياسة الأمر الواقع، سواء أكانوا قتلى أو جرحى أو متضرّرين مادياً.

وأوضح الناشط نفسه أنّ بيانات كثيرة صادرة عن الحكومة المؤقتة والجيش الوطني والمكوّنات الأخرى تقضي بمنع حمل السلاح في المدن، من قبل المنتسبين إلى الفصائل العسكرية، لكنّ هذا الأمر لم يُطبَّق قطّ على أرض الواقع. ورأى أنّ إنهاء هذه الحالة يتطلب "عملاً جدياً وفعّالاً من قبل الفصائل لمنع حمل السلاح وتوعية المقاتلين بعدم استخدامه في المدن تحت طائلة المحاسبة، بالإضافة إلى خطوات أخرى من شأنها الحدّ ممّا يحصل". وطالب الناشط "الفصائل بخطوات عملية على الأرض وليس الاكتفاء ببيانات وتنديد".

ولفت الناشط السوري إلى أنّ في حال كان من الصعب منع السلاح المنتشر بين معظم السكان بسبب شيوع مفهوم "الأمن الذاتي" في ظلّ ضعف الثقة بالقوى والمؤسسات المسيطرة التي من المفترض أن تتوّلى هي حماية المواطنين وفرض القانون، فإنّ من الضروري ضبط استخدام هذا السلاح والتعامل بحزم مع كلّ حالة يُستخدَم فيها السلاح لتسوية خلافات مدنية.

وكان الشاب السوري محمد بديع السعود المتحدّر من محافظة دير الزور، وهو موظّف مدني يعمل في شركة الكهرباء، قد قُتل أمس الأربعاء، إلى جانب آخر، في حين أُصيب أكثر من عشرة أشخاص آخرين، من بينهم مدنيّون، في اشتباكات عنيفة بين شبّان من آل واكي، عدد منهم منتسب إلى فصائل الجيش الوطني السوري، وبين آخرين يتحدّرون من محافظة دير الزور، عدد منهم منتسب إلى فصيل أحرار الشرقية في مدينة الباب.

المساهمون