يخشى أهالي قرى شرقي محافظة رام الله والبيرة الفلسطينية من تحول قراهم إلى سجن في حال أكملت مستوطنة "بيت إيل" الطريق الاستيطاني الجديد، الذي يربطها بما يعرف بالشارع 60 الممتد من الخليل إلى جنين، والذي يجرى تعديله في عدة مناطق من أجل ربط المستوطنات بعضها ببعض.
وحذر مركز القدس للمساعدة القانونية من أن الطريق الجديد يهدد بمصادرة آلاف الدونمات، وسيؤدي إلى تمزيق مساحات كبيرة من أراضي سكان مدينة البيرة، وقرية عين يبرود، وقرية بيتين، فضلا عن إطباق الخناق على أحياء سكنية كاملة، مشيرا إلى تعمد المستوطنين شقه خفية، أو البدء في مناطق مخفية بالجبال والتضاريس من جهة مستوطنة "بيت إيل" للإسراع بفرض أمر واقع على الأرض.
وقال رئيس مجلس قروي عين يبرود ناجح مناع، لـ"العربي الجديد": "العمل في الطريق بدأ عبر مرحلتين؛ الأولى شملت شق مقطع يقارب 600 متر في منتصف شهر مايو/أيار الماضي، وجرى العمل بهذا المقطع مدة تقارب ثلاث ساعات فقط، إذ قامت الجرافات ببدء الحفر فجرا، حتى وصلت إلى مكان قريب من الشارع الذي يسلكه الفلسطينيون، ويربط بين القرى الفلسطينية".
وأضاف مناع: "لم يكن الأهالي يعلمون أن الحفر استكمل في منطقة أخرى تبعد قرابة 3 كيلومترات، واكتشفوا لاحقاً أن الأعمال استمرت قرابة ثلاثة أسابيع، والمقطع الآخر يبدأ من مستوطنة بيت إيل مروراً بأراضي مدينة البيرة وقريتي عين يبرود وبيتين، وقد وصل إلى مكان قريب من منازل المواطنين، ولا يفصله عن المقطع الأول سوى أقل من كيلومتر واحد حتى يصبح طريقا متصلا يصل المستوطنة مباشرة بشارع 60".
توقف العمل في الشارع بعد توجه الأهالي إلى المكان، وقد أبلغ جيش الاحتلال الأهالي بأن المستوطنين شقوا الطريق على حسابهم من دون قرار رسمي من الجيش، أو ما يسمى "الإدارة المدنية"، لكن تلك الرواية لا تبدو منطقية، سواء للأهالي وأصحاب الأراضي، أو للمؤسسات الرسمية والأهلية الفلسطينية.
يقول مدير العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عبد الله أبو رحمة، لـ"العربي الجديد": "تبين لاحقاً عدم وجود إعلان مسبق عن الشارع من جيش الاحتلال، أو "الإدارة المدنية"، لكن مستوطنة (بيت إيل) تضم مقر قيادة الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، ومن هذا المقر تنطلق عمليات ملاحقة البناء الفلسطيني في الضفة الغربية، حتى لو كان غرفة صغيرة أو خيمة".
ويؤكد أبو رحمة وجود تعاون بين المستوطنين وجيش الاحتلال، "فمعظم موظفي الإدارة المدنية هم مستوطنون يعملون في النهار في المعسكرات والنقاط العسكرية، ومن الواضح أن هناك غض طرف، أو تنسيقاً، وإن بصورة غير رسمية".
ومع أن الأشغال توقفت حاليا، يحذر المحامي في مركز القدس للمساعدة القانونية، وائل القط، من خطورة الركون إلى أن الأمر مجرد اعتداء من المستوطنين قام جيش الاحتلال بإيقافه، ويضيف، لـ"العربي الجديد"، أن هناك إشارات إلى أن الأمر ليس مجرد تحرك من المستوطنين، ومن شهادات الأهالي، وأن من كان يقوم بالأعمال هم مقاولون، وهؤلاء عادة ما يأخذون العطاءات من "الإدارة المدنية".
ويشدد المحامي القط على "ضرورة متابعة الأمر على كل المستويات، القانونية والسياسية والشعبية، فهناك احتمالات بوجود مخطط رسمي، وأوامر استملاك للأراضي، وهي ملكيات شخصية للفلسطينيين، لكن المدد القانونية لتطبيقه وفقاً للوائح العسكرية الإسرائيلية لم تنتهِ، ولم تصل إلى الأهالي نسخ عن الأوامر العسكرية، وبالتالي قد يكون المستوطنون أرادوا استباق الوقت، وقد فعلوا ذلك في مناطق استيطانية أخرى".
وتكمن خطورة الطريق في أمرين، الأول تأثيره على الأهالي، والثاني استراتيجية ربط المستوطنات بعضها ببعض، لا سيما "بيت إيل" الواقعة في قلب الضفة الغربية، ويؤكد المحامي وائل القط أن الحفريات تمت على طول يقارب 3 كيلومترات، وعرض يصل إلى ثمانية أمتار، لكن الأمر لن يقتصر على ذلك، بل سيشمل ما لا يقل عن 50 متراً في كل جانب من جوانب الطريق، بالإضافة إلى إجراءات أمنية، فضلا عن فرض قيود على البناء الفلسطيني في المنطقة بسبب الطريق.
ويقول منسق اللجان الشعبية في الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في الضفة سهيل سلمان لـ"العربي الجديد": "الشارع يعد واحداً من خطط ربط المستوطنات بالشوارع الالتفافية، فربط بيت إيل بشارع 60 مباشرة بدلاً من الطريق الحالية التي يمر منها الفلسطينيون، يؤدي إلى وجود شارع مخصص للمستوطنين، وخلق سلاسل متصلة بين المستوطنات، ومع الوقت، يمكن منع الفلسطينيين من المرور من الشارع 60 الممتد على طول الضفة الغربية، والذي أقيم استنادا لطرق قائمة بتعديلات جعلت منه مساراً مستقيماً يخدم المستوطنين".
وتعتبر مستوطنة "بيت إيل" مقرا لمركز قيادة جيش الاحتلال في الضفة الغربية منذ ما قبل إنشاء السلطة الفلسطينية، وفيها مقر "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال، والتي تعتبر بمثابة الحاكم العسكري في الضفة، إضافة إلى مستوطنة يعيش فيها آلاف المستوطنين، وتقع بين شرق وشمال مدينة رام الله.