سويلا برافرمان: سياسة ترحيل اللاجئين ليست عنصرية

17 مايو 2023
تتبنى وزيرة الداخلية البريطانية مواقف عدائية ضد المهاجرين (ليون نيال/Getty)
+ الخط -

خلال كلمتها في المؤتمر الوطني للقيم المحافظة، أعادت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، التأكيد على تمسّكها بكل مواقفها السابقة إزاء اللاجئين والمهاجرين، قائلة إن سياسة الحكومة "غير عنصرية"، لأننا "راغبون بالسيطرة على حدودنا، وعاجزون عن تأمين أماكن لاستضافة مزيد من اللاجئين".
كانت برافرمان تتحدث في المؤتمر الثامن الذي تنظمه مؤسسة "إدموند بورك" للجمع بين الشخصيات العامة ذات الميول اليمينية والصحافيين والعلماء، والذي انطلق الإثنين، ويستمر لثلاثة أيام، وأشارت الوزيرة التي هاجر والدها الكيني من أصول هندية إلى بريطانيا، إلى أن "الاعتراف بالأعداد الكبيرة لطالبي اللجوء القادمين إلى شواطئ المملكة المتحدة بطرق غير قانونية لا يعني أننا عنصريون، أو كارهون للأجانب، أو متعصّبون. جاء والداي إلى بريطانيا من خلال هجرة قانونية خاضعة للرقابة".
وخلال حديثها عن تجربة والديها، انتقدت برافرمان طالبي اللجوء، وقالت: "والداي قدما إلى بريطانيا، وتحدّثا لغتها، واحتضنا قيمها وتقاليدها، وكانا جزءا من مشروعها الوطني. طالبو اللجوء عليهم ألا يكتفوا بالمجيء لطلب المساعدة والحماية، بل يحتاجون إلى تعلم الإنكليزية، وفهم الأعراف المجتمعية".
وقاطع ناشطان من جماعة "إكستنشن ريبيليون" برافرمان أثناء خطابها، وحديثها عن سياستها الخاصة باحتجاز طالبي اللجوء وترحيلهم على الفور، ما دفع رجال الأمن إلى اقتيادهما إلى خارج القاعة. وكتبت الحركة على حسابها في موقع "تويتر": "قمنا بتعطيل المؤتمر الوطني للمحافظين احتجاجاً على الإيديولوجيات الفاشية لكبار الوزراء والنواب".

نشرت "ذا غارديان" مقالاً يعتبر برافرمان "وجه بريطانيا الوحشي"

في الوقت ذاته، نشرت صحيفة "ذا غارديان" مقالاً يهجو برافرمان، ويعتبر أنها "وجه بريطانيا الوحشي"، وأن "عداءها للمهاجرين واللاجئين، بينما هي ابنة مهاجرين، ليس قاسياً فحسب، بل لا يمكن فهمه على الإطلاق".
وكانت برافرمان قد استعارت في خطابها الأول كوزيرة للداخلية، عبارة مارتن لوثر كينغ الشهيرة: "لدي حلم"، قائلة إنها تحلم باللحظة التي ستحلّق فيها أول طائرة محمّلة باللاجئين إلى رواندا، ضمن الخطة المثيرة للجدل التي أعلنت عنها حكومة "المحافظين" قبل عام. 
وقد تدخلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اللحظات الأخيرة لمنع إقلاع أول طائرة كان من المقرر أن تحمل اللاجئين إلى البلد الأفريقي في يونيو/حزيران الماضي، ما دفع الحكومة البريطانية إلى التلويح بنيّتها الانسحاب من المحكمة، ووضع حد لأي التزام قانوني يعيق تنفيذ خططها.
ولم تتوقف برافرمان عن ابتكار أساليب جديدة لإيقاف تدفّق المهاجرين، وآخرها مشروع قانون الهجرة الجديد، والعالق حالياً في مجلس اللوردات، والذي يتيح للحكومة احتجاز كل طالبي اللجوء وترحيلهم على الفور إلى رواندا، أو إرجاعهم إلى بلدهم الأصلي إن كان "آمناً"، بمن فيهم الأطفال القادمون بدون مرافق، وكبار السن والمرضى والنساء.

يثير ملف الهجرة خلافات متزايدة داخل حزب المحافظين البريطاني

ومع أن كافة استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع المخاوف من الهجرة، وإلى انشغال الناخبين البريطانيين بأولويات مختلفة، كالأزمة الاقتصادية، وغلاء المعيشة، وانهيار القطاع الصحي، إلا أن رئيس الحكومة، ريشي سوناك، وهو أيضاً من أصول مهاجرة، وضع ملف الهجرة ضمن وعوده الخمسة عند وصوله إلى السلطة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووصف رئيس أساقفة "كانتربيري"، جاستن ويلبي، التشريع المقترح بأنه "غير مقبول أخلاقياً"، بعد أن وصف "خطة رواندا" بأنها "غير إنسانية"، في حين وصفها الملك تشارلز قبل عام بأنها "مروّعة".
ويثير ملف الهجرة خلافات وانقسامات متزايدة في صفوف حزب المحافظين، وفي مجلس الوزراء، بين من يطالبون بـ"تقليص الهجرة على المدى الطويل إلى عشرات الآلاف"، ومن يطالبون بـ"تخفيف القيود المفروضة على نظام التأشيرات لتعزيز النمو الاقتصادي".
وحول المطلب الأخير، قالت برافرمان، إن "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجب أن يتيح بناء اقتصاد يتسم بمهارات عالية، وأجور مرتفعة"، لكن إصلاح نظام الهجرة عبر الطرق القانونية ليس الحلّ الأمثل بالنسبة لها، بل "تدريب عدد كاف من سائقي الشاحنات والجزّارين والمزارعين لضمان أقل اعتماد ممكن على العمالة الأجنبية منخفضة المهارة".

عندما تتحدث برافرمان عن "الحدود"، فهي لا تقصد فتحها، أو استقدام مهنيين وطلّاب وأصحاب خبرات، بل تقصد إغلاقها في وجه من وصفتهم قبل أشهر بـ"الغزاة على شواطئنا"، كما تبذل جهوداً للحصول على موافقة مجلس الوزراء على خطة "إصلاح مسار تأشيرة خريجي الجامعات"، إذ تسعى إلى تقليص المدة الزمنية لبقائهم من دون وظيفة من سنتين إلى 6 أشهر، كما ترمي إلى "إلغاء التأشيرة التي يحصل عليها معيلو الطلاب" بعد أن كان المسار الحالي يسمح لهم بالانضمام إلى أولادهم أثناء الدراسة.

وتعرّضت برافرمان خلال الأسبوعين الماضيين لانتقادات لاذعة بعد أن مرّرت "الحلة الجديدة" لقانون الأمن العام، والذي تتيح بنوده احتجاز وتغريم النشطاء والمحتجّين. وجاء تمرير القانون بالتزامن مع مراسم تتويج الملك تشارلز، ما أدّى إلى اعتقال الشرطة لمتظاهرين سلميين "بقوة القانون"، واحتجازهم لساعات طويلة من دون توجيه أي اتهامات لهم.

المساهمون