سجناء بدر في مصر يسربون بياناً يكشف انتهاكات بالجملة أدت إلى حالات انتحار

القاهرة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
23 فبراير 2023
بيان مسرّب يفضح انتهاكات سجن "بدر 3" في مصر
+ الخط -

تمكّن محبوسون سياسيون مصريون، في سجن بدر 3 قطاع 1 ،2 ، 3 ، 4، من تسريب بيان باسمهم يحمل شكوى من جملة انتهاكات يعانون منها في حبسهم الجديد لسجن العقرب شديد الحراسة، ويناشدون كل المنظمات الحقوقية والدولية سرعة التدخل لإنقاذهم مما وصفوه بـ"جحيم الموت البطيء الذي تنفذه الدولة منذ سنوات".

واشتكى السجناء مما وصفوه بـ"التعنت الشديد من إدارة سجن بدر3 في عدم السماح للأهالي بزيارة ذويهم المعتقلين، الأمر الذي وصلت مدته إلى أكثر من 7 سنوات، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى بحق المعتقلين مثل عدم وجود تريض بشكل كلي لكل المحبوسين سواء احتياطياً أو محكومين، وأن الوجبات المقررة ضعيفة جداً ولا تكفي لإطعام طفل صغير، وأن الحالة الصحية متدهورة ومأساوية، ومن عدم وجود ماكينات للحلاقة أو شفرات مطلقاً".

انتهاكات بالجملة

وقال السجناء في بيانهم: "هناك المزيد والمزيد من الانتهاكات، مما جعل المعتقلين يقومون بفتح كل النظارات -فتحات صغيرة في الأبواب المصفحة يدخل منها الطعام- الخاصة بالأبواب الإلكترونية وغلق كل كاميرات المراقبة المتواجدة  بكل الغرف، ودخول قطاع 4 ، 3 في إضراب كلي، الأمر الذي واجهته الإدارة بمزيد من التعسف حيث قامت باستدعاء القوة الضاربة والأمن المركزي واقتحموا الغرف وتم توزيع بعض الغرف على التأديب مما قابله رد فعل من المعتقلين".

وروى السجناء في البيان، وقائع حدثت نتيجة هذه الممارسات والانتهاكات، ومنها إقدام حسام أبو شروق، على شنق نفسه ولم يستطع من معه في الغرفة، إنقاذه نظراً للضعف الشديد نتيجة الإضراب.

الصورة
بيان سجناء مصر (العربي الجديد)

وأضافوا كذلك أن محمد ترك أبو يارا، بعد زلزال تركيا طلب من إدارة السجن الاطمئنان على أهله المقيمين هناك، إلا أنّ إدارة السجن رفضت ذلك فقام بقطع شرايين يده، ولا يعلم أي تفاصيل أخرى عنه.

وقالوا كذلك إنه نتيجة "للتدخل من القوة الضاربة بوحشية مع المعتقلين حدثت أزمة قلبية حادة جدا للمعتقل طه وبعد الخبط على الأبواب لإسعافه تم الاستجابة بعدها بساعات، مما أدى إلى انقطاع تام في النفس وزرقة شديدة في الوجه ولا يعلم عنه أي شيء".

ورووا كذلك أنّ "المعتقل عوض نعمان قطع شرايين يده وتم نقله إلى مستشفى بدر من قبل مصلحة السجون"، فضلاً عن دخول المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، في إضراب كلي نتيجة للمعاملة السيئة من قبل إدارة السجن معه وعدم الاستجابة له في الذهاب للمستشفى بالإضافة لعدم السماح له بحضور الجلسات أمام النيابة.

وأكد السجناء في رسالتهم أنّ هذه بعض الحالات وليس كلها حيث إن العدد في زيادة والمقبلين على الانتحار كثر نتيجة المعاملة السيئة والتي تسوء يوماً بعد يوم.

وفي ختام بيانهم، قال السجناء إنّ "مساعد وزير الداخلية حضر إلى بدر3 وطلب من المعتقلين أن يزيلوا ويكشفوا الكاميرات، إلا أن المعتقلين رفضوا لأنه قال لهم ليس من صلاحياتي الاستجابة لمطالبكم والمتمثلة في أكثرها أهمية في الزيارة. كما أن ضابط الأمن الوطني مروان قال لهم: لو السيسي سمح لكم بالزيارة فلن أسمح لكم. وعندما علم مساعد وزير الداخلية بمقولته قال عنه: "ده عيل". 

"العقرب الجديد"

من جهتها، رصدت منظمة "كوميتي فور جستس" العديد من الانتهاكات الحقوقية التي تلاحق "مجمع سجون بدر"، الذي افتتحته السلطات المصرية لكي يكون بديلاً عصرياً عن السجون التقليدية القديمة، سيئة السمعة دولياً، القائم بعضها في مصر منذ بداية القرن المنصرم.

وذكرت في تقرير لها، أمس الأربعاء، أن السلطات المصرية أرادت انتهاك الحقوق الأساسية لمواطنيها المحتجزين بمجمع بدر حتى قبل أن تفتحه، إذ أسست لقاعات تعقد فيها جلسات المحاكمة للمحتجزين فيه، "في عصف واضح المعالم باستقلالية القضاء وفي انتقاص لمعايير المحاكمة العادلة، حيث لا يمكن للمحتجز أن يدافع عن نفسه ولا من ينوب عنه داخل أسوار السجن الذي تحتجز فيه حريته".

وأضافت المنظمة، أنه رغم أن المجمع يضم ثلاثة مراكز تأهيل إلى جانب المركز الطبي المجهز بسعة 175 سريراً، وغرفتي عمليات، وحجرة عمليات قسطرة، و18 غرفة عناية مركزة، و11 عيادة خارجية، و4 وحدات للغسيل الكلوي، إلا أنها رصدت شكاوى عديدة لمحتجزين بالمجمع من الإهمال الطبي.

كذلك أشارت المنظمة، إلى أن أوضاع الاحتجاز داخل المجمع "غاية في السوء"، حتى أن أهالي المحتجزين فيه أطلقوا عليه لقب "العقرب الجديد"، نسبة إلى سجن العقرب شديد الحراسة وذي السمعة السيئة دولياً.

ورصدت "كوميتي فور جستس" بعض الأوضاع السيئة داخل المجمع، والتي منها؛ منع دخول الكثير من الأغطية والملابس للمحتجزين في سجن "بدر 3"؛ رغم انخفاض درجات الحرارة خلال تلك الفترة من العام، كذلك بالنسبة للطعام؛ الذي هو من أساسيات الحقوق الإنسانية، فالسجن يتعمد التضييق على المحتجزين وذويهم، حيث تم منع إدخال اللحوم والبيض، ومنع الأسماك، والأعشاب الطبيعية، والمخبوزات في الزيارات؛ بالرغم من أن التعيين الذي يقدم للنزلاء صار أقل من المعتاد نظراً للظروف الاقتصادية، فضلاً عن الارتفاع الجنوني للأسعار داخل "كانتين" السجن.

شكاوى الزيارات

كما سجلت المنظمة شكاوى بشأن الزيارات، فمنذ إنشاء المجمع اقتصرت الزيارات فيه على زيارة واحدة شهريا، وهو أمر مخالف لقانون مصلحة السجون، كذلك تم رصد منع المتهمين من التعرض للشمس بأي شكل من الأشكال، إضافة إلى إضاءة الأنوار داخل الغرف طوال الـ24 ساعة، وهو الأمر الذي يمنع النوم بشكل منتظم للمحبوسين، بخلاف وضع كاميرات مراقبة تعمل طوال اليوم داخل الغرف.

ولفتت المنظمة إلى أنه نتيجة لكل تلك الانتهاكات بحقهم؛ قام المحتجزون في أكتوبر /تشرين الأول 2022، بإعلان إضرابهم عن الطعام، وقاموا أيضا برفض استلام الطعام المقدم من إدارة السجن "التعيين الميري"، وذلك لحرمانهم هم وذويهم من التواصل سواء عن طريق الزيارات أو إرسال أو استلام رسائل خطية للاطمئنان عليهم أو حتى عن طريق الفيديو، وكذلك حرمانهم من التريض بشكل دوري، ومنع دخول الكتب والمطبوعات.

وأوضحت أنه كنتاج طبيعي لكل تلك الانتهاكات، كانت هناك زيادة مطردة في عدد الوفيات داخل مجمع سجون بدر، إذ رصدت وفاة 5 محتجزين بسبب الإهمال الطبي، وسوء أوضاع الاحتجاز، وهم السيد محمد عبد الحميد الصيفي (61 عاماً)، الذي توفي في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إذ عانى من تدهور حالته الصحية قبيل وفاته. وعلاء محمد السلمي (47 عاماً)، وتوفي في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022؛ نتيجة إضرابه عن الطعام احتجاجا على الانتهاكات التي تعرض لها داخل سجن بدر 3.

كما توفي مجدي عبده الشبراوي، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وذلك بعد تدهور صحته جراء ظروف الاعتقال السيئة، وإصابته بالتهاب مزمن بالكلى في أعقاب القبض عليه. وحسن دياب حسن عطية (47 عاماً)، وتوفي في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وذلك داخل سجن بدر 3.

كما توفي جهاد عبد الغني محمد سليم (32 عاماً)، في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2022، إذ كان مصابا بسرطان الفك والحلق وفي حالة متأخرة منهما، وكان محتجزاً بالمركز الطبي لمنطقة سجون بدر لمدة 4 أيام فقط قبل وفاته.

ورأت "كوميتي فور جستس"، أن الطريقة التي تدير بها السلطات المصرية ملف مقار الاحتجاز لديها طريقة أثبتت فشلها؛ فما نفع تغيير المباني والعقول واحدة، وأن المشكلة تتلخص في عدم وجود إرادة سياسية لدى مصر لتغيير ثقافة تعاملها مع المحتجزين لديها، والتي تبدأ بحل مشكلة المعتقلين بمصر، والذين تصل أعدادهم لعشرات الآلاف، من خلال الإفراج عنهم، مع ضرورة توفير سبل الرعاية المعيشية المناسبة للمحتجزين أيًا كان انتماؤهم الديني أو اتجاهاتهم السياسية.

ذات صلة

الصورة
فلسطيني يستعرض أصفاد الاحتلال في يديه بعد إطلاق سراحه، 24 مارس 2024 (الأناضول)

سياسة

دعت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بمسألة التعذيب، أمس الخميس، إسرائيل إلى التحقيق في قضايا حول تعذيب أسرى فلسطينيين وإساءة معاملتهم.
الصورة
خريطة العراق

مجتمع

هزّت جريمة في البصرة العراقيين، إذ قتل أب 12 شخصاً من أفراد عائلته، ومن ثمّ وضع حداً لحياته بالانتحار في منطقة دور الموظفين بقضاء شط العرب في المحافظة.
الصورة

سياسة

الضرب المبرح وبتر الأطراف نتيجة الأصفاد، والاحتجاز داخل أقفاص، ليست سوى جزء من صور الموت وأشكال التعذيب، في معتقل "سدي تيمان" الإسرائيلي، وما خفي أعظم
الصورة

مجتمع

انعقد إفطار منطقة المطرية الشهير هذا العام تحت شعار "السنة العاشرة جيرة وعشرة.. لمة العيلة الكبيرة"، وارتدى عشرات الحضور القمصان السوداء المزيّنة بشعار فلسطين..
المساهمون