لم تكن ماليزيا الدولة الأولى التي وافق برلمانها على مشروع قانون يلغي عقوبات الإعدام الإلزامية لمجموعة من الجرائم الخطيرة كجزء من إصلاحات واسعة النطاق، ما يؤدي إلى إرجاء تنفيذ حكم الإعدام في أكثر من 1300 سجين، إذ سبقتها العديد من الدول التي تفاوتت في التعامل مع أحكام الإعدام ما بين الإلغاء أو التعطيل أو التخفيف.
وكانت عقوبة الإعدام تُفرض في ماليزيا قبل موافقة البرلمان، أمس الإثنين، على مشروع قانون يلغيها، على 11 جريمة خطيرة، بما في ذلك القتل وتهريب المخدرات والخيانة والاختطاف وأعمال الإرهاب، غير أن التعديل الجديد سيمنح المحاكم الآن خيار إصدار أحكام بالسجن تراوح بين 30 و40 عاما والضرب بالعصا. كما سيتم استبدال السجن المؤبد الطبيعي، الذي يُحتجز فيه السجناء خلف القضبان حتى الموت، بالسجن من 30 إلى 40 عامًا.
انخفض عدد عمليات الإعدام من 579 في عام 2019 إلى 437 في عام 2020
وينتظر ما لا يقل عن 1318 شخصا تنفيذ حكم الإعدام فيهم، من بينهم 842 استنفدوا جميع سبل الاستئناف، وترتبط معظم الحالات بتجارة المخدرات. ووفقًا لشبكة آسيا لمكافحة عقوبة الإعدام، يمثل الأجانب أكثر من 500 من المحكوم عليهم بالإعدام.
انخفاض حالات الإعدام
وقادت العديد من الجهود الدولية والاتفاقيات التي وقعتها دول عديدة لتعزيز الحريات العامة ورفض عقوبة الإعدام إلى انخفاض عدد عمليات الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أدنى مستوياتها في عقد بنسبة بلغت 25 في المائة، إذ، بحسب منظمة العفو الدولية، فقد انخفض عدد عمليات الإعدام من 579 في عام 2019 إلى 437 في عام 2020.
ويعزى هذا الانخفاض إلى حد كبير إلى تراجع تنفيذ الإعدامات في عدة دول. فعلى سبيل المثال، انخفضت نسبة الإعدام في المملكة العربية السعودية إلى 85 في المائة، وفي العراق لأكثر من النصف.
ووفق التقرير الذي يرصد حالات الإعدام، فقد استحوذت إيران ومصر والعراق والسعودية على 88 في المائة من عمليات الإعدام العالمية المعروفة في عام 2020، وشكلت إيران 56 في المائة من إجمالي عمليات الإعدام المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويكشف التقرير عن أن إيران أعدمت في العام 2020 246 شخصاً، ومصر 107 أشخاص، أما العراق فأعدم 45 شخصا، والسعودية 27 شخصاً.
دول تخلت عن الإعدام
وبدأت النقاشات بشأن أهمية التخلي عن عقوبة الاعدام منذ منتصف القرن الماضي، ونصت العديد من الاتفاقيات الدولية على أهمية التخلي عن هذه العقوبة، ولذا سعت دول عديدة إلى إلغاء العقوبة، وحتى العام 2021 فقد ألغى أكثر من ثلثي دول العالم عقوبة الإعدام في القانون أو الممارسة.
إيران أعدمت في العام 2020، 246 شخصاً، ومصر 107 أشخاص، أما العراق فأعدم 45 شخصاً، والسعودية 27 شخصاً
ووفق تقرير رصد حالات الدول الصادر عن منظمة العفو الدولية في العام 2021، فإن العديد من الدول بدأت بالتخلي تدريجياً عن عقوبة الإعدام. ويقسم التقرير الدول إلى ثلاث مجموعات:
- المجموعة الأولى: وهي عبارة عن 8 دول، ألغت عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم العادية، وأبقت عليها في ما يخص الجرائم الكبرى التي تحصل أثناء الحرب، ومن ضمنها جمهورية كازاخستان في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى البرازيل، شيلي، غواتيمالا وغيرها.
- المجموعة الثانية: الدول التي أبقت على عقوبة الإعدام في القانون، لكنها لم تمارس هذه العقوبة فعلياً منذ أكثر من 10 سنوات، ومن ضمنها، الجزائر، موريتانيا، المغرب، تونس، بروناي دار السلام، طاجيكستان، لبنان.
- المجموعة الثالثة: وتضم الدول التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام، ويصل عددها إلى 55 دولة، ومن ضمنها بعض الدول العربية والأفريقية.
دول إسلامية ألغت عقوبة الإعدام
ونجحت العديد من الدول الإسلامية في إلغاء عقوبة الإعدام. وبحسب رصد لمنظمة العفو الدولية، ولمركز معلومات عقوبة الإعدام، فإن العديد من برلمانات الدول الإسلامية لجأت إلى تغيير عقوبة الإعدام وتخفيفها إلى العقوبات المشددة أو الحبس مدى الحياة.
ووفق البيانات الصادرة، فقد خطت الدول الأفريقية عموماً خطوات مهمة في هذا الصدد، ويظهر أيضاً أن حصة الدول الإسلامية كانت ملفتة وهامة، إذ نجحت كل من دولة بنين وغينيا بيساو، وجيبوتي، والغابون، وتوغو، وتشاد، والسنغال، وموزامبيق، وسيراليون، في التخلي عن عقوبة الإعدام.
وفي القارة الآسيوية، لا تزال عقوبة الإعدام تطبق، وتحديداً في شرق وغرب القارة. ورغم ذلك، فهناك مساع عديدة للتخلي عنها، خاصة من قبل الدول الإسلامية، إذ تظهر البيانات أن كلا من ماليزيا وتركيا تخلتا عنها تباعاً.
أيضاً في آسيا الوسطى والدول الواقعة في أوراسيا، فقد نجحت دول أيضاً بالتخلي عن عقوبة الإعدام، ومن ضمنها كل من أذربيجان، تركمانستان، قرغيزستان، أوزبكستان.
مع رفع قيود فيروس كورونا عن المحاكم، عاد تنفيذ أحكام الإعدام، وبلغ عدد أحكام الإعدام المؤكدة حول العالم 2052 حكمًا في عام 2021، وهو أعلى بنسبة 38.9 في المائة من أحكام الإعدام البالغ عددها 1477 حكماً التي صدرت في عام 2020، ولكنها ظلت أقل بكثير مما كانت عليه سابقاً.
وقد بلغ إجمالي أحكام الإعدام الصادرة ما قبل الوباء 2307، وفرضتها 56 دولة في عام 2019. وارتفعت أحكام الإعدام في دول جنوب آسيا في بنغلاديش (181 على الأقل)، والهند (144)، وباكستان (129 على الأقل)، في عام 2020. وذكرت منظمة العفو أن ما لا يقل عن 28670 شخصاً كانوا من المحكوم عليهم بالإعدام في نهاية عام 2021.