خيام النزوح على شاطئ بحر غزة.. الخيار الأكثر قسوة و"ملوحة"

23 يونيو 2024
خيام النزوح على شاطئ غزة، يونيو 2024 (علاء الحلو/العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- غانم صافي وأسرته يقيمون في خيمة على شاطئ البحر بدير البلح في غزة، نتيجة لنزوحهم المتكرر بسبب القصف، ممثلين لمعاناة الفلسطينيين الذين يواجهون التنقل القسري بحثًا عن الأمان.
- الاكتظاظ ونقص المساحات الآمنة يدفع الفلسطينيين لإقامة خيامهم على شاطئ البحر، حيث يعيشون في ظروف قاسية تفاقمها التغيرات المناخية ونقص الحماية.
- تحول شاطئ بحر غزة إلى مأوى يفتقر للخدمات الأساسية، حيث يشارك النازحون قصصهم عن الحياة الصعبة والتحديات اليومية مثل نقص المياه وصعوبات الطهي، معبرين عن الوضع الإنساني الصعب.

خيام النزوح الفلسطيني تضم قصصاً للمعاناة لا يمحوها الزمن، إحداها خيمة الفلسطيني غانم صافي الذي اضطر إلى إقامة خيمته القماشية على شاطئ بحر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد نزوحه للمرة السادسة من مدينة غزة، إلى المناطق الوسطى والجنوبية، في ظل تواصل القصف والخطر على حياته وحياة أسرته المكونة من خمسة أفراد.

وتدفع التهديدات الإسرائيلية المتواصلة المدنيين الفلسطينيين مُنذ بداية الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى التنقل القسري من منطقة إلى أخرى، أملاً بالنجاة، حيث تتناثر خيام النزوح الفلسطيني في ظل تواصل القصف والمجازر بحقهم، والتي أدت إلى استشهاد وفقدان وإصابة ما يزيد عن 130 ألف فلسطيني.

خيام النزوح تتزاحم على شاطئ غزة

ويضطر آلاف الفلسطينيين إلى إقامة خيام النزوح الخشبية والبلاستيكية والقماشية على رِمال شاطئ البحر بفعل الاكتظاظ الشديد في مُختلف المناطق التي يدّعي الاحتلال الإسرائيلي بأنها آمِنة، خاصة بعد اجتياح مدينة رفح جنوبي القطاع مطلع شهر مايو/ أيار الماضي، ونزوح قرابة 1.5 مليون فلسطيني نحو مواصي مدينة خانيونس، والمناطق الوسطى، التي باتت تعِج بخيام النزوح، في حين لم يعُد فيها موطئ قدم لاستقبال المزيد.

الصورة
خيام النزوح على شاطيء غزة (علاء الحلو/العربي الجديد)

ويعيش النازحون الذين اتخذوا من شاطئ البحر ملتجأً أخيراً لهم في ظروف غاية في القسوة، تجعلهم في مواجهة مُباشرة مع الأجواء، والتغيرات المناخية المُتقلبة، سواء في درجات الحرارة المُرتفعة للغاية نهاراً، أو انخفاض درجات الحرارة ليلاً، إلى جانب ارتفاع نسبة الرطوبة، وقوة الرياح وملوحتها، وهو ما لا تستطيع خيام النزوح على الصمود أمامها أو حماية ساكنيها.

ويوضح النازح غانم صافي، لـ"العربي الجديد"، أنه انتقل برفقة عائلته من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين إلى مخيم النصيرات، ومن ثم إلى مدينة رفح، وقد تخلل رحلته عدة تنقلات بفعل حالة الاكتظاظ والضيق، وصولاً إلى إنشاء خيمة مُلاصقة للبحر، لافتاً إلى أنه لم يتمكن من استئجار شقة صغيرة أو غرفة أو حتى مخزن منذ بداية العدوان الإسرائيلي بسبب نفاد الأماكن المُتاحة، كذلك بسبب الأسعار المبالغ بها للإيجارات بسبب قلة العرض وزيادة الطلب، ما اضطرهم إلى العيش في إحدى خيام النزوح على الرغم من صعوبة الواقع المعيشي فيها.

الصورة
خيام النزوح على شاطيء غزة (علاء الحلو/العربي الجديد)

ويوضح صافي مدى صعوبة العيش في خيام النزوح عموماً نظراً إلى انعدام الخصوصية، والإرهاق المُضاعف الذي يرافق كل أفراد الأسرة خلال العيش في خيام على شاطئ البحر، بسبب التقلبات المناخية، وارتفاع نسبة الملوحة، كذلك صعوبة الحصول على الخدمات الأساسية، نظراً إلى بُعد الشاطئ عن الشارع العام.

وتحول المشهد العام لشاطئ بحر قطاع غزة من الخيام الصيفية التي تستقبل المصطافين، والطاولات الخشبية والبلاستيكية التي تعلوها المظلات المجهزة للجلسات البحرية، إلى خيام مُتجاورة لإيواء النازحين من ويلات الحرب، وانعدام الأمان بفعل تواصل الاستهداف الإسرائيلي المُباشر للمدنيين.

ويلفت الفلسطيني سالم بكر، لـ"العربي الجديد"، إلى صعوبة الواقع الذي يعيشه النازحون الفلسطينيون، سواء في مدارس الإيواء ومراكزه، أو في الخيام البسيطة، وغير المُناسبة لممارسة الحياة اليومية، خاصة في ظل حالة النقص الشديد في مختلف مقومات الحياة، وفي مقدمتها الماء والغذاء والكهرباء، مرجعاً سبب إقامة خيمته على شاطئ البحر إلى عدم وجود أماكن في المناطق المُخصصة للخيام، قائلاً: "لا توجد أرض فارغة على طول الخط الساحلي، أو حتى بين البيوت داخل المناطق التي يقول الاحتلال إنها مناطق آمنة، ما اضطر المئات إلى النزول للعيش على شاطئ البحر، على الرُّغم من المُعاناة المُضاعفة التي يواجهونها".

ويصف بكر العيش داخل الخيام على شاطئ البحر بـ"غير الآدمية"، إذ يُمكن استيعاب فكرة الجلوس فيها خلال ساعات النهار نزهةً مؤقتةً، فيما لا يُمكن العيش على مدار الوقت، خاصة في ظل حالة النقص في كل المقومات الأساسية.

ويُبين الفلسطيني إسلام نصار، الذي نزح برفقة أسرته من حيّ النصر غربي مدينة غزة إلى مدينة دير البلح في الوسط، أن النقص في ماء الشرب أو المياه للاستخدام اليومي يشكل صعوبة كبيرة مُنذ بداية الحرب، ما يدفعه إلى نقلها يدوياً إلى مسافات بعيدة، وقد زاد العيش على الشاطئ من صعوبة النقل، بسبب انخفاض مستوى الشاطئ عن الشارع العام، وعدم وجود سلالم يمكنها تسهيل المهمة.

ويلفت نصار لـ"العربي الجديد" إلى مشكلة تُفاقم صعوبة الحياة في الخيام على شاطئ البحر، تتمثل في أزمة الغاز، وإشعال النار. يقول كذلك إنه "لا يُمكننا إشعال النار بسلاسة بفعل الرياح القوية، كما بتنا نشعر بالنقص الحاد في الأغطية بسبب النقص الحاد في درجات الحرارة خلال ساعات الليل"، والأصعب في ما يخص نصار "يكمن في الشعور الكبير بالقلق الذي يساور قاطني الخيام على الشاطئ، بسبب إطلاق الزوارق الحربية الإسرائيلية النار بصورة يومية ومتواصلة على من يحاول الدخول إلى البحر للصيد، خاصة مع ساعات الفجر"، مشيراً إلى حالة الفزع التي يعيشها أطفاله الذين يستيقظون على أصوات إطلاق النار والقذائف بصورة شبه يومية.

ويعيش مئات آلاف الفلسطينيين ظروفاً مأساوية ومُعقدة بفعل عدم الاستقرار والتنقل المتواصل من منطقة إلى أخرى طلباً للأمن، في ظل مُلاحقة التهديدات الإسرائيلية لهم أينما حلوا، واستهداف الكثير منهم داخل خيام النزوح، وتزامُن ذلك الواقع الصعب مع الأزمة المالية، وغلاء الأسعار، والنقص في مختلف مقومات الحياة اليومية، والغذائية والصحية.

المساهمون