حلم عائلة الشهيد الفلسطيني نور شقير بزواجه لن يتحقق

28 نوفمبر 2020
حلم عائلة
+ الخط -

قبل أسبوع فقط، طلب الشهيد الفلسطيني نور شقير، ابن حيّ وادي الربابة في بلدة سلوان جنوبي القدس القديمة، من والده أن يبحث له عن "بنت حلال" ليتزوجها، بعد أن ظل الأب لسنوات يُلحّ على ولده أن يتزوج، لكن الشهادة كانت في انتظاره بدلاً من الزواج.

استشهد نور جمال شقير (33 سنة)، مساء الأربعاء الماضي، بعد نحو ساعة من إطلاق الرصاص عليه من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال عبوره حاجز زعيم العسكري المقام شرقي القدس المحتلة، وخيم الحزن على عائلته التي لم يبقَ لها سوى ذكريات، منها ساعة يد أهداها إلى والده قبل أيام من استشهاده؛ وحديثهم عن قبوله فكرة الزواج وطلبه البحث عن عروس بعد أن كان دائم الرفض.

في الخيمة التي نُصبت بجوار منزل الشهيد، التقى "العربي الجديد"، والده الحاج جمال شقير، الذي حبس دموعه وهو يتذكر الأيام الأخيرة من حياة ابنه، وأسهب في الحديث عنه مترحماً عليه وعلى كل شهداء فلسطين، مشيراً إلى أن الساعة التي طوقت معصم يده كانت هدية من ابنه الشهيد قبل أيام فقط، مضيفاً: "الله يرضى عليه.كان دائم الاتصال بنا فرداً فرداً حين يكون خارج البيت، ويسأل عن أمه وأخواته يومياً عدة مرات".

وأضاف الأب: "كنا نُلحّ عليه بالزواج، وفي كل مرة يرفض، وكان يكرر دائماً أن الأوضاع غير مناسبة. جاءني قبل أسبوع من دون سابق إنذار ليطلب مني أن أزوجه، لكنه نال الشهادة بدلاً من الزواج".

لم تكن حياة الشهيد وعائلته سهلة؛ فالوالد يخوض منذ سنوات صراعاً مع الاحتلال ومستوطنيه الذين يريدون الاستيلاء على منزل العائلة في حيّ وادي الربابة الواقع جنوب المسجد الأقصى، وللمستوطنين في الحيّ أطماع بسبب أساطير معتقداتهم التوراتية عن قبور وهمية على سفوح وادي الربابة.

يقول والد الشهيد: "عرضوا عليّ مبالغ طائلة مقابل بيع البيت، ولما رفضت أرسلوا ورائي مخابراتهم، ولما كررت الرفض بدأ استهدافي واستهداف أبنائي، إذ اعتقلوا جلال ويحيى عام 2013، وحكم عليهما بالسجن الفعلي لمدة 26 شهراً، إضافة إلى فرض كفالات مالية عليهما بعد إدانتهما بإلقاء الحجارة على حافلة إسرائيلية وإصابة أحد المستوطنين، كذلك اعتقلوني عام 2013، خلال زيارة نجلي في سجن (بئر السبع – إيشل)، بدعوى محاولة إدخال شريحة هاتف، وأفرج عني حينها بشرط الإبعاد عن منزلي، وحرماني الزيارة عدة أشهر. أما الشهيد نور، فطالما كان عرضة لمضايقاتهم، حتى نالوا منه أخيراً بإعدامه بدم بارد".


حتى اللحظة يرفض الاحتلال تسليم جثمان الشهيد نور شقير، وقال والده: "طلبوا منا الهدوء وعدم رفع الأعلام أو ترديد الهتافات إلى أن يتم تسليم الجثمان، واقتحموا خيمة العزاء التي نصبناها قرب المنزل، وأزالوا منها لافتة تحمل صور نور، وعلم فلسطين. ما يهمنا أن نسترد جثمانه. نريد أن نواريه الثرى لا أن يظل محتجزاً".

بدوره، يقول عم الشهيد، سمير شقير، وهو محاضر في جامعة القدس، لـ"العربي الجديد": "كنت من بين من استدعوا للتحقيق لدى مخابرات الاحتلال بعد استشهاد ابن أخي، وسبقني للتحقيق والده الذي فجع بفقد نجله، بالإضافة إلى استدعاء اثنين من أشقائه. الأسرة كانت آخر من علم باستشهاده، حين شاهدوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي سيارة الشهيد وجثته بجوارها على الأرض بلا حراك، بينما أحاطه جنود الاحتلال مشرعين بنادقهم. كان المشهد صادماً. توجه والده إلى المكان برفقة أحد أنجاله، وحاولا الاقتراب، لكن جنود الاحتلال منعوهما".

وأضاف: "خلال التحقيق معي ومع والد الشهيد وأشقائه طالبناهم بتسليم جثة ابننا لدفنه، لكنهم رفضوا، وأبلغنا المحقق أن وحدة التحقيق مع الأفراد بشرطة الاحتلال بصدد فتح تحقيق أولاً في الحادث، للتأكد من حقيقة ما جرى، وبعد ذلك يتقرر ما إذا كان سيجري تشريح الجثمان أو لا".

وإلى أن يتحقق للعائلة مرادها بتسلم جثمان نجلها؛ فإنها لن تألو جهداً في ملاحقة قاتليه الذين أعدموه، وقال والده: "ستقدم العائلة أدلة على عملية القتل إلى القضاء الإسرائيلي رغم عدم إيماننا بعدالته. يجب محاسبة القتلة، فما اقترفوه كان جريمة".
أما شقيق الشهيد، يحيي شقير، فقد اختار طريقة أخرى للتعبير عن وفائه لشقيقه، إذ بدأ البحث عن ديونه لتسديدها لأصحابها، وكتب عبر حسابه في موقع "فيسبوك" مطالباً كل من له دين عند الشهيد أن يتواصل معه.

ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ
 

ذات صلة

الصورة
دخان ودمار في تل الهوى في مدينة غزة جراء العدوان الإسرائيلي، 10 يوليو 2024 (الأناضول)

سياسة

تراجعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من منطقتي الصناعة والجامعات، غربي مدينة غزة، اليوم الجمعة، بعد خمسة أيام من عمليتها العسكرية المكثفة في المنطقة.
الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
انتشال جثث ضحايا من مبنى منهار بغزة، مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

قدّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة ولا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم..
الصورة
قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم جنين في الضفة الغربية، 22 مايو 2024(عصام ريماوي/الأناضول)

سياسة

أطلق مستوطنون إسرائيليون الرصاص الحي باتجاه منازل الفلسطينيين وهاجموا خيامهم في بلدة دورا وقرية بيرين في الخليل، جنوبي الضفة الغربية.
المساهمون