استمع إلى الملخص
- رغم تحذيرات إدارة الجامعة من مخالفات محتملة، حصل المنظمون على موافقة السلطات لإقامة المخيم، معتبرين البريد الإلكتروني من الجامعة دعاية مجانية، مما زاد من نطاق التضامن.
- إدارة الجامعة طالبت بفرض قيود ومراقبة دقيقة على المخيم، مما أثار استياء الطلاب. الفعاليات المتنوعة في المخيم تهدف للتبادل المعرفي والتضامن، في ظل محاولات الجامعة للضغط والقمع.
هذا الأسبوع، بدأت مجموعة من طلاب جامعة غوته في فرانكفورت في ألمانيا مخيماً تضامنياً مع الفلسطينيين على غرار المخيمات الطالبية في الجامعات الأميركية. وأطلق الطلاب على المخيم اسم "حديقة هند" تيمناً بالطفلة الفلسطينية التي استُشهدت بنيران الاحتلال الإسرائيلي وهي تحاول طلب النجدة لأسرتها.
وأوضح الطلاب في بيانهم أن الهدف من هذا المخيّم إظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة، لا سيما الأساتذة والطلاب الذين فقدوا آخر جامعة متبقية لهم بسبب القصف الإسرائيلي في 17 يناير/ كانون الثاني 2024. وأشاروا إلى تصريحات خبراء الأمم المتحدة حول "الإبادة الأكاديمية" في غزة، التي تستهدف المنشآت التعليمية والأكاديميين بشكل متعمد.
وفي خطوة استباقية، حذرت إدارة جامعة غوته من "مخالفات محتملة" قد يرتكبها الطلاب خلال التظاهرة، رغم أن السلطات لم توافق بعد على التجمع. فوجئ الطلاب يوم الجمعة الماضي ببريد إلكتروني من إدارة الجامعة أُرسل إلى كل الطلاب باللغتين الألمانية والإنكليزية، ينص على أن السلطات تلقت طلباً لعقد المخيم من "المناصرين لفلسطين"، وأن الموافقة تعتمد على السلطات وليس على إدارة الجامعة. وبدا هذا البريد الإلكتروني محاولةً من الجامعة للتنصل من مسؤولية الموافقة على هذا التجمع.
واعتبر المنظمون أن البريد الإلكتروني الذي أرسلته إدارة جامعة غوته قبل الدعوة إلى التخييم كان دعاية مجانية لهم، وقد وصل إلى كل طالب في الجامعة وجرى تداوله بشكل واسع. وبعد ذلك، حصل الطلاب على موافقة السلطات لإقامة المخيم لمدة أسبوع كامل.
وقبيل انطلاق المخيم بيوم واحد، أصدرت إدارة الجامعة بياناً أعربت فيه عن "امتعاضها من سماح السلطات بإقامة المخيم"، مطالبةً إما بمنعه أو تنظيمه بصورة مختلفة وفرض قيود صارمة ومراقبة دقيقة من قبل السلطات.
وقال رئيس جامعة غوته إنريكو شلايف: "حرية التعبير وحرية التظاهر توجبان إمكانية انتقاد إسرائيل، كما يحدث بشكل دوري في الحرم الجامعي، لكن حرية استخدام مرافق الجامعة من مبانٍ ومكتبات وساحات يجب أيضاً أن تُؤخذ بعين الاعتبار". ووصف القيود التي وضعتها السلطات على المشاركين في المخيم بأنها تأتي للحد من "أسوأ النتائج التي يمكن أن يحدثها هذا المخيم"، لكنه أبدى عدم التفهم "لبناء الخيم والبقاء أسبوعاً كاملاً في ساحة الجامعة"، ولهذا، تتقدم الجامعة بدعوى لمنع المبيت وللضغط لتقليص أيام المخيم.
ورأى كثير من الطلاب المشاركين أن بيان جامعة غوته كان مخزياً ويشكل سابقة خطيرة، وبادرت الجامعة بطلب المنع والضغط على السلطات لممارسة القمع والرقابة الصارمة. وتكررت كلمة "صرامة" مرات عدة في البيان الصحافي الذي صيغ بأسف واضح لعدم القدرة على اتخاذ إجراء قانوني حاسم.
ونُصبت خيام "حديقة هند" في المساحة الخضراء في الحرم الجامعي الغربي لجامعة غوته، وتضمن المخيم فعاليات مختلفة مثل عروض الأفلام والأعمال الفنية، ولقاءات مع شخصيات فاعلة وطلاب فلسطينيين وغير فلسطينيين. كان الهدف الأساسي لهذا التخييم هو التبادل المعرفي، خصوصاً بعد استبعاد الجامعة أي صوت فلسطيني أو متضامن مع فلسطين من المشاركة في المحاضرات غير الدورية التي عقدتها لمناقشة قضايا الصراع في فلسطين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ورغم رفع الجامعة شعار "تعدد وجهات النظر"، إلا أنها اكتفت بدعوة محاضرين ألمان أو ممثلين عن الاحتلال.
Very proud ❤ Happened today at the Goethe University in Frankfurt!
— Mellow | 🇵🇸 (@MellowAhgase) May 10, 2024
"From the river to the sea, Palestine will be free!" is a statement allowed by the administrative court in Kassel. If you have complains go to them, Zionists 😊 https://t.co/ngTWo9Yzkb
وبعد رفض المحكمة طلب الجامعة بالتضييق على مخيم "حديقة هند" ومنع المبيت فيه، اتخذت إدارة الجامعة خطوات استفزازية ضمن صلاحياتها، وقررت إغلاق "غرفة الهدوء" القريبة من موقع التخييم. وتُعتبر "غرفة الهدوء" أحد المرافق التي سوقت الجامعة من خلالها لانفتاحها على الثقافات المختلفة، حيث أُسست لتكون مكاناً للصلاة والتعبد لجميع الأديان. واعتاد الطلاب المسلمون على استخدامها لأداء الصلوات الخمس أثناء وجودهم في الجامعة. وأبلغت الجامعة مجموعة الطلاب المسلمين بقرارها إغلاق المبنى حتى انتهاء تجمع الطلاب، ما فسَّره المشاركون بأنه خطوة للضغط عليهم.
واستنكر الطلاب هذا القرار متسائلين عن الرابط بين إغلاق المبنى وفعاليات التضامن مع فلسطين في الحرم الجامعي، ولماذا لم يُناقَش الموضوع مع أي من الجهات المعنية، خصوصاً الطلاب المنظمين المخيمَ.
وتشبه هذه التصرفات محاولات العديد من الجهات الإعلامية والسياسية في ألمانيا لربط كل تضامن مع فلسطين بالإسلام والمسلمين. على سبيل المثال، تركز التغطية الإعلامية للمسيرات التضامنية خلال شهر رمضان على أن "المتظاهرين ينزلون إلى الشوارع رغم التعب الناجم عن الصيام"، رغم أن المسيرات ضمت منذ الأيام الأولى أعداداً كبيرة من المسيحيين واليهود وغير المتدينين.
في هذا الإطار، تنضم الجامعة بوصفها مؤسسة أكاديمية للمشاركة في هذا التنميط والانخراط في الدعاية السياسية التي تزعم أن التضامن مع فلسطين يمثل "معاداة سامية مستوردة"، وأن هذا العمل السياسي ليس سوى تظاهرة غريبة لطلاب غرباء ينتمون إلى ثقافة أخرى.