في أرقام صادمة وغير مسبوقة على مستوى قطاع التعليم في العراق، قال عضو نقابة المعلّمين العراقية ناصر الكعبي، إنّ الأمم المتحدة أبلغتهم بوجود 12 مليون شخص أمّي في العراق، وهو رقم يتجاوز ضعف الرقم السابق الذي أعلنت عنه وزارة التربية العراقية في العام 2020، والمقدّر بنحو 5 ملايين شخص لا يجيدون القراءة والكتابة.
وحقّق العراق نهاية عام 1979 مراتب عالمية متقدمة في القضاء على الأمية، عبر حملات واسعة شملت جميع مدن وقصبات البلاد، عرفت باسم "القضاء على الأمية"، واستمرّت عدة سنوات، وحققت نجاحاً كبيراً.
والخميس، نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن عضو نقابة المعلمين، ناصر الكعبي، قوله إنّ "الأمم المتحدة أبلغتنا بوجود 12 مليون شخص أمّي في العراق"، دون ذكر مزيد من التفاصيل حول الرقم الذي اعتبره مراقبون "صادماً".
وأضاف أنه "لا توجد أي تخصيصات مالية للجهاز التنفيذي لمحو الأمية"، لافتاً إلى أنّ "العراق يتّجه نحو الأمية، وليس محو الأمية".
في المقابل، ردّ رئيس الجهاز التنفيذي لمحو الأمية في وزارة التربية العراقية، علاء الحلبوسي، على الأرقام بأنه "لا توجد أعداد دقيقة عن الأميين في العراق، حيث نعتمد على الإحصائيات التي تصدر عن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط".
ولفت الحلبوسي، في حديث نقلته الوكالة الرسمية العراقية، إلى أنّ "الإنفاق الحكومي لا يغطي عمل وزارة التربية"، متحدثاً عن "تخريج تسع دفعات في محو الأمية" خلال الفترة الماضية، دون أن يوضح عدد المستفيدين في تلك الدفعات.
وكشف المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، عن آخر أرقام رسمية مقدّمة من قبل السلطات العراقية حول نسبة الأمية في البلاد، مطلع العام 2020.
وقال الهنداوي، في ذلك الوقت عبر بيان للوزارة، إنّ وزارة التخطيط تتابع مؤشرات الأمية بالشراكة مع منظمة "يونيسكو"، وأنّ نسبة الأمية في العراق بين السكان الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات، وبحسب آخر مسح نفّذه الجهاز المركزي للإحصاء، بلغت 13 بالمائة.
ولفت إلى أنّ النسبة ترتفع بين الإناث اللواتي تزيد أعمارهن عن 10 سنوات، لتصل إلى 18 بالمائة، فيما تنخفض بين الذكور إلى 8 بالمائة. وأضاف أنه وفقاً لعدد سكان العراق والعمر الذي تُحتسب فيه نسبة الأمية، فإنّ نسبة الأمية بالبلاد تصل إلى 13 بالمائة، كما تحدث عن "شراكات قوية مع الكثير من منظمات الأمم المتحدة لمعالجة المشكلة".
تصريحات الهنداوي في العام ذاته أعقبتها تصريحات للمتحدث باسم وزارة التربية، حيدر فاروق، أوضح فيها "عدم وجود أرقام حقيقية لنسبة الأمية، لكن من الممكن أن يكون هناك 5 ملايين أميّ في البلاد"، مضيفاً في تصريحات له أنّ "الوزارة تعمل على تخفيض هذه الأعداد".
في السياق ذاته، وصف عضو اللجنة الاستشارية للجنة محو الأمية في بغداد، صفاء عبد الكريم الأسدي، الأرقام المعلنة بـ"المبالغ جداً فيها".
وأضاف الأسدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحديث عن 12 مليون أمّي في العراق غير منطقي بالحسابات الرياضية التي تعتمد عدد سكّان العراق والفئات المشمولة بالإحصاء، الذين هم أكبر من 10 سنوات".
وأكّد أنّ: "هناك مبالغة في كثير من الأحيان بهدف التنكيل أو الاستهداف السياسي"، كما "تستهدف المبالغة أحياناً جذب منظمات دولية وأممية لفتح دورات وورش، عادة ما تكون لهدف مادي وللتربح". واعتبر أنّ "نسب الأمية موجودة في العراق كأي دولة أخرى بالمنطقة، وهناك آفات كثيرة ألمّت بالبلاد ساهمت في رفعها، لكنها لم تصل إلى الأرقام المعلنة".
ورفض الأسدي إعطاء رقم تقريبي للأميّة، لعدم وجود مسح علمي لوزارة التخطيط أو الجهات التعليمية في العراق.
من جهتها، قالت هناء الهاشمي، وهي ناشطة حقوقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ عوامل كثيرة تسبّبت بزيادة معدلات الأمية في البلاد، أبرزها العامل الأمني بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وتردي الوضع الاقتصادي، وضعف التوعية والاهتمام الحكومي، وآخرها كانت جائحة كورونا.
ووفقاً للهاشمي، فإنّ "هناك أكثر من مليون طفل دون سن السادسة عشرة هم إمّا نازحون أو انخرطوا في سوق العمل في العراق، ويمكن للحكومة لو كانت جادة إعادتهم لمقاعد الدراسة، وتوفير مدخول مالي يغنيهم عن العمل".
كما تحدثت عن "غياب الترغيب الحكومي للفئات غير المتعلمة لإكمال تعليمها والدراسة، ما فاقم المشكلة، لتضاف إلى باقي أسباب ارتفاع نسب الأمية في العراق".