بحث متخصصون في قضايا الهجرة، اليوم الخميس، موضوع الهجرة وتطوّرها لدى الأسر التونسية، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمهاجرين الموافق لـ18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام.
وقدّم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأول مرة، نتائج دراسة ميدانية شملت قضايا الهجرة بعنوان "جائحة كوفيد 19 وتطور نوايا الهجرة لدى الأسر التونسية"، واعتمدت الدراسة على عيّنة من 1400 أسرة من سبع مناطق موزّعة على مختلف الأقاليم التونسية.
وقال الباحث في علم الاجتماع، زهير بن جنات، لـ"العربي الجديد"، إنّ الدراسة "أجريت في الفترة من 15 يونيو/حزيران إلى 15 يوليو/تموز، وهي فترة ذروة التوتر السياسي في تونس وأزمة السلطة التي عاشتها البلاد، وشملت 51.2 بالمائة إناثاً و48.8 بالمائة ذكوراً و24.5 بالمائة تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، و21.9 بالمائة بين 30 و39 عاماً و18.9بالمائة بين 40 و49 عاماً.
وأكدّ جنات أن أزمة الإدماج الاجتماعي كان لها دور في تزايد المهاجرين الفارين من البطالة، مبينا أن هناك 20.9 بالمائة من المستجوبين غير راضين عن الوضعية المهنية، و20.2 بالمائة غير راضين عن خدمات النقل في منطقتهم، و16.4 بالمائة غير راضين عن ظروف الإقامة في البلد، و 12.3 غير راضين عن ظروف الإقامة مع الأسرة.
وأوضح المتحدث أن هناك 60 بالمائة من العينة حاولوا أثناء جائحة كورونا الهجرة وفشلوا و50 بالمائة حاولوا قبلها، مضيفا أن 10 بالمائة سبق وتقدموا بمطالب للحصول على تأشيرات في فترة فيروس كورونا ولم يحصلوا على الموافقة، و20 بالمائة قدموا طلباتهم قبل كورونا.
ولفهم أسباب تفافم ظاهرة الهجرة، بيّن أنه تم التوجه بسؤال حول تغيّر مكان الإقامة في تونس، على الأقل لفترة 3 أشهر، وتبيّن أن 38.4 بالمائة غيروا مكان إقامتهم من المحافظة، وبالتالي ففكرة الإقامة خارج المحافظة موجودة وبنسب مرتفعة، أما التفكير الدائم في الهجرة خارج البلاد فنجدها عند 25.3 بالمائة، مشيراً إلى أن الرجال يفكرون في الهجرة بنسبة 31 بالمائة و19.9بالمائة لدى النساء.
واعتبر المتحدث أنّ الهشاشة وتأزم وضع الأسر بسبب جائحة كورونا وراء تنامي الهجرة، فالأسرة حاضنة لهذا المشروع"، مبيناً أن "الهجرة السرية تأتي في المرتبة الثانية في حال الفشل في الهجرة بطريقة منظمة، مشيراً إلى أن السجون تحوّلت إلى مجال يتم التخطيط فيه للهجرة بعد مغادرة أسواره" .
وتابع جنات أنه "رغم التغيّر الكمي والكيفي في الهجرة، إلا أن هذا الملف يبقى غائباً عن سياسات الدولة التي تتعاطى مع المسألة بطرق نظرية، كما أن الوضع العام والشعور بالقلق يدفعان إلى التفكير في الهجرة".
وأكد المسؤول عن الإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، أنّ" 2021 كانت سنة استثنائية بسبب الوضع السياسي والتطورات والوضع الصحي نتيجة جائحة كورونا وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي، مبيناً أن السنة استثنائية أيضاً من حيث عدد الواصلين بنحو 15.200 مهاجر إلى حد الآن، مشيراً إلى أن السلطات التونسية منعت وصول 25 ألف مهاجر، ما يمثل ضعف الرقم المسجل في 2020.
ولفت بن عمر إلى أن وضع المهاجرين التونسيين يتسم بالهشاشة، خاصة أن الدول الأوروبية نجحت في الضغط على تونس لترحيل التونسيين، وتمت إعادة نحو 1600مهاجر هذا العام من إيطاليا إلى تونس، ولا بد من احترام الاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان.
وقالت مسؤولة من منظمة "محامون بلا حدود"، مارتينا كوستا، إنّ "هناك عواقب وخيمة جراء ترحيل التونسيبن وخاصة الذين هاجروا إلى إيطاليا، فهم يواجهون هياكل العزل ويخضعون للحجر الصحي ويوضعون في أماكن ومراكز الفرز ثم يرحلون إلى تونس، وعادة الإجراءات سريعة جداً ولا يتم الاهتمام بالمعطيات عن حقوقهم، وظروفهم ووضعهم"، مبينة أن "مراكز الفرز هي مراكز احتجاز، وبسبب تصنيف تونس كبلد آمن لا تأخذ مطالب الحماية الدولية بعين الاعتبار وضع المهاجرين التونسيين".
وأكدت أن "نحو 60 بالمائة من المهاجرين التونسيين تم ترحيلهم في 2020 وتمّ خلال الفترة نفسها قطع الهجرة على نحو 21 ألف مهاجر من أصول أفريقية".
وأفادت بأنّ "التونسيبن أصبحوا حامين للحدود الأوروبية من قبل دوريات حرس الحدود، وأن التقارير التي تصلهم تؤكد تخصيص نفقات باهضة لرحلات الهجرة السرية".
ودعت بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمهاجرين، إلى التركيز على المعاناة التي تحصل للمهاجرين، خاصة أن تونس تلعب دورا أفضل في التصدي للإجراءات المفروضة من الاتحاد الأوروبي لأن التونسيبن هم من يدفعون الثمن".
من جهته، يرى الباحث في المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة، فيليب ناصر، أن الاتحاد الأوروبي يتابع تحرك الأشخاص من الشمال إلى الجنوب، مبينا أن هناك عدة إجراءات تهمّ حرية تنقل المهاجرين منها الاتفاقيات الدولية والأفريقية، وكذلك يتم جمع المعلومات والمعطيات لفهم الظاهرة، مؤكدا أن المركز الدولي للهجرة ركّز عمله على شمال أفريقيا بالاعتماد على عدة تجارب.
وأضاف أن هناك دعماً هاماًَ لفائدة السلطات الأمنية التونسية يقدر بنحو8.3 ملايين يورو أي نحو 20 مليون دينار، خُصّص لمراقبة الحدود، مشيراً إلى أن هناك اهتماما بتدريب الوحدات البحرية التونسية لتعزيز قدراتها على مراقبة الحدود.
وبيّن أن الجهاز الأمني لا يعتبر المستفيد الوحيد من هذا الدعم، فهناك دعم للبلدان المجاورة لتونس كالمغرب ومصر لجمع البيانات وبلورة السياسات عن الهجرة في بلدان المغرب العربي.
ويرى رئيس جمعية الأرض للجميع، عماد السلطاني، أنّ البحر المتوسط تحوّل إلى مصدر حزن للعائلات، وهو يوم حزن على المهاجر وسام عبد اللطيف الذي مات معتقلا في روما بعد أن وجد نفسه معتقلا ومقيّدا في مستشفى بإيطاليا وتوفي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني في2021 في ضرب واضح لحقوق الإنسان، داعياً إلى تمكين المهاجرين من حقوقهم ووضع حدّ للترحيل القسري.