تونس: أصحاب الأمراض المزمنة يخشون كورونا

08 ديسمبر 2020
مريض كورونا في أحد مستشفيات تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تزر رفيقة المهذبي طبيبها منذ أكثر من خمسة أشهر بسبب خوفها من احتمال الإصابة بعدوى كورونا. وعلى الرغم من أنها تعاني من مرض ارتفاع ضغط الدم، إلا أنّها ما زالت تتناول الأدوية نفسها التي وصفها لها الطبيب منذ عام، وبالكمية نفسها. كما تعمد إلى مراقبة وقياس ضغطها بنفسها تفادياً للاختلاط مع مرضى قد يكونون مصابين بالفيروس. 
وتقول المهذبي لـ "العربي الجديد" إنّ ضعف مناعتها نتيجة ارتفاع ضغط الدم ومعاناتها من مرض ارتفاع الكولسترول في  الدم أيضاً، جعلاها تتفادى زيارة عيادة الطبيب للمتابعة الروتينية أو الاختلاط بأيّ من المرضى، أو التواجد في أي تجمع، مع الحرص على الانتظام في تناول الأدوية. 
ومنذ تفشي فيروس كورونا، أظهرت العديد من التقارير المحلية والعالمية أنّ نسبة وفيات المصابين بفيروس كورونا جاءت مرتفعة كثيرا لدى أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن. وكان للإجراءات الوقائية التي اتخذتها البلاد تأثير على انتظام مواعيد المرضى في مختلف المستشفيات والمراكز الصحية في كافة الجهات، كما أدت إلى تعطّل العديد من الأقسام. كما فقدت بعض الأدوية، خصوصاً أدوية الأمراض المزمنة.  
من جهتها، تشير سامية الرحالي (45 عاماً)، التي تعاني من مرض السكري، إلى أنّها لم تستطع الحصول على أدويتها التي فقدت في غالبية الصيدليات طيلة أسبوع تقريباً. كما لم يكن الحصول على مواعيد في المستشفى الحكومي سهلاً. لكن بعدما تمكنت من تأمين أدويتها اللازمة، باتت تتفادى الذهاب إلى مواعيدها في إطار المتابعة الروتينية في المستشفى، خشية الإصابة بفيروس كورونا، هي التي تعاني مرضاً مزمناً منذ 15 عاماً. وتقول إنّ عدم متابعة مرضى السكري أو ضغط الدم أو تصفية الدم وغيرهم من أصحاب الأمراض المزمنة لحالتهم الصحية بصفة مستمرة كالمعتاد، قد يؤثر على حياتهم. على الرغم من ذلك، تتفادى الذهاب إلى المستشفى نظراً للاكتظاظ الذي تشهده غالبية المستشفيات التونسية بعد انتشار فيروس كورونا، لتكتفي فقط باتباع نظام غذائي وتناول أدويتها بصفة منتظمة، بحسب تعليمات طبيبها. 

في هذا السياق، تقول مديرة الرعاية الصحية الأساسية في وزارة الصحة آمال بن سعيد إنّ انتشار الفيروس أثر على العديد من المرضى، خصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة، لا سيما ممن باتوا يتفادون زيارة أطبائهم تفادياً لدخول المستشفيات التي شهدت اكتظاظاً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة، بسبب تخصيص أقسام عدة لعلاج مرضى كورونا وارتفاع عدد العيادات الخارجية. 
كذلك، حذّرت من تبعات عدم مراجعة أصحاب الأمراض المزمنة لأطبائهم بصفة مستمرة مثلما جرت العادة، وتأثيره على  صحتهم، خصوصاً أنهم فئة تتطلب رعاية خاصة في ظلّ انتشار الوباء، مضيفة أنّها تتفهّم "الخوف من الاختلاط بعدد من المرضى الذين قد يكونون حاملين للفيروس، وعدم المجازفة تفادياً لتلقي العدوى. إلا أن غالبية المستشفيات خصصت أقساماً خاصة لمرضى كورونا بعيداً عن بقية الأقسام. كما أنّ غالبية المستشفيات تلتزم بالإجراءات الوقائية، وما على هؤلاء المرضى سوى الالتزام بالتباعد وارتداء الكمامات وغسل اليدين بعد لمس أي شيء، وغيرها من الإجراءات التي ندعو دائماً إلى اتباعها للوقاية، سواء للأشخاص العاديين أو لأصحاب الأمراض المزمنة". 
ويذكر أنّ 47 منظمة تونسية قد دعت بدءاً من مايو/ أيار الماضي إلى ضرورة توفير الأدوية بالكميات الكافية، وخصوصاً أدوية الأمراض المزمنة، بعدما تمّ تسجيل نقص كبير في السوق وفقدانها في العديد من الجهات، وخصوصاً أدوية أمراض ضغط الدم والسكري، بالإضافة إلى أدوية أساسية أخرى وأدوية الكولسترول. وشهدت العديد من مراكز الرعاية الصحية الأساسية احتجاجات لمرضى وأسرهم نتيجة النقص في أدوية العديد من الأمراض المزمنة، واحتمال تعرّضهم للخطر، لا سيما وأنّ غالبيتهم غير قادرين على اقتناء ما يلزمهم من الأدوية من الصيدليات الخاصة بسبب غلاء أسعارها. 
على صعيد آخر، فإنّ انتشار العدوى داخل المؤسسات التربوية منذ العودة إلى المدرسة، قد دفع بالعديد من الأسر إلى سحب أطفالها من ذوي الأمراض المزمنة من الدراسة، خوفاً من تعكر حالتهم الصحية أو إصابتهم بفيروس كورونا.

وأشارت وزارة الصحة إلى أنّ أعداد المنقطعين عن الدراسة لأسباب صحية ليست قليلة، وهي نسبة مرتفعة تم تحديدها بعدد الغيابات التي سُجلت منذ العودة المدرسية. وأوضحت الوزارة أنّ نسبة هامة من التلاميذ اختار آباؤهم تدريسهم في البيت، على الرغم من أنّ الوزارة طمأنت الأهالي بأن الوضع ليس بالخطورة التي يتصورونها حتى يرجعوا أولادهم تدريجيا إلى المدارس.
في هذا السياق، يقول عبد الرحمن، والد أحد التلاميذ، أنّه بعد اطلاعه على الأخبار التي تفيد بارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في المدرسة، اضطر إلى تعطيل ابنه عن الدراسة وهو في الصف الرابع، مخافة تردي حالته الصحية في حال الإصابة بفيروس كورونا، لأنّه يعاني من مرض السكري وضعف المناعة. يضيف أنه يتولى تدريسه في البيت ليحرص على أن ينجز امتحاناته في موعدها، مؤكداً أنّه مضطر إلى ذلك، بل ولم يقم حتى بأخذ ابنه إلى أية عيادة أو مستشفى، ويكتفي بإعطائه دواءه بانتظام.

المساهمون