تونسيون يقبلون على الحميات الغذائية

15 يناير 2021
تشتري ما تحتاجه من مواد غذائية (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

يزداد خوف التونسيّين من البدانة، ليُقبل كثيرون على الحميات الغذائية، حرصاً على جمال المظهر والرشاقة، بالإضافة إلى الحدّ من الأمراض المزمنة. وتعدّدت أسباب التونسيّين ودوافعهم لاتباع حميات غذائية قاسية بهدف تخفيض الوزن وتقليص الدهون المتراكمة، وخصوصاً مع تفشي فيروس كورونا، وهو ما أكدته دراسات تم العمل عليها ونشرها منذ بداية تفشي الفيروس، حول تضاعف احتمالات عدوى الأشخاص الأكثر بدانة، بالإضافة إلى ضعف مناعتهم وصعوبة مقاومتهم للفيروس. وتفيد الدراسات بأن نسبة ظاهرة البدانة في صفوف التونسيين تقدر بـ 50 في المائة، والإناث أكثر عرضة للسمنة بالمقارنة مع الذكور، ويُعاني نحو ثلثي النساء في تونس من السمنة، و22 في المائة من النساء يعانين من السمنة المفرطة، و15 في المائة من الرجال يعانون من السمنة المفرطة.
وتؤثر السمنة على وظائف القلب والشرايين والتنفس والكبد، وتسبب مشاكل في الكلى والجلطة والسكري وأمراض القلب والشرايين وحتى أمراض السرطان، بسبب اتباع نظام غير صحي وقلة ممارسة الرياضة، خصوصاً لدى سكان المدن الكبرى، ما أدى إلى انتشار أمراض مثل مرض الكبد الدهني الذي يصيب أكثر من 70 في المائة من الكهول.

وتقول منى (42 عاماً)، وهي أم لثلاثة أبناء، لـ "العربي الجديد"، إنّ السمنة تسبّبت في تأخر حملها الأول، إذ كان وزنها 118 كيلوغراماً، بسبب تراكم الدهون على المبايض ومشاكل في الهرمونات. تُتابع أن الطبيب فرض عليها حمية من أجل تقليص الوزن. وبعد عام ونصف العام، حملت بمولودها الأول محمد، وقد خسرت 75 كيلوغراماً. تتابع أن دافعها الرئيسي لاتباع الحمية هو إنجاب طفل، بعدما حرمتها البدانة من شعور الأمومة نحو أربع سنوات.
وتُوضح منى أن اتباع حمية غذائية يتطلب إرادة وانضباط والتزام، وانعكس الأمر إيجاباً على نفسيتها واختفت آلام مفاصل الركبة ومشاكل الهضم والمعدة وآلام الظهر والرقبة. ولم تعد تعاني من صعوبة في التنفس لدى القيام بأي مجهود أو عند النوم. واليوم، باتت أكثر اعتناء بمظهرها. 
وتحتل تونس، بحسب منظمة الصحة العالمية، المرتبة الرابعة على مستوى العالم في ما يتعلق بالسمنة، بالمقارنة مع عدد السكان. في حين تُشير أرقام رسمية محلية، استناداً إلى دراسة حول "فحص الصحة التونسي عام 2016" أعدتها المعهد الوطني للتغذية والتكنولوجيا الغذائية، ونشرت عام 2017، أنّ 64.5 في المائة من التونسيين يعانون زيادة في الوزن، 72.4 في المائة نساء، وتبلغ نسبة السمنة المفرطة 30 في المائة.

معظم الأسباب التي تدفع الأشخاص لاعتماد حمية غذائية لانقاص الوزن هو الخوف من الأمراض


كذلك، كشفت الدراسة نفسها أن 19 في المائة من التونسيين الذين تزيد أعمارهم على 15 عاماً مصابون بالسكري، وأن 36.4 مصابون بارتفاع ضغط الدم، و5.1 في المائة يعانون من الاكتئاب. إلى ذلك، يقول المتخصّص في التغذية الطاهر الغربي لـ "العربي الجديد"، إنّه كان للسمنة تداعيات خطيرة على المصابين بكورونا، وخصوصاً جهاز التنفس بحسب آخر التقارير الطبية الصادرة في أوروبا، مشددًا على ضرورة الحرص على المحافظة على الوزن، لأنّ كل كيلوغرام يزيد عن الوزن الطبيعي يعد مؤشراً سلبياً.
ويوضح الغربي أنّ معظم الأسباب التي تدفع الأشخاص لاعتماد حمية غذائية لانقاص الوزن هو الخوف من الأمراض على غرار أمراض القلب والشرايين وأمراض السكري وضغط الدم، عدا عن الرغبة في الرشاقة والقوام الجميل خصوصاً لدى النساء.
ويشدّد الغربي على أن السمنة مرض، مشيراً إلى أن البدانة أصبحت مشكلة صحية على الصعيد الوطني لأنها تشمل نسبة كبيرة من المجتمع، وتستهدف الأطفال في سن ما قبل الدراسة، وأيضاً المراهقين وشريحة واسعة من النساء الذين هم أكثر عرضة للسمنة.
وفي ما يتعلّق بالحميات الغذائية، يوضح أنه "من الناحية الصحية، فإنّ اعتماد حمية غذائية من أجل الإنقاص في الوزن يتم عن طريق طبيب متخصص في التغذية، إلا أن قلة من الأشخاص الذين يتوجهون إلى متخصصين لاعتماد الحمية الغذائية، وهناك استسهال كبير من قبل عموم التونسيين لهذا المجال. ويكفي أن يجد الشخص أي حمية على مواقع التواصل الاجتماعي ليعتمدها من دون أدنى مراعاة لوضعه الصحي وما يحتاجه الجسم".

ويلفت الغربي إلى وجود متطفلين على الاختصاص، موضحاً أنه كان قد دعا في وقت سابق إلى ضرورة تأسيس نقابة للمتخصصين في الغذية من أجل حماية المريض والمهنة. ويشير إلى أن العديد من التقارير الدولية بينت "الانعكاسات الخطيرة للحميات الغذائية التي يعتمدها العديد من الأشخاص بطريقة عشوائية من دون استشارة متخصصين، ما قد يؤدي أحياناً إلى نقص في مكونات أساسية وبعض الفيتامينات وفقر الدم وغيرها. 
ويلفت الغربي في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن "نتائج المسح الغذائي الوطني في سبعينيات القرن الماضي كشفت عن وجود 9 مشاكل غذائية مثل سوء التغذية والنقص في عنصر الحديد الذي يتسبب في فقر الدم، والنقص في عنصر اليود الذي يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية وسوء التغذية. أما المسح الغذائي الثاني في تسعينيات القرن الماضي، فأظهر نتائج عكسية مرتبطة أكثر بنمط العيش والاستهلاك وتغير العادات الغذائية للتونسي. ومن بين أبرز نتائجها المشاكل الغذائية الناتجة عن البدانة".

المساهمون