في سابقة مخالفة لقانون العمل وحقوق الإنسان، أصدرت مدرسة خاصة في الأردن تعميماً تلزم بموجبه المعلمات العاملات لديها بتنظيم حملهم لتتوافق مواعيد الولادة مع أشهر الصيف، ما أثار استياء واسعاً. وتبدأ العطلة الصيفية في يونيو/حزيران وتستمر حتى نهاية أغسطس/آب.
وأكد الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم أحمد جميل المساعفة، في تصريح صحافي، أمس الأربعاء، رفض الوزارة لهذا التعميم، مشيراً إلى أنّ فريقاً من إدارة التعليم الخاص سيزور المدرسة لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وحاولت المدرسة التملّص من التعميم، قائلة في بيان لها "نؤكد أنّ هذا التعيمم لن يتم العمل به، ولا يمكن بأي حال قبول مضمونه"، مشددة على أنها "مؤسسة تعليمية تلتزم بالقوانين والأنظمة المعمول بها وتحترم خصوصية العاملين فيها"، كاشفة أنّ الإدارة قررت فتح تحقيق موسع بخصوص البيان الصادر ومحاسبة المسؤولين، "كون التعميم الصادر لا يعبر عن رأي إدارة مدارس الجامعة، بل هو قرار شخصي من مُصدره، ولا يعتدّ به من إدارة مدارس الجامعة بشكل عام، كونها ملتزمة بتعليمات وزارة التربية والتعليم والقوانين والأنظمة الداخلية"، وفق البيان.
وتعليقاً على التعميم، قالت المنسقة العامة لحملة "قم مع المعلم"، ناريمان الشواهين، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "هذا ليس أمراً جديداً. فمنذ سنوات، تشترط العديد من المدارس الخاصة عندما تجدد عقود المعلمات في شهر أغسطس/آب قبيل بدء العام الدراسي الجديد، جلب فحص عدم حمل".
وأوضحت أن "مثل هذه الاشتراطات موجودة، لكن لا يتم الحديث عنها صراحة وتجري بعيداً عن الرقابة"، مضيفة أنّ الحملة تلقت منذ سنوات شكاوى بهذا المضمون.
وتابعت: "كحملة، نطلب من المعلمات رفض القبول بهذه الشروط التي تنتهك كرامتهن وتمسّ أنوثتهن، وخصوصية المرأة في مجتمعنا"، مشيرة إلى أنّ "هذه الشروط تنتفي منها العدالة وتخلو من الكرامة ولا تتوافق مع الطرح الحكومي حول التمكين الاقتصادي للمرأة".
ولفتت الشواهين، إلى أنّ المعلمات "يتعرضن لانتهاكات عديدة تتمثل في أجور أقل من الحد الأدنى، وساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجور، والحصول على رواتب أقل من المتفق عليه، في ظل غياب الرقابة الحقيقية من وزارة العمل والتربية والتعليم ومؤسسة الضمان الاجتماعي".
وأشارت إلى أنّ "هناك من يضع اللوم على المعلمات، لكن الكثير من المعلمات اللواتي يشكلن 80% من معلمي القطاع الخاص، غارقات في البطالة ويقبلن تجاوزات المدارس الخاصة والرضا بأي مبلغ، وهو الحد الأدنى للأجور 260 ديناراً (حوالي 370 دولاراً)، فيما الكثير من المدارس لا تصرف علاوة التعليم البالغة 10 دنانير (حوالي 14 دولاراً)"، معتبرة أنّ واجب تطبيق القانون "تتحمله وزارة التربية والتعليم، فليس كل المعلمات والمعلمين قادرين على مواجهة أصحاب المدارس".
من جهته، قال رئيس مركز بيت العمال للدراسات، المحامي حماده أبو نجمة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "القضية ليست جديدة، وهي ممارسة منذ سنوات. بعض المدارس لا تعين المعلمة الحامل، فيما تشترط الكثير منها تقديم فحص عدم حمل للتعيين، وحتى لتجديد العقد لعام آخر".
وتابع: "حق الإنسان في ممارسة حياته الطبيعية بالزواج والإنجاب لم يقيده أي تشريع أردني باستثناء سن الزواج، ولا يجيز القانون تدخّل أي شخص في تحديد من تتزوج ومتى تنجب، وبالتالي هذا التعميم فيه تقييد لحرية الإنسان في ممارسة حياته الطبيعية".
وأوضح أنّ "العلاقة بين العامل وصاحب العمل وفق قانون العمل الأردني هي علاقة عمل، ولا يحق لصاحب العمل التدخل في الحياة الشخصية للعامل، وهذا التدخل هو تجاوز لحقوق صاحب العمل وخارج أوقات العمل يمارس الإنسان حريته".
وبيّن أبو نجمة أنّ القانون نظّم حالة الحمل، وقرر منح إجازة مدتها 10 أسابيع عند الولادة، و6 أسابيع منها بعد الولادة، فيما تغطي مؤسسة الضمان الاجتماعي كلفة الإجازة، وصاحب العمل لا يترتب عليه أي التزام بهذا الخصوص، "لهذا، لا يحق له التدخل"، كما يشدد.
وكان ناشطون قد تداولوا صورة عن تعميم أصدرته المدرسة الخاصة، يطلب من المعلمات تنظيم الحمل لتكون مواعيد الولادة أثناء العطلة الصيفية. وأثار التعميم استياء واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب ناشطون بمحاسبة تلك المدرسة وفرض رقابة على القطاع الخاص، في ظلّ ما يتعرّض له عاملون فيه من تجاوز لحقوقهم.
وكتب علاء خرفان، في تغريدة على "تويتر"، أنّ "غالبية المدارس الخاصة تفسخ عقود المعلمات عند الولادة وتوقع عقداً جديداً بعدها. والمدارس الخاصة طول عمرها موخذه راحتها (تأخذ راحتها) بالتغول سواء على المعلم أو الطالب، والسبب هذا كله غياب الرقابة".
ترى أغلب المدارس الخاصة بتفسخ عقود المعلمات عند الولادة وبتوقع عقد جديد بعدها
— علاء خرفان (@Alaa_khirfan) June 8, 2023
المدارس الخاصة طول عمرها موخذه راحتها بالتغول سواء على المعلم أو الطالب والسبب هذا كله غياب الرقابة https://t.co/w2vpPi5YOI
من جهته، غرّد محمد فريحات أنه "في حادثة غير مسبوقة، مدرسة خاصة في #عمّان تطلب من المعلمات تنظيم حملهن لتكون الولادة خلال العطلة الصيفية بين أشهر 6 و7 و8. أنا بقول تحددوا لهم كمان جنس المولود ولد ولا بنت؟".
في حادثة غير مسبوقة، مدرسة خاصة في #عمّان تطلب من المعلمات تنظيم حملهن لتكون الولادة خلال العطلة الصيفية بين أشهر 6 و 7 و 8…!!!
— Mohammed Kheir Freihat (@freihat99) June 8, 2023
أنا بقول تحددوا لهم كمان جنس المولود، ولد وإلا بنت؟!! 🤨#الأردن pic.twitter.com/ZHBLexiZ3N
وكتب يوسف القرشي أنّ "تعميم الحمل المنتشر ليس غريباً في المدارس الخاصة، وهذه معلومة معروفة لدى كل العاملين في القطاع ذكوراً وإناثاً. المدارس الخاصة تكاد تكون أسوأ أنواع الشركات في استغلال الموظفين وخصوصاً الإناث".
من جهته، وصف نضال الزبيدي التعميم بـ "العادي"، قائلاً إنّ "المؤسسات الرقابية الحكومية في ظني على علم به، ولكنها تغض الطرف وتصم الآذان عن هكذا ممارسات سيئة لإدارات المدارس الخاصة. الجميع متفق على إذلال المدرسين والمدرسات في القطاعين العام والخاص".
تعميم عادي، والمؤسسات الرقابية الحكومية،في ظني على علم به، ولكنها تغض البصر وتصم الآذان عن هكذا ممارسات سيئة لادارات المدارس الخاصة.
— Nedal Zubeidi نضال الزبيدي (@nedzed101) June 8, 2023
الجميع متفق على إذلال المدرسين والمدرسات في القطاعين العام والخاص.#الأردن #المدارس_الخاصه
وكتب طه الزبون في تغريدة له: "تباً #لخصخصة_التعليم وتباً لتغول #المدارس_الخاصة. #مجموعة_مدارس_الجامعة الخاصة تقتحم على المعلمين غرف نومهم وتطلب من المعلمات تنظيم الحمل بحيث تكون الولادة في أشهر الصيف. المدرسة بعد رفض #وزارة_التربية لهذا التعميم حاولت التنصل من تعميمها وفتحت تحقيقاً في الموضوع".
تبا #لخصخصة_التعليم وتبا لتغول #المدارس_الخاصة #مجموعة_مدارس_الجامعة الخاصة تقتحم على المعلمين غرف نومهم وتطلب من المعلمات تنظيم الحمل بحيث تكون الولادة في اشهر الصيف. المدرسة بعد رفض #وزارة_التربية لهذا التعميم حاولت التنصل من تعميمها وانها فتحت تحقيقا في الموضوع.#مع_المعلم pic.twitter.com/ldwaEe92HG
— Dr. Taha Zboun (@DrZboun) June 7, 2023