تجويع شمال غزّة... الاحتلال يعاقب رافضي النزوح

06 اغسطس 2024
طفل ينتظر الحصول على طعام في غزة، 29 يوليو (محمود عيسى/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **حملة تجويع ممنهجة:** يعاني سكان شمال قطاع غزة من حملة تجويع تنفذها إسرائيل عبر منع وصول المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية، مما أدى إلى سوء التغذية والأمراض وزيادة الوفيات.

- **استجابة دولية محدودة:** رغم المناشدات الدولية، تواصل إسرائيل منع إدخال الخضار والفواكه واللحوم، مما يزيد من معاناة السكان، حيث تسمح فقط بإدخال الدقيق وبعض المعلبات.

- **أزمة مياه وتدخل دولي مطلوب:** يعاني السكان من أزمة مياه حادة بعد تدمير 700 بئر، مما يستدعي ضغطاً دولياً لوقف المجاعة وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية.

منعت سلطات الاحتلال وصول المستلزمات الضرورية والمواد الغذائية

يوجد نحو 700 ألف فلسطيني في مناطق شمال غزة رفضوا النزوح جنوباً

لا يتورع جيش الاحتلال في استخدام التجويع سلاحَ حرب

تكثر الشواهد على تعرّض سكان المناطق الشمالية في قطاع غزة، وبينهم سكان مدينة غزة لحملة تجويع حقيقية تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي عبر منع وصول المستلزمات الضرورية والمواد الغذائية والخضار والفاكهة واللحوم بأنواعها. ويوجد نحو 700 ألف فلسطيني في هذه المناطق بعدما رفضوا النزوح إلى جنوب وادي غزة.

وتكثر مناشدات المنظمات الدولية لإدخال الطعام وتنويع المواد الغذائية في المناطق الشمالية التي ملّ سكانها أكلَ المعلبات والخبز من دون أي إضافة إليه، لكن كل هذه المناشدات لم تلقَ آذاناً مصغية وسط إصرار واضح من إسرائيل على جعل من بقوا في شمال القطاع يدفعون ثمن صمودهم ورفضهم تنفيذ الأوامر العسكرية الإسرائيلية بالإخلاء.

وإلى جانب سوء التغذية والأمراض المصاحبة، يعاني المدنيون في شمالي القطاع أزمة جوع حقيقية في ظل أحاديث عن تزايد عدد الوفيات بوتيرة متسارعة نتيجة سوء التغذية وغياب الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، وفي ظل الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل على المناطق.

وقبل شهرين، خففت إسرائيل بضغط أميركي ودولي إجراءاتها العقابية شمال قطاع غزة، وسمحت بإدخال الدقيق الذي بات متوفراً بأسعار منطقية وأقل من السعر الطبيعي، لكنها منعت إدخال الخضار والفواكه واللحوم إجراءً عقابياً وتحايلياً على الضغوط.

وخلال اليومين الماضيين، نشر فلسطينيون صوراً لشاحنات مساعدات وتجار عبرت المنطقة الفاصلة بين شمالي القطاع وجنوبه إلى الشمال، واستيلاء لصوص وقطّاع طرق عليها قبل أن تصل إلى مستحقيها في الشمال. ويندرج ذلك أيضاً ضمن مخطط إسرائيل للتجويع، فهي لا تتدخل في الاعتداءات، وتمر أمامها كل عمليات السرقة من دون أن تحرك ساكناً، في حين أنها هي نفسها تستهدف أي شخص يقترب من المنطقة في الوضع الطبيعي، ويصبح ضحية لوجود موقع "نتساريم" العسكري.

وكانت منظمات دولية اتهمت إسرائيل بتجويع الفلسطينيين واستخدام هذا التجويع سلاحَ حرب، ما شكل عندهم أنه "جريمة حرب"، لكن ذلك لم يجبر إسرائيل على تخفيف قيودها والسماح للمساعدات والبضائع التجارية بالوصول إلى المناطق الشمالية، حيث يدفع السكان ثمناً مضاعفاً من القصف والضغط والتجويع.

واعتبر المدير العام لمكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، سياسة التجويع الإسرائيلية "جزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين منذ نحو 10 أشهر. وقد أغلق الاحتلال كل المعابر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومنع إدخال مساعدات منذ 95 يوماً".

ولفت إلى أنّ "الاحتلال يمنع إدخال المساعدات والمواد الغذائية وحتى التجارية، وقام منذ 7 مايو بتجريف معبر رفح وتدميره وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري وأوقف إدخال المساعدات. ومنذ ذلك الوقت لا يدخل شيء إلى شمالي القطاع. وفي ظل الضغط الدولي فتح الاحتلال نقطة إنسانية غربي بيت لاهيا شمال القطاع، لكنه عاد وأغلقها قبل مائة يوم ومنع إدخال السلع والبضائع إلى الشمال، ما عزّز سياسة التجويع ضدّ الفلسطينيين في المناطق الشمالية للقطاع".

وإلى جانب أزمة التجويع المتعمدة، تحدّث الثوابتة عن أزمة في الحصول على المياه في الشمال، "بعدما دمّرت إسرائيل 700 بئر، ما جعل الفلسطينيين يحصلون بصعوبة على شربة ماء صالحة ونظيفة، علماً أنّ 95% من المياه غير صالحة للشرب".

وشدد الثوابتة على ضرورة أن يكون هناك ضغط دولي لوقف المجاعة وفتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والسلع لكل مناطق قطاع غزة، والتوقف عن استخدام سياسة التجويع للضغط السياسي "فهذا الأمر جريمة ضد الإنسانية، وندعو إلى كسر الحصار عن القطاع وإدخال كل ما يلزم من أجل الحياة الكريمة للمواطنين".

في السياق، قال الباحث في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أحمد عليان لـ"العربي الجديد": "منذ الشهر الثاني للحرب الإسرائيلية على غزّة بدأت بوادر المجاعة على سكان شمال غزّة الذين رفضوا النزوح إلى الجنوب. وهذه سياسة عقابية من الاحتلال ضدّ السكان بهدف التجويع الجماعي لأكثر من 700 ألف شخص في المناطق الشمالية، وإجبارهم على النزوح رغم رفضهم ذلك نتيجة القصف والدمار والتهديد".

وأشار إلى أنّ "إسرائيل أغلقت كل المنافذ مع شمالي قطاع غزة، وهي عملت فقط على إدخال شاحنات قليلة إلى الجنوب وحرمت الشمال منها قبل أن تخفف الإجراءات عبر إدخال معلبات ودقيق، في حين لا تزال ترفض إدخال الخضار والفاكهة والأحذية وحليب الأطفال".

ولفت إلى أنّ "الاحتلال يسمح بإدخال أصناف معينة وقليلة مع الإبقاء على المعلبات التي تحتوي على مواد حافظة، ما أدى إلى أمراض صحية وسوء تغذية لدى السكان. وهو لا يزال يصر على ممارسة سياسة التجويع ضد المدنيين وما يدخله إلى 700 ألف فلسطيني في الشمال أقل من 10% من احتياجاتهم الحالية، وما كان يصلهم قبل الحرب".

وذكر عليان أنّ "هناك حاجة ملحة وكبيرة إلى زيادة حجم المساعدات للشمال والسماح للتجار بإدخال البضائع والسلع وعدم الاكتفاء ببعض المساعدات التي يتم تقليصها وتحجيمها". وأوضح أنّ "المواطن في شمال قطاع غزة يتناول وجبة أو وجبة ونصف وجبة في أحسن الأحوال يومياً بدلاً من ثلاث، ما خلق هزالاً وسوء تغذية ومشكلات صحية عند أصحاب الأمراض المزمنة وعموم المواطنين وهي بالطبع ليست وجبات صحية".

المساهمون