تزايدت في الفترة الأخيرة عمليات الملاحقة بين الأجهزة الأمنية في قطاع غزة وتجار ومروجي المخدرات، مع تنوع أساليب التهريب سواء عبر الشاحنات التجارية الواردة من معبر كرم أبو سالم التجاري مع الأراضي المحتلة، أو من خلال الحدود البحرية مع مصر.
وبات الإعلان عن ضبط المخدرات خبراً شبه معتاد ومتكرراً في القطاع في الفترة الماضية، بعد أن بقي الأمر في فترات وسنوات سابقة مقتصراً على فترات متباعدة فقط، ويرجع ذلك لزيادة محاولات التهريب وتعدد المصادر.
وفي الفترة الأخيرة عمدت الأجهزة الأمنية إلى إقامة حواجز مفاجئة من قبل عناصرها، بحثاً عن المخدرات والمروجين لها، إلى جانب عمليات تفتيش تتم لبعض المناطق والمنازل في أوقات مختلفة خصوصاً بعد منتصف الليل.
وبالتزامن مع الإجراءات الميدانية على الأرض غلّظت الجهات القضائية الأحكام الصادرة بحق التجار ومروجي المخدرات لتصل إلى ما بين المؤبد والإعدام في بعض الحالات ضمن محاولات الجهات الحكومية التي تديرها حركة حماس ضبط هذه الظاهرة وخفض تأثيرها.
حجم التجارة في مجال المخدرات يصل سنوياً إلى قرابة 2.5 مليون دولار أميركي
في الوقت ذاته، ترفض المؤسسات الحقوقية المحلية العاملة في القطاع تحويل المتهمين في قضايا تهريب المخدرات إلى القضاء العسكري إلى جانب أحكام الإعدام الصادرة بحق بعض المهربين، كونها مخالفة للقانون الفلسطيني الأساسي والاتفاقيات التي انضمت إليها السلطة.
ويقول مدير الشؤون القانونية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات علاء الوادية إن جميع المواد المخدرة يتم جلبها من الخارج، سواء من مصر أو من الاحتلال الإسرائيلي، في حين لا توجد عمليات تصنيع محلية.
ويضيف الوادية لـ "العربي الجديد" أنه يتم استخدام الشاحنات التجارية الواردة لغزة عبر معبر كرم أبو سالم في عملية التمويه لإدخال المخدرات عبر بعض البضائع كالملابس والمعلبات أو مستحضرات التجميل الخاصة بالنساء.
في الوقت ذاته، يؤكد أن الفترة الأخيرة شهدت نشاطاً ملحوظاً في عمليات التهريب من خلال البحر، نظراً لغياب الرقابة الدائمة وسهولة نقل المواد المخدرة مقارنة بالطرق الأخرى، إذ شهد الأسبوع الأخير ضبط 500 "فرش" حشيش، في كمية هي الكبرى منذ فترة.
وتراوح معدل القضايا الخاصة بالمخدرات خلال العامين ما بين 2020 و2021 ما بين 1200 إلى 1300 قضية حولت للمحاكم في غزة، موزعة ما بين التعاطي والاتجار والتهريب، في حين بلغ إجمالي الضبطيات من مادة "الحشيش" عام 2020 "88966 غراماً"، فيما كانت النسبة عام 2021 متقاربة، بحسب الوادية.
ويشير إلى أن حجم التجارة في مجال المخدرات يصل سنوياً إلى قرابة 2.5 مليون دولار أميركي، في الوقت الذي تنقسم فيه تصنيفات المتعاملين في هذه المواد إلى 10% تجاراً كباراً و65% مروجين و25% متعاطين للمواد المخدرة.
وخلال الفترة الأخيرة تم تشكيل هيئة الجنايات الكبرى من قبل المجلس الأعلى للقضاء في غزة التي عملت على تشديد الأحكام الخاصة بالمخدرات وفقاً للقانون رقم "7" لسنة 2013، الذي يصل من 15 سنة إلى المؤبد في الاتجار والعودة إلى الاتجار الذي يصل ما بين المؤبد إلى الإعدام.
إلى ذلك، يؤكد نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لقطاع غزة جميل سرحان أن المؤسسات الحقوقية ترفض إحالة المتهمين المدنيين للقضاء العسكري للنظر في القضايا الخاصة بالمخدرات، سواء التهريب أو غيره من القضايا الأخرى، باعتباره مخالفة للقانون الأساسي.
ويقول سرحان في حديثه لـ"العربي الجديد" إن القانون الأساسي الفلسطيني يقضي بعرض الشخص المدني على القاضي المدني وليس القضاء العسكري من أجل أن تتم بحقه كافة الإجراءات التقليدية، بغض النظر عن نوع قضيته.
ويطالب بإلغاء القانون الذي أقرّته كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس في المجلس التشريعي عام 2016 والذي أُحيل بموجبه عدد من قضايا المخدرات للقضاء العسكري كونها تخالف معايير المحاكمة العادلة.
ويلفت إلى أن المؤسسات الحقوقية ترفض عقوبة الإعدام في مختلف القضايا، بما في ذلك المخدرات، تطبيقاً للموقف الفلسطيني الرسمي الموقع على اتفاقية مناهضة عقوبة الإعدام إلى جانب القناعة بأن هذه العقوبة لا تحقق الردع الكافي.