المغرب: أساتذة التعاقد يضربون عن العمل رفضاً لمحاكمة زملائهم

16 نوفمبر 2022
تحرّك احتجاحي سابق لأساتذة المغرب (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

دخل 119 ألف أستاذ ينتمون إلى "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد" في المغرب، اليوم الأربعاء، في إضراب عن العمل لمدّة يومَين، احتجاجاً على الملاحقات التي تطاول زملاء لهم، وتأكيداً على تشبثهم بمطلب الدمج في الوظيفة العمومية.

وأعلنت التنسيقية عن خوض احتجاجات مختلفة تزامناً مع الإضراب عن العمل، وذلك أمام المحاكم والأكاديميات، لاستنكار الأحكام التي تصدر بحقّ الأساتذة بسبب نشاطهم الاحتجاجي و"مطالبتهم بحقوقهم المشروعة".

واستنكرت تنسيقية أستاذة التعاقد، في بيان لها، الحكم الأخير الصادر عن المحكمة الابتدائية في مدينة صفرو (شمال) أوّل من أمس الإثنين، والذي قضى بإدانة الأستاذ رشيد يدر، أحد قياديي التنسيقية، بالحبس مع وقف التنفيذ لمدّة شهر، بالإضافة إلى غرامة قدرها 500 درهم مغربي (نحو 46 دولاراً أميركياً) على خلفية شكاوى وصفتها التنسيقية بـ"الكيدية"، تقدّم بها أشخاص من قطاع التعليم.

كذلك، سجّلت التنسيقية وصول استدعاءات إلى مجموعة من الأساتذة في مديرية جرادة (شرق) أفادت بأنّها "كيدية"، وتروم إلى "الانتقام من الذين فُرض عليهم التعاقد وكبح نضالاتهم التي يشاركون فيها مع الشغيلة التعليمية"، واصفة الوضع بـ"النكوصي".

في هذا الإطار، عبّرت عضو التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد خديجة البكاي عن أسفها إزاء "التعاطي مع الأساتذة كمجرمين، لمجرّد دفاعهم عن المدرسة العمومية وعن حقّ التلاميذ المغاربة في تعليم ذي جودة". ولفتت لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الأمر وصل إلى حدّ محاكمة أستاذ باحث غيابياً والحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ لمدّة شهر، بالإضافة إلى غرامة قدرها 500 درهم، ناهيك عن استمرار متابعة أساتذة آخرين منذ السنة الماضية".

أضافت البكاي أنّه "في ظلّ غياب قرار سياسي بإعادة الاعتبار للأستاذ والمدرسة المغربية، تتعاطى وزارة التربية الوطنية معنا من خلال اتّباع سياسة الهروب إلى الأمام والاقتطاع من أجورنا مبالغ تتراوح ما بين 1000 درهم (نحو 93 دولاراً) و1600 درهم (نحو 149 دولاراً) على أساس أنّنا متغيّبون عن العمل، في حين أنّنا نمارس حقّنا في الإضراب الذي يكفله الدستور المغربي".

وشدّدت المتحدثة ذاتها على أنّ "الوضعَين المالي والإداري اللذَين فُرضا على أساتذة التعاقد غير مستقرَّين منذ عام 2016، ومطلبنا الوحيد هو الدمج في الوظيفة العمومية ومدخول مالي ثابت، وأن تتعامل معنا وزارة التربية الوطنية كموظفين عموميّين لا كمياومين".

وفي سياق متصل، دعت التنسيقية إلى خوض إضراب وطني في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، مصحوب باحتجاجات مختلفة، تنديداً بما وصفته بـ"المحاكمات الصورية" التي يتعرّض لها أساتذة.

من جهة أخرى، أكّدت التنسيقية تشبّثها بـ"إسقاط التعاقد والدمج في أسلاك الوظيفة العمومية وردّ الاعتبار إلى المدرسة والوظيفة العموميّتَين"، مع تجديد الرفض للشروط الإقصائية التي فرضتها الوزارة على حاملي الشهادات من خلال وضع سقف لسنّ اجتياز مباريات التعليم وهو 30 عاماً.

وكان الأساتذة العاملون بنظام التعاقد قد دخلوا في سلسلة إضرابات، منذ نهاية فبراير/ شباط الماضي، كردّ فعل على الأحكام التي أصدرتها المحكمة الابتدائية في الرباط بحقّ 45 من زملائهم، إذ دانت 44 منهم بالسجن لمدّة شهرَين مع وقف التنفيذ، بالإضافة إلى غرامة مالية، وقضت بالسجن النافذ لمدّة ثلاثة أشهر بحقّ أستاذة متعاقدة.

يُذكر أنّ ملاحقات الأساتذة المتعاقدين أتت على خلفية تهم التجمهر غير المسلح بغير رخصة، وكذلك خرق حالة الطوارئ الصحية، وإيذاء رجال القوة العمومية في أثناء قيامهم بوظائفهم.

ونظام التعاقد هو برنامج أطلقته الحكومة المغربية في عام 2016 لتوظيف أساتذة في المدارس الحكومية بموجب عقود قابلة للتجديد، غير أنّه خلّف احتجاجات بين الأساتذة الذين وُظّفوا ومطالبات بتغييره ودمجهم في القطاع العام.

وقد لجأت وزارة التربية الوطنية في عام 2019 إلى التخلي عن النظام نهائياً واستحداث نظام أساسي يصير هؤلاء الأساتذة بموجبه كوادر في الأكاديميات، ويشتمل على مقتضيات تضمن الاستقرار المهني من قبيل الحقّ في الترقية والتقاعد والاستفادة من الحركة الانتقالية الجهوية وغيرها. لكنّ الاحتجاجات استمرّت بسبب إصرار الأساتذة على دمجهم في الوظيفة العامة، وعلى أن تكون مناصبهم المالية تابعة لوزارة التربية لا الأكاديميات.

المساهمون