الفلسطيني نظام معطان... 15 عاماً من الصمود أمام عنف المستوطنين

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
27 ابريل 2024
حرب المستوطنين على رعاة الأغنام
+ الخط -
اظهر الملخص
- تعرضت حظيرة أغنام الفلسطيني نظام معطان في قرية برقة لهجوم من مستوطنين، مما يعكس معاناة مستمرة من مضايقات ممنهجة لحوالي خمسة عشر عامًا، بما في ذلك سرقة وذبح الأغنام وإحراق مواد غذائية.
- يواجه نظام وعائلته، الذين يعتمدون على الأغنام كمصدر رزق، هجمات متكررة تهدف إلى ترهيبهم ومنعهم من الوصول إلى أرضهم، مما يضعهم في خطر دائم بالقرب من بؤرة استيطانية.
- رغم التحديات، يصر نظام على البقاء في منزله، معبرًا عن صموده ورفضه للتهجير، ويبرز الأثر السلبي للمستوطنات على الحياة اليومية للفلسطينيين، مؤكدًا على تمسكه بأرضه ومنزله.

لم يكن الهجوم الذي شنه مستوطنون في 21 إبريل/ نيسان الجاري على حظيرة أغنام للفلسطيني نظام معطان (50 سنة)، في قرية برقة شرقي رام الله بالضفة الغربية، حدثاً منفصلاً، فهو منذ خمسة عشر عاماً تقريباً يعاني من مضايقات ممنهجة، ووصلت إلى ذروتها بعد بدء العدوان على قطاع غزة.
على الطرف الشمالي لقرية برقة يقطن "أبو علي" كما يطلق عليه جيرانه، وإلى جانب منزله الذي يسكنه مع زوجته وسبعة من أبنائه، حظيرة أغنام هي مصدر رزقه الرئيسي. وعلى بعد مئات الأمتار، يقيم المستوطنون بؤرة استيطانية من كرفانات (بيوت متنقلة)، تنتشر على أعلى الجبل المطل على منزله وعلى قريته، وكانت مصدراً لثلاث هجمات عنيفة خلال أربعين يوماً فقط.

تفاصيل أحدث هجوم للمستوطنين على نظام معطان

مساء الأحد، حصل الهجوم الأخير الذي بدا مخططاً له مسبقاً، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن المستوطنين تركوا مركبة بين منزله والبؤرة الاستيطانية لمدة أسبوعين تقريباً، وبدأ المستوطنون حرق المركبة، مؤكداً أنه رآهم يحرقونها. وفي تلك اللحظة، بدأ هجوم نفذه عشرات المستوطنين، ويسأل: "إذا كانت المركبة قد تعطلت، فلماذا أبقاها المستوطنون في الأراضي أسبوعين ولم يسحبوها"؟ يبدو من حديث نظام معطان أن المستوطنين استخدموا الحريق المفتعل لتبرير الهجوم، الذي بدأ بقص الأسلاك الشائكة حول الحظيرة، ثم الدخول إليها وسرقة قرابة عشرة رؤوس من الأغنام، وذبح رأسين، ثم إشعال الحريق في 30 بالة من القش تقدر بقرابة نصف طن، وخمسة أطنان من الشعير، وثلاثة أطنان من النخالة، والتي أكلتها النار كلها.

سرق المستوطنون قرابة عشرة رؤوس من الأغنام (العربي الجديد)
سرق المستوطنون قرابة عشرة رؤوس من الأغنام (العربي الجديد)

استطاع أحد أبناء نظام معطان إخلاء الحظيرة من معظم رؤوس الماشية، لكن واحدة من تلك الأغنام نفقت بسبب الدخان الناجم عن الحريق. كما هاجم المستوطنون المنزل بالحجارة، وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي حاضراً لحمايتهم. حاول أبو علي الوصول إلى الحظيرة التي لا تبعد أمتاراً عن بيته، لكن جندياً هدده بإطلاق النار عليه إن لم يعد إلى المنزل.

يركز المستوطنون هجومهم على الأغنام لأنهم يعرفون أنها مصدر الرزق الرئيسي لهذه العائلة والعائلات التي تكون هدفاً لمحاولات الطرد والتهجير من مكان ما، وبدأ المستوطنون يحاربون نظام معطان في رزقه منذ فترة مبكرة قبل قرابة 15 عاماً، بملاحقته حين يرعى أغنامه في الجبال، ولكن بوتيرة أقل حدة. لكن وقبل عشر سنوات، أصبح هدف المستوطنين منعه من الوصول إلى أرض له مساحتها خمسة دونمات، وهي ملاصقة للبؤرة الاستيطانية الحالية التي تعلو منزله، وقد بدأت محاولات المنع حتى قبل إقامة البؤرة. في عام 2018، كان معطان في أرضه يرعى الأغنام، فهاجمه مستوطنون ورشوا غاز الفلفل باتجاهه وباتجاه طفله، وهاجموا الأغنام، ووجهوا له الشتائم النابية.

قطع المستطونون الأشجار (العربي الجديد)
قطع المستوطنون الأشجار (العربي الجديد)

 

كان أبو علي قد حول الأرض، كما يقول، إلى "جنة الله في أرضه"، وزرع فيها كل أنواع الفواكه، لكن المستوطنين لم يبقوا منها شيئاً، فقطعوا كل الأشجار بعد أن اتهموه بأنه ضرب مستوطناً. وبعدما تقدم بشكوى لدى الارتباط الفلسطيني، تم التحقيق معه بتهمة ضرب المستوطن لا اعتداء المستوطنين، وهدده المحقق باعتقاله إن أمسك به داخل أرضه.

كانت تلك الحادثة فاصلة في منعه بشكل فعلي من الوصول إلى أرضه التي لا تبعد كثيراً عن منزله، وأقام المستوطنون قربها بؤرتهم، لكن جيش الاحتلال كان يكرر إزالة البؤرة، وكلما أعاد المستوطنون البناء يزيل الجيش الكرفانات، حتى جاء الوقت الذي توقف فيه جيش الاحتلال عن إزالة البؤرة قبل عامين تقريباً، وتم تثبيتها، وأصبحت تتوسع شيئاً فشيئاً. يقول معطان: "يريدون ترحيلنا من هنا بأي ثمن. منعونا من الرعي ليس فقط في هذا الجبل، وإنما تقريباً في كل مكان. القرية محاصرة من الجهات الأربع بالاستيطان، ولا نستطيع الرعي سوى في مكان قريب من المنزل. اضطررنا إلى شراء الشعير والقش والنخالة، وأصبحنا مدينين للتجار بعدما كنا نكتفي بالرعي"، ويشير إلى أن المستوطنين يعلمون أن الرعي هو مصدر الرزق الأساسي، ولذلك يركزون على منعه بالقوة لسبب بسيط وهو أن الأراضي التي يصل إليها الرعاة واسعة جداً، وأصحاب الأراضي الزراعية يصلونها لأيام معدودة في العام، وخصوصاً أنها بمعظمها مزروعة بأشجار الزيتون، وتحتاج لأيام قليلة من الرعاية، وأخرى للقطاف. أما صاحب الأغنام فيجوب الأراضي بشكل يومي، ويحميها بوجوده الدائم فيها، وهذا ما لا يريده المستوطنون.

أصبحت الحظيرة والمنزل المجاور في خطر دائم، ويقول معطان: "نحن معرضون للقتل في كل لحظة، والجيش يقوم بحمايتهم ولا قانون يردعهم. لنا أرض يمكن أن تشبع بالرعي من أعشابها الجِمال والأبقار، لكننا نضطر لشراء القش والشعير والنخالة لإطعامها لأننا ممنوعون من الوصول إلى أرضنا، وفي حال وصلنا إلى هناك سنتعرض للاعتقال وسيأخذون الأغنام. لا نستطيع الرعي أبعد من محيط المنزل، وعندما قمنا بشراء القش أحرقوه".
منذ صغره يعمل أبو علي في تربية المواشي فقط، ويقول: "في الماضي وأنا شاب وطفل، كان عملنا كجنة الله في الأرض. اليوم حياتنا جحيم. نخرج من المنزل ولا نعلم إن كنا سنعود أم لا. في كل يوم نتعرض للمضايقات ويشتمنا المستوطنون، ويشتمون أمواتنا وأهلنا بكلام بذيء. ورغم كل ذلك، لن نرحل سوى إلى القبر. لو أتوا إلينا مائة مرة لن نخرج من المنزل. الأرض أبعدونا عنها بقوة السلاح، ولكن البيت لن نخرج منه".

ذات صلة

الصورة
الهجوم الإسرائيلي على إيران 26/10/2024 (صورة متداولة)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، أنه شنّ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، لكن الأخيرة نفت نجاح إسرائيل في الهجوم.
الصورة
بايدن خلال كلمة اعتذر فيها للهنود الحمر، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اعتذر جو بايدن رسمياً عن دور الحكومة الأميركية في إدارة مدارس داخلية أساءت للهنود الحمر لأكثر من 150 عاماً لكنه تعرض لمقاطعة بسبب دعمه الحرب على غزة.
الصورة
في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا - شمال قطاع غزة - 24 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

بعد اقتحام قوات الاحتلال مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، عبّرت منظمة الصحة العالمية عن قلقها فيما وصفت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الوضع بأنّه كارثي.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
المساهمون