يستمر تأثير العاصفة المطرية بمخيمات النازحين شمال غربيّ سورية ليومها الرابع على التوالي، ما يفاقم معاناة المدنيين، وخاصة الأطفال مع هبوط درجات الحرارة، وزيادة حدّة البرد. "الخيام لا تصلح للصيف، فما بالك بالشتاء والعواصف"، بهذه العبارة وصف مأمون المطر، أحد نازحي مخيم حربنوش، شماليّ إدلب، حال خيمتهم القماشية المهترئة التي لم تعد صالحة لإيواء أطفاله الثلاثة من برد الشتاء. وأضاف مأمون لـ"العربي الجديد"، أنّ "تأثير العواصف المطرية في الأطفال لم يعد يقتصر على الجانب الجسدي المتمثل بالبرد وغياب وسائل التدفئة، بل امتد إلى الضرر النفسي وسيطرة حالة من الخوف على بعضهم عند بدء تساقط الأمطار واشتداد البرد".
النازحين في المخيمات عزفوا عن استخدام مواد التدفئة المنتشرة بالأسواق حالياً، بسبب خطورتها، وقد سببت أيام احتراق إحدى الخيام وإصابة قاطنيها بحروق شديدة، فالبرد أرحم من موت أطفالهم حرقاً بسبب استخدام مواد غير صالحة".
أما الحاجة طيبة بكور، المقيمة في خيمة قماشية برفقة 13 شخصاً، جميعهم من النساء والأطفال ورجل مسن، فقد قالت لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشتاء أصبح من الفصول غير المحببة لها ولعائلتها التي تعيش الفقر الشديد، فموجات البرد قاسية جداً، وخاصة عند تبلل الخيام بالمياه". فيما أوضح ياسر سعيد، أحد المقيمين في مخيمات النازحين بجبل كلي لـ"العربي الجديد"، أن "الأوضاع كارثية، وخاصة أن موجات البرد بدأت بالتمدد، في ظل انعدام وسائل التدفئة الآمنة". وأشار سعيد إلى أن "معظممن جهته، أوضح محمد حلاج، مدير فريق "منسقو استجابة سورية" لـ"العربي الجديد"، أن "الفريق رصد تضرر 19 مخيماً في مناطق متفرقة من الشمال السوري، بسبب العاصفة المطرية"، وأشار إلى أن "نسبة الضرر كانت 62 خيمة بشكل كامل، وأضراراً جزئية في 44 خيمة أخرى". بينما قدّر عدد الأفراد الذين تضرروا نتيجة العواصف المطرية وتسرب المياه إلى الخيام بنحو 5,483 نسمة، إذ سبّبت العاصفة فيضانات مائية وانقطاعاً للطرق داخل المخيمات مع صعوبات كبيرة لتصريف المياه.
وأضاف الحلاج أن "عدد الحرائق الناتجة من استخدام مواد غير صالحة للتدفئة في مناطق شمال غربي سورية بلغ منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 155 حريقاً، كان آخرها أربعة حرائق في مخيمات مشهد روحين وكفرلوسين وحربنوش شماليّ إدلب".
واعتبر الحلاج استخدام الخيام القماشية أحد أبرز أسباب انتشار الحرائق، إلى جانب عدم توافر العوازل، حيث يبلغ عدد المخيمات التي تغيب عنها العوازل اللازمة لمنع الحرارة أو الحرائق أكثر من 96% من المخيمات. وفي سياق منفصل، توفيت امرأة وطفلان، اليوم الأربعاء، نتيجة اندلاع حريق في منزلهم داخل مدينة أريحا جنوب إدلب، إذ شبّ الحريق إثر استخدام العائلة مواد تدفئة منتشرة في الأسواق وغير صالحة، وفق ما أفاد ناشطون محليون لـ"العربي الجديد".