الصيام والامتحانات النصفية يشتّتان العملية التعليمية في ليبيا

11 ابريل 2023
يتغيب تلاميذ ليبيا عن المدارس في رمضان (ندى حارب/Getty)
+ الخط -

عادت بعض المدارس الحكومية الليبية لفتح أبوابها أمام الطلاب، بعدما أقفلتها أسوة بالمدارس الخاصة التي أقفلت أبوابها ودخل طلابها في إجازة غير رسمية منذ بداية شهر رمضان، وتوقفت الدراسة كلياً باستثناء عدد من المدارس الحكومية في العاصمة طرابلس وبعض مدن غرب البلاد. 
ويرجع سبب عودة بعض المدارس الحكومية التي عطلت أسوة بالمدارس الخاصة لإصدار وزارة التربية والتعليم قراراً ببدء الامتحانات النصفية لطلاب المرحلة الأساسية والثانوية في مطلع الأسبوع الجاري، كإجراء لمنع تعطيل المدارس. 
وعن تعطيل المدارس، يقول المدرس عبد الرحمن الشلماني، من بنغازي: "التعطيل عادة ما يكون بطلب من أولياء الأمور، ولو طلبنا منهم العودة لن يباشر الطلاب الدراسة، وعادة ما نضطر خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان إلى إقفال أبواب المدرسة، فإجازة الصيام فرضت نفسها، وأصبحت شبه رسمية رغم التأكيد على منعها من قبل السلطات".
وقبل حلول شهر رمضان، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي أنباء حول عزم وزارة التربية والتعليم على إعلان شهر رمضان عطلة مدرسية، لكن الوزارة نفت تلك الأنباء، مؤكدة استمرار الدراسة في جميع المراحل التعليمية، وذكّرت بقرارها في مطلع العام الدراسي الجاري بشأن تحديد مواعيد الدراسة والامتحانات والعطلات لجميع المراحل، وأن القرار تضمن تعليق الدراسة "خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان كإجازة لعيد الفطر، وليس في الشهر الكريم كاملاً".
ولتأكيد استمرار الدراسة، عممت الوزارة قبل رمضان بيومين قراراً لوزير التعليم بشأن مواعيد الفترتين الصباحية والمسائية في المدارس، تضمن تعديلاً لزمن الحصص الدراسية ومواعيد حضور الطلاب وانصرافهم.
وبعد عدم تقيّد أغلب المدارس بالقرارات مع دخول شهر رمضان، أعلنت الوزارة توجيهها إنذارات للمدارس المتوقفة عن الدراسة، وطالبتها بفتح أبوابها واستكمال المناهج الدراسية، كما دعت مكاتب التعليم في البلديات إلى ضرورة معاقبة المتغيبين من المعلمين أو الإداريين بالمؤسسات التعليمية، وإجراء زيارات ميدانية لحصر المدارس المخالفة والمعلمين المتغيبين، واتخاذ الإجراءات اللازمة حسب القوانين واللوائح المعمول بها".
وحذرت الوزارة "من يخالف ذلك من مديري مكاتب التعليم بتحمل المسؤولية القانونية عن التقصير والإهمال في أداء أعمالهم"، وطلبت "إحالة تقرير مفصل حول سير الدراسة، مرفق بكشف أسماء للمدارس المخالفة خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور الكتاب".

تتجاهل المدارس قرار استمرار الدراسة في رمضان (ندى حارب/Getty)
تتجاهل المدارس قرار استمرار الدراسة في رمضان (ندى حارب/Getty)

وللتأكيد على موقفها، أصدرت الوزارة قرار دخول الطلاب للامتحانات النصفية مع مطلع الأسبوع الجاري، ما أجبر بعض المدارس الحكومية، خصوصاً في العاصمة طرابلس، للعودة واستقبال الطلاب لأداء الامتحانات النصفية، لكن أغلب المدارس الحكومية خارج طرابلس وكافة المدارس الخاصة لا تزال تقفل أبوابها، في إصرار على الاستمرار في التعطيل أثناء شهر الصيام.  
وبحسب الشلماني في حديثه لـ"العربي الجديد"، فإن "المدارس الخاصة التي تقع على مرمى حجر من مقرات وزارة التعليم أبوابها مقفلة ولم يباشر أي منها استقبال الطلاب منذ أول أيام رمضان. ليست تلك السنة الأولى التي يتكرر فيها هذا الأمر، فمنذ سنوات اعتادت المدارس الخاصة على إغلاق أبوابها خلال شهر رمضان، وتدريجياً أصبحت المدارس الحكومية تحذو حذوها، والظاهرة لا تقتصر على القطاع التعليمي، بل إن أغلب دوائر الحكومة تدخل في تعطيل شبه رسمي، حتى ان المستشفيات يتناقص عدد الأطباء والممرضين فيها".
ويرى المواطن عبد الرحمن علي أن الظاهرة استفحلت وصارت تفرض نفسها، مشيراً إلى "تحايل أغلب الموظفين للحصول على عطلات خلال شهر الصيام. أغلب الموظفين يؤجل إجازاته الرسمية السنوية ليطلبها قبيل رمضان، والسلطات مسؤولة عن ذلك بسبب التهاون في مكافحة هذا السلوك السيئ". البعض يركز على المدارس وحدها، رغم أن الكثير منها تتعلل بأبسط الأسباب لتدخل في عطلات لأيام عدة، كالاشتباكات، أو سريان شائعة تتحدث عن تفشي مرض أو وباء، ووزارة التعليم تعطي السلطة التقديرية لمديري مكاتب التعليم بالبلديات لاستمرار الدراسة أو تعليقها".
ويضيف: "أحياناً تعطل المدارس بسبب الأمطار في الشتاء، أو ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، على الرغم من أن الطلاب عادة لا يتأثرون بتغير الطقس، وفي نهاية العام الدراسي، تتحجج المدارس بضيق الوقت لتبرير عدم اكتمال المقرر الدراسي".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

في المقابل، لا ترى أم نوح البخار، من طرابلس، أي مشكلة في تعطيل الدراسة خلال رمضان، معتبرة أن "استمرار الدراسة أو تعطيلها بالنسبة لمدارسنا أمر واحد، فهي لا تقدم شيئاً مهماً في ظل انهيار كل شيء في البلاد"، وتضيف متحدثة لـ"العربي الجديد": "التعليم الحكومي ثبت للجميع انهياره قبل فترة طويلة، وكان الأجدر بوزارة التعليم، بدلاً من الحث على مواصلة الدراسة وتهديد المعلمين، أن تتحدث عن نقص الكتاب المدرسي، ونقص المعلمين، وتدني رواتب المعلمين الذين تطالبهم بالتدريس بينما لا يتقاضى كثيرون منهم رواتبهم".
وتعتمد البخار على الدورات والمدرسين الخصوصيين في تدريس أولادها، وتقول: "لولا ضرورة إجراء الامتحانات في المدارس لتحصيل الدرجات وتسجيلها بشكل رسمي في منظومة التعليم الحكومية لقطعت أولادي عن المدارس. أغلب الآباء والأمهات يلجأون إلى المدرسين الخصوصيين والدورات الخاصة لاستكمال المقررات الدراسية في نهاية العام، وعلينا أن نقر بتراجع مستوى التعليم بجميع مراحله في البلاد، وظاهرة التعطيل في رمضان مؤشر إلى غضب أولياء الأمور والمعلمين من مستوى إدارة السلطات قطاع التعليم".

المساهمون