"الجو نار والكهرباء مقطوعة".. محنة الحياة مع موجة الحرّ في مناطق النظام السوري

29 يوليو 2023
ظروف صعبة يكابدها السوريون عامة وسط موجة الحر (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

عاد الشاب السوري حسن جمعة إلى غرفته التي يعيش فيها بمدينة دمشق وقد ارتسمت على ملامحه علامات الانتصار بعد قضاء يوم كامل في مكان ينعم بالكهرباء، وهو ما يعتبره كثيرون حلماً صعب المنال. يقول حسن، لـ"العربي الجديد"، إنّه منشغل بدراسة لغة أخرى غير العربية ليلتحق بالمنحة الدراسية التي حصل عليها بعد انتظار طويل خارج البلاد، إلا أن غياب الكهرباء بشكل شبه كامل وارتفاع درجات الحرارة يمنعان حسن من الدراسة، وفي حال لم ينجح باختباره فسيخسر المنحة التي تقدم إليها. يتابع: "سمعت من أحد الأصدقاء عن وجود منزل دمشقي يتبع لإحدى المطرانيات ويقدم خدمات بمقابل شبه رمزي للأشخاص الراغبين في القراءة، فتوجهت إليه، أدفع ألف ليرة سورية تعادل عشرة سنتات مقابل الجلوس من الصباح إلى المساء في مكان مزود بالكهرباء والتكييف، شريطة أن ألتزم الدارسة بهدوء". تمكّن حسن من قضاء يوم كامل تحت برودة المكيف وشحن هاتفه وبطاريته الاحتياطية، وهو أمر افتقده منذ زمن حسب تعبيره، إذ لا تتوفر الكهرباء أكثر من ساعتين في اليوم، وتأتي على شكل فترات متقطعة في المكان الذي يعيش فيه، الأمر الذي سيدفعه لإعادة التجربة التي عاشها حتى ينتهي من دراسته.

أزمة كهرباء متواصلة

يعيش الأهالي في مناطق سيطرة النظام السوري ظروفاً صعبة نتيجة غياب الكهرباء بشكل شبه كامل، وسط إطلاق اتهامات بالتقصير الحكومي في معالجة المشكلة التي تجاوز وجودها في حياتهم عدة سنوات. في محافظة حماة وسط البلاد، لم يكن الوضع أفضل من دمشق، وخاصة في المدينة التي يضطر سكانها لترك منازلهم واللجوء إلى أقرب فسحة هرباً من الحر. يقول سعيد الصافي إنّه يترك منزله كل يوم مع ساعات المغرب ويجلس قبالة الطريق، يقضي مع أصدقائه ساعات طويلة هرباً من الحر داخل الكتل السكنية. يضيف: "لكنك لن تأخذ كل العائلة معك، النساء يعشن ساعات قاسية في الحر داخل المنازل والأطفال لا يجدون أي وسيلة للتسلية نتيجة عجزنا عن إشعال التلفزيون أو شحن الهواتف لمشاهدة يوتيوب، فالبطارية التي نملكها بالكاد تكفي لإنارة المنزل". أما في الريف، فقد يبدو الواقع أفضل حالاً نتيجة توفر مساحات أكبر من المدينة مكنت بعض الميسورين من تجهيز منازلهم بمنظومات طاقة شمسية، بهدف الحصول على الخدمات الكهربائية ولو بالحد الأدنى، يقول عاصم عبد الله لـ"العربي الجديد": "بعد تجهيز البيت بمنظومة طاقة شمسية تمكنت من تشغيل البراد عدة ساعات يومياً، إضافة لتشغيل المراوح، وهو ما يساعدنا في تخفيف موجة الحر، إلا أن الكلفة المرتفعة لهذه المنظومات تمنع غالبية الأهالي من استثمارها، إذ تبلغ الكلفة المتوسطة لتشغيل المنزل 20 مليون ليرة وهو رقم خيالي بالنسبة لمحدودي الدخل".

من جانبه، يطالب الدكتور فهد العمر، أخصائي الأمراض الداخلية، الأهالي الذين يعيشون في المناطق التي تتعرض لموجات الحرارة وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، بالاهتمام بشكل أكبر بالفئات الأكثر ضعفاً مثل كبار السن والأطفال عبر تبريد أجسادهم بشكل مستمر بالمياه، ويقول لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع درجة حرارة الجسم يؤدي لتتفتح الأوعية الدموية، وهو ما يسهم في انخفاض ضغط الدم ويجبر القلب على العمل بجهد أكبر لدفع الدم في جميع أنحاء الجسم. في الوقت نفسه، يؤدي التعرق إلى فقدان السوائل والأملاح، والأهم من ذلك، أن هذا يؤدي إلى تغير في التوازن بينهما. وأضاف أنه يمكن أن يؤدي هذا، إلى جانب انخفاض ضغط الدم، إلى الإنهاك الحراري، والذي تشمل أعراضه الدوخة والغثيان والإغماء والارتباك والتشنجات العضلية والصداع والتعرق الشديد والإرهاق. كما يمكن أن تتسبب الحرارة المرتفعة بظهور أعراض خفيفة مثل الطفح الجلدي الناتج عن الحرارة، أو تورم القدمين نتيجة حدوث تسرب في الأوعية الدموية.  

المساهمون