الانفلات الأمني في ليبيا: عصابات للنساء

14 يونيو 2024
قيادة نساء عصابات من بين ظواهر تفكّك المجتمع الليبي (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في بنغازي، ليبيا، تم تفكيك عصابة بقيادة امرأة تستغل الأطفال في سرقات، خاصة السيارات، بعد متابعة أدلة وتسجيلات كاميرات المراقبة.
- الأطفال المتورطون اعترفوا بانتمائهم للعصابة وتنفيذ نحو 25 سرقة، وتم استغلالهم أيضًا في أغراض الابتزاز من قبل تجار المخدرات.
- الباحثة الاجتماعية حسنية الشيخ تشير إلى أن هذه الوقائع تعكس تغيرات مجتمعية ناتجة عن الأزمات في البلاد، مؤكدة على أهمية الحاضنة الاجتماعية وضرورة إجراء دراسات لفهم أسباب انخراط النساء والأطفال في الإجرام.

في واقعة ترتبط بعصابات تضمّ نساءً في ليبيا، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة مجلس النواب ببنغازي، مطلع الأسبوع الماضي، تفكيك عصابة تقودها امرأة تستخدم أطفالاً في تنفيذ عمليات سرقة.
وأوضحت الوزارة، في بيان أصدرته، أن أجهزتها لاحقت خيوطاً وأدلة خاصة بسلسلة عمليات لسرقة سيارات حصلت في بنغازي خلال الفترة الماضية، وجمعت معلومات عنها مهّدت لتحديد هوية متورطين بها، وذلك بعد مراجعة تسجيلات لكاميرات المراقبة التي أظهرت تنفيذ أطفال عمليات سرقة في مناطق عدة بالمدينة.
وقالت: "بعدما بذلت أجهزة الأمن جهوداً كبيرة ومستمرة، وأجرت تحقيقات كثيفة في شأن وقائع السرقات، نجحت في تحديد هوية طفل وشقيقته تورطا في عملية لسرقة سيارة. وخلال التحقيق معهما، اعترفا بأنها ينتميان إلى عصابة تقودها امرأة تستخدم الأطفال في تنفيذ عمليات السرقة".
أضافت: "تدرب المرأة الأطفال، وأحدهم ابنها، وترسلهم لتنفيذ السرقات. وبعد إنجاز العمليات تتسلّم منهم المسروقات، وتعطيهم نصيبهم. وقد استغلت مجموعة أخرى من تجار المخدرات الأطفال أنفسهم بعدما صوروا مقاطع فيديو مسيئة لهم من أجل ابتزازهم".
وذكرت الوزارة أن "الطفل المعتقل وشقيقته اعترفا بتورطهما بتنفيذ نحو 25 سرقة، وأحيلا على النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقهما، وبدء ملاحقة بقية أفراد العصابة، وأحدهم المرأة التي تقودها".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وليست المرة الأولى التي تفكك فيها أجهزة الأمن عصابة نسائية، إذ سبق أن نشرت أخباراً عن عمليات مماثلة نفذتها خلال الأشهر الماضية.
وعموماً، تختلف نشاطات العصابات النسائية. واعترفت نساء اعتقلن في بنغازي في يونيو/ حزيران الماضي بسرقة ملابس من محلات تجارية قدم أصحابها شكاوى في هذا الشأن إلى مراكز للشرطة في بنغازي.
وحين باشرت الشرطة تتبع خيوط قضية سرقة محل تجاري كبير في بنغازي تحديداً، توصلت إلى تحديد هوية أعضاء عصابة ضمت ثلاث سيدات. وكمَن عناصر الشرطة لهنّ لدى تنقلهنّ بسيارة، وأوقفوهنّ وفي حوزتهنّ كميات من الملابس المسروقة وسلاح ناري، بحسب ما أفاد بيان أصدرته مديرية الأمن في بنغازي.

فككت أجهزة الأمن في ليبيا عصابات نسائية عدة في الأشهر الأخيرة (عبد الله دوما/ فرانس برس)
فككت أجهزة الأمن في ليبيا عصابات نسائية عدة في الأشهر الأخيرة (عبد الله دوما/ فرانس برس)

وفي الفترة ذاتها أعلن مكتب التحريات التابع لجهاز مكافحة التهريب والمخدرات في العاصمة طرابلس ضبط 1500 حبة مخدرة من نوع "لاريكا"، واعتقال مشبوهين كثيرين، من بينهم سيدتان اتُّهمتا بترويج المخدرات.
وفي نهاية العام الماضي، أعلنت مديرية بنغازي تفكيك عصابة ضمّت مجموعة نساء نفذن عمليات نصب واحتيال على أصحاب معارض سيارات عبر شراء سيارات منهم باستخدام شيكات مصرفية مزورة.
وأوضحت أن العصابة قادها شخص ينفذ حكماً بالسجن بتهم ارتكاب جرائم سابقة، وأن مخططه الرئيسي شمل الاتصال بصاحب معرض من طريق الإنترنت، وإغراءه عبر رفع أسعار السيارات مقابل الدفع بشيك بنكي، قبل أن يرسل إحدى النساء لأخذ السيارة، وتسليم صاحب المعرض الشيك المزور.
ورُصدت أول واقعة لتورط نساء بعمليات سرقة في ليبيا عام 2020، حين اعتقلت الشرطة امرأة سرقت أكثر من مليون دينار ليبي (203 آلاف دولار) ومبالغ مالية أخرى بعملات أجنبية، من شقق في بنغازي قبل أن تضرم فيها النيران لإخفاء الجريمة. لكن الشرطة كشفت السرقة استناداً إلى شهادات أدلى بها الجيران، وقبض على المرأة التي أقرّت بجريمتها، وبأنها اشترت عقارات بالمبالغ المسروقة، وكلّفت أشخاصاً إدارة أموال مسروقة أخرى.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعلّق الباحثة الاجتماعية حسنية الشيخ على هذه الحوادث بالقول لـ"العربي الجديد": "إنها مؤشرات لحصول تغيّر مجتمعي يعتبر من بين تداعيات أزمات البلاد، وتؤكد واقع أن تأثيرات الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية تطاول كل حياة الأسر".
وترى أن "فقدان نساء أزواجهنّ بسبب تخليهم عنهنّ أو الموت خلال الحرب، أو بسبب مشكلات أدت إلى حصول تباعد بين الأسر وحواضنها الاجتماعية والقبلية جراء النزوح، سيعرّضهن بمرور الوقت لضغوط حياتية تسهّل انحرافهن والانضمام إلى شبكات إجرامية وسواها".
وتشدد على أهمية توفير الحاضنة الاجتماعية التي تؤكد أنها "شكلت على مرّ فترات طويلة رادعاً اجتماعياً كبيراً منع النساء من سلوك دروب الانحراف. كذلك تشكّل الحواضن نوعاً من الأمان والتكاتف المعيشي. والملاحظ في الشبكات الإجرامية النسائية أنها باتت لا تقتصر على النساء، بل تضمّ أطفالاً، وهذا أمر خطير جداً، ويحتاج إلى دراسات لمعرفة الأسباب، بالتوازي مع مواصلة عمليات الملاحقة الأمنية".

المساهمون