الاكتظاظ باكورة مشاكل العام الدراسي في غزة

الاكتظاظ باكورة مشاكل العام الدراسي في غزة

01 أكتوبر 2023
أكثر من ربع سكان غزة تلاميذ (محمد الحجار)
+ الخط -

انطلق العام الدراسي في المدن الفلسطينية في 26 أغسطس/ آب الماضي، وكان قطاع غزة على موعد مع أرقام كبيرة في عدد التلاميذ، وبالتالي مع الاكتظاظ الملحوظ في المدارس بتأثير الزيادة السكانية، وواقع تشكيل التلاميذ أكثر من ربع عدد سكان القطاع الذين يتجاوز 2.3 مليون بحسب إحصاءات وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة.
وحالياً تستمر أسر غزية في تحضير الأغراض المدرسية لأبنائها، وسط صدمتها من غلاء أسعار اللباس المدرسي والقرطاسية والحقائب، واتجه كثيرون بسبب ضيق الحال إلى إصلاح الملابس والحقائب والأحذية القديمة لتتماشى مع احتياجات العام الدراسي، وتجنب شراء مستلزمات جديدة.
وتؤكد وزارة التربية والتعليم في غزة أن عدد التلاميذ الذين توجهوا إلى المدارس بلغ 626 الفاً، وهو رقم مرتفع مقارنة بالسنوات الماضية، بينهم 305 آلاف التحقوا بـ 448 مدرسة حكومية تحتاج بعضها إلى إعادة ترميم وتجديد في صفوفها، و300 ألف انضموا إلى 228 مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). كما انضم 21 ألف تلميذ إلى 67 مدرسة خاصة شهدت تراجعاً في عدد المسجلين فيها بسبب محاولة أولياء الأمور تخفيف أعباء المصاريف من خلال توجيه أبنائهم إلى الدراسة مجاناً في مدارس حكومية أو أخرى تابعة لـ "أونروا". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتؤثر الكثافة السكانية على عدد التلاميذ في الفصول، خصوصاً في المراحل الابتدائية في ظل زيادة عددهم التي دفعت نظام التعليم في غزة قبل سنوات إلى الانتقال من فترتين الى ثلاث فترات صباحاً، قبل أن يعود مجدداً إلى فترتين بسبب عدم إمكان تشغيل بعض المدارس والضغط على المعلمين.
وتؤكد سعاد دياب (34 عاماً) لدى مرافقتها ابنتيها الاثنتين إلى مدرسة تابعة لـ"أونروا" في حي النصر غربي غزة، أن مشكلة الاكتظاظ في الصفوف واضحة، في وقت يحاول مسؤولون في حكومة غزة ووكالة "أونروا" تجنب التعليق على الموضوع. وتخبر "العربي الجديد" أن أولياء أمور طالبوا إدارات مدراس بإيجاد حلول من خلال اعادة توزيع الطلاب وتنظيم الفصول. وتقول: "أجلس المعلمون ابنتي مع اثنتين من زميلاتها في المقاعد الأولى بالفصل الرابع الابتدائي، وعندما اشتكيت ذلك لم تنكر مديرة المدرسة مشكلة الاكتظاظ في المدارس، لكنني اخبرتها بأن ابنتي باتتا تكرهان المدرسة بسبب شدة الازدحام".
وقد تختار عائلات تملك مصدريّ رزق وضع أبنائها في مدارس خاصة للهروب من الازدحام، ودفع رسوم دراسية مقسمة على دفعتين، لكن أسراً كثيرة تراجعت عن هذا القرار أخيراً، وأرسلت أبناءها إلى مدارس حكومية أو أخرى تتبع لـ "أونروا" من أجل استكمال مسيرتهم التعليمية. 

الصورة
يريد الآباء بيئة جيدة لأبنائهم (محمد الحجار)
يريد الآباء بيئة جيدة لأبنائهم (محمد الحجار)

وبين من اتجهوا إلى مدارس حكومية الشقيقان ماجد (12 عاماً) ونديم (13 عاماً) اللذين كان والدهما رائد النجار (38 عاماً) يملك معرضين وورشة نجارة للأثاث المنزلي، لكن قلة إقبال الغزيين على المنتجات المحلية، وتوجههم لشراء منتجات الأثاث المنزلي الجاهز دفعاه إلى إغلاق المعرض، ونقل ورشة العمل الى منزله في منطقة الصفطاوي شمالي القطاع.
وكان النجار أوقف تعليمه حين كان في سن الـ17 للعمل بدلاً من والده الذي اقعده شلل نصفي، ثم قرر حين تزوج الاهتمام بأبنائه وتدريسهم في مدارس خاصة، لكن اشتداد وطأة الأزمات الاقتصادية عليه، وعدم وجود سيولة مالية لتحصيلها من الزبائن، والاعتماد على نظام الأقساط، دفعه إلى نقل ابنيه إلى مدرسة حكومية. 

الصورة
لا تزال الأسر تحضّر احتياجات الأغراض المدرسية (محمد الحجار)
لا تزال الأسر تحضّر احتياجات الأغراض المدرسية (محمد الحجار)

ويبدي النجار صدمته حالياً من مشكلة اكتظاظ الصفوف، ويقول لـ "العربي الجديد": "اعتقدت بأن الاكتظاظ في المدارس الحكومية سيكون أقل من تلك التابعة لأونروا، لكنني وجدت أن المشكلة تتكرر ما خلق لدي شعوراً صعباً كأب يريد توفير بيئة دراسية جيدة لأبنائه، لكنني غير قادر على فعل ذلك حالياً، لأن الأوضاع في غزة تسلك تسوء مع تزيد المسؤوليات الملقاة على الآباء".

الصورة
أصلح كثيرون الملابس المدرسية بسبب ضيق الحال (محمد الحجار)
أصلح كثيرون الملابس المدرسية بسبب ضيق الحال (محمد الحجار)

أيضاً دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة عايشة أبو لبن (39 عاماً) إلى نقل ولديها من مدرسة خاصة الى أخرى تابعة لـ "أونروا" في منطقة الزيتون، علماً أنها تعمل أخصائية اجتماعية في مؤسسة دولية، في حين سبق أن عمل زوجها في إدارة مشاريع لجمعية محلية ثم توقف عن العمل مطلع العام الماضي بسبب عدم حصول الجمعية على دعم.

وتقول أبو لبن لـ "العربي الجديد": "لا يوجد بيئة تعليمية جيدة في غزة في ظل الاكتظاظ. وحتى لو جرى تخفيف العبء في الفصول الدراسية سيجتمع مئات من التلاميذ في ساحة المدرسة التي لا تكاد تكفيهم عندما يخرجون خلال الاستراحة، لذا نشعر بضغط مادي ومعنوي، ولا نستطيع تأمين الراحة الكاملة لأبنائنا في بيئة مدرسية جيدة".

المساهمون