الاحتلال يحرم مئات الفلسطينيين من مصادر دخلهم بعد إحراق محالهم في رام الله

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
رام الله

محمود السعدي

محمود السعدي
31 مايو 2024
مئات العائلات فقدت مصدر دخلها بإحراق الاحتلال محالها في رام الله
+ الخط -
اظهر الملخص
- اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لرام الله والبيرة يؤدي إلى حريق هائل يدمر سوقاً مركزياً، مخلفاً خسائر مادية تزيد عن 10 ملايين دولار وتأثيراً سلبياً على حياة مئات العائلات الفلسطينية.
- الحريق، الذي استغرق إخماده أكثر من 28 ساعة، نشب بعد استهداف قوات الاحتلال لمحل صرافة بزعم دعمه للإرهاب، مما أسفر عن إصابات واختناقات بين الفلسطينيين.
- وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني ومدير العمليات في الدفاع المدني يدينان الحادث، مشيرين إلى تعطيل جهود إخماد الحريق من قبل قوات الاحتلال ومؤكدين على الأثر السلبي للاعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني واقتصاده.

بدّد اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينتي رام الله والبيرة المتلاصقتين، فجر أمس الخميس، آمال العشرات من التجار الفلسطينيين الذين أنهوا قبل أيام تجهيز محالهم التجارية ببضائع مخصصة لاستقبال عيد الأضحى، فقد التهمت النيران سوقاً مركزياً وسط مدينة البيرة، وكبدت مئات العائلات خسائر كبيرة أفقدتها مصادر دخلها، فيما تواصل طواقم الدفاع المدني الفلسطيني جهودها لإخماد الحريق منذ أكثر من 28 ساعة، وقد سيطرت عليه بشكل شبه تام.

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في وقت مبكر من فجر الخميس، مدينتي رام الله والبيرة، وسط اندلاع مواجهات، وداهمت محلاً للصرافة واستولت على أموال منه بزعم "دعمه الإرهاب"، وأطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى اشتعال النيران في بسطات السوق المركزي، ومن ثم التهمت نحو مائتي محل وبسطة، كما أدت المواجهات إلى إصابة ثلاثة شبان وحالات اختناق بالغاز.

وبحسب نائب رئيس بلدية البيرة بالإنابة روبين الخطيب في حديث لـ"العربي الجديد"، "فإن التقديرات الأولية تشير إلى احتراق أكثر من 200 محل تجاري وبسطة، منها نحو 80 محلاً تجارياً والبقية بسطات شعبية وبسطات خضار، ولم يسفر الحريق عن ضحايا بالأرواح، لكن الخسائر المالية قدرت بأكثر من 10 ملايين دولار بشكل أولي".

الصورة
إحراق محلات تجارية في رام الله، في 30 مايو 2024 (العربي الجديد)
تكبد التجار الفلسطينيون خسائر كبيرة، في 30 مايو 2024 (العربي الجديد)

الاحتلال يحرم التجار من مصادر دخلهم

التاجر عوني أصلان، صاحب ثلاث بسطات في سوق الخضار وثلاث محال للملابس والأحذية، تعرض لخسائر تقدر بنحو 350 ألف دولار نتيجة الحريق الذي شب في سوق الخضار المركزي، وامتد إلى الطابقين الأول والثاني. يقول أصلان لـ"العربي الجديد": "كنت أستعد وأشقائي لموسم عيد الأضحى المبارك، وجهزنا محالنا وبسطاتنا ببضائع مستوردة من تركيا والصين، علنا نحقق أرباحاً ونسدد التزاماتنا، لكن بلحظات ضاع تعب 20 عاماً".

في حين يقول التاجر نضال جبارين لـ"العربي الجديد": "لقد خسرت كل بضاعتي عندما اشتعلت النيران في سوق الخضار، كنت في المنزل عندما تلقيت اتصالاً يخبرني بالحريق، وعند وصولي، وجدت أن محال وسيارات وبسطات قد تدمرت". بحزن شديد يؤكد جبارين أنه فقد تعب 30 سنة، ويواجه خسائر كبيرة ستعطل عمله في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.

خسائر التاجر هاشم فليفل، الذي يمتلك محلاً في الطابق الأرضي مع تجار آخرين، كانت كبيرة، تقدر بنحو مليون دولار، ويقول لـ"العربي الجديد": "لقد بدأ الحريق في سوق الخضار، وانتشر بسرعة في المحال المجاورة". ويطالب فليفل الجميع الوقوف إلى جانب التجار، حيث إن عليهم ديوناً والتزامات، لكنه يستدرك: "ما حدث يشكل ضريبة على الجميع".

التاجر عمر حراحشة صاحب أحد المحال التجارية المحروقة، يؤكد في حديث لـ"العربي الجديد" أنه تعرض لخسائر تقدر بنحو 70 ألف دولار، بينما التهمت النيران بسطة شقيقه التي كانت تقدر بنحو 7 آلاف دولار، نتيجة لقنبلة صوت تسببت في اندلاع النيران التي التهمت البسطات. ويضيف أن الحريق أثر على حوالي 200 بسطة ومحل، ما يعرض معيشة نحو 400 أسرة للخطر، وأن هذه كارثة ستعطل أعمال تلك الأسر في ظل أوضاع اقتصادية صعبة. كان عمر حراحشة يشغل محله بمصاريف تشغيلية والتزامات يومية تبلغ نحو 150 دولاراً، تشمل إيجار المحل وأجور العمال، من دون أي دخل شخصي له، ثم يصمت قليلاً ويقول: "نطلب العوض من الله".

وزير الاقتصاد: الحريق اعتداء وعدوان على أبناء الشعب الفلسطيني

الحريق الهائل وصفه وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني محمد العامور، في حديث لـ "العربي الجديد"، بأنه اعتداء وعدوان على أبناء الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذا الحادث يعكس إحدى ظواهر اعتداءات الاحتلال المستمرة. ويؤكد العامور أن هناك فرقاً تعمل على تخفيف آثار الحريق على الاقتصاد الفلسطيني، خاصةً على أولئك التجار الذين كانوا يعتمدون على هذه المحال والبسطات في معيشتهم، وخسائرهم تقدر بالملايين. ويشير إلى تشكيل لجنة مشتركة لتحديد الأضرار والخسائر. 

وفي ما يتعلق باستهداف محال الصرافة التي اقتحمها الاحتلال، يقول العامور: "إن الاحتلال يحاول محاربة الاقتصاد الفلسطيني وزعزعة استقرار الشعب الفلسطيني، الذي يواجه عقبات كبيرة، لكنه سيظل صامداً".

ويوضح مدير العمليات في الدفاع المدني الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة محمد عرموش، لـ"العربي الجديد"، أنهم تلقوا إشارة بوجود حريق في الساعة 4:10 فجراً. رغم أن موقعه كان على بعد 500 متر فقط، إلا أن قوات الاحتلال أعاقت عملهم، وحاولوا التنسيق مع الارتباط الفلسطيني لكنهم مُنعوا. وبعد انسحاب قوات الاحتلال، بدأت طواقم الدفاع المدني بإخماد الحريق الذي امتد إلى 12 بؤرة بسبب قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع، بالإضافة إلى وجود مواد سريعة الاشتعال ساعدت في انتشار الحريق. بحسب عرموش، فقد استغرق إخماد الحريق ساعات طويلة، ولو سمح الاحتلال بإخماده منذ البداية لما وصلت الخسائر إلى هذا الحد.

ويعد سوق الخضار المركزي في البيرة من الأماكن المزدحمة ويشهد حركة تجارية كبيرة، ويقع بجانب مئات المحال التجارية المتلاصقة. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها السوق للحريق بسبب الاحتلال، فقد احترق قبل عدة سنوات بعد استهداف محل قريب للصرافة.

ذات صلة

الصورة
المشهد حول سجن "عوفر" قبيل ساعات من الإفراج عن أسرى بموجب صفق التبادل (العربي الجديد)

سياسة

دان نادي الأسير الفلسطيني، جريمة الإعدام الميداني التي نفّذها جيش الاحتلال بحق أربعة أسرى من غزة، مشيراً إلى أنها تشكّل جريمة حرب جديدة
الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
دبابة إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 19 يناير 2024 (Getty)

سياسة

ظهرت منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية، قبل نحو تسعة أشهر، تصريحات ومقاطع فيديو، لمسؤولين إسرائيليين وجنود أشارت إلى نيات الاستيطان في غزة.
الصورة
مكب نفايات النصيرات، في 21 مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

يشكّل مكبّ نفايات النصيرات في قطاع غزة قنبلة بيئية وصحية تُهدّد بإزهاق الأرواح وانتشار العديد من الأمراض والأوبئة، وسط أوضاع إنسانية مأساوية..
المساهمون