الأمراض والأوبئة تفتكان بأهل غزة

04 اغسطس 2024
تنتشر الأمراض الجلدية وغيرها في غزة، 29 يوليو/تموز 2024 (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تفاقم الأوضاع الصحية**: تواجه غزة انتشار أمراض خطيرة مثل التهاب الكبد الوبائي، التهاب السحايا، وشلل الأطفال، نتيجة نقص البنية التحتية والتكدس في خيام النازحين.
- **تدهور البنية التحتية**: العمليات العسكرية الإسرائيلية دمرت العديد من المنشآت الصحية والمرافق الخدمية، مما أدى إلى تكدس النفايات وتسرب المياه العادمة، وزيادة انتشار الأمراض المعدية.
- **نداءات الاستغاثة**: طالبت بلدية غزة المنظمات المحلية والدولية بسرعة التدخل لتوفير الآليات وقطع الغيار والوقود لمعالجة الكارثة الصحية والبيئية المتفاقمة.

تجد السيدة الفلسطينية إيمان عاشور صعوبة في التعامل مع الواقع الصحي لأبنائها، مع تكرار إصابتهم بالأمراض في قطاع غزة، في ظل انتشار الأمراض والأوبئة على نطاق واسع، من جراء غياب البنية التحتية والتكدس في خيام النازحين.

وسجلت الأشهر الأخيرة ظهور بعض الأمراض التي لم تكن تسجل إلا عشرات الإصابات سنوياً، مثل التهاب الكبد الوبائي والتهاب السحايا وشلل الأطفال، عدا عن النزلات المعوية الحادة وارتفاع درجات الحرارة. ويتكدس قرابة 1.7 مليون نازح فلسطيني في منطقة مواصي خانيونس والمنطقة الغربية من دير البلح ووسط القطاع، بعدما تكرر نزوح غالبيتهم مرات عدة، بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، للشهر العاشر على التوالي.

ومؤخراً، أعلنت وزارة الصحة اكتشاف شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي الموجودة في القطاع، بعد فحص مخبري جرى بالتعاون مع المؤسسات الأممية، وهو ما يعزز من تردي الأوضاع الصحية في غزة التي انهارت فيها المنظومة الصحية. وقال وزير الصحة الفلسطيني ماجد أبو رمضان، اليوم الأحد، إن غزة على "شفا كارثة" نتيجة تفشي الأوبئة والأمراض في القطاع الذي يشهد حربا إسرائيلية لأكثر من 300 يوم. وقال: "نحن على شفا كارثة وبائية نتيجة تفشي الأوبئة، إضافة للكارثة البيئية والإنسانية نتيجة تفشي الأمراض المنقولة بالماء أو التنفس". وأشار إلى "تسجيل 100 ألف حالة التهاب كبد وبائي في قطاع غزة"، بعدما كانت الحالات المسجلة 15 فقط قبل بدء العدوان.

وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فإن المراكز التابعة لها تكتشف أسبوعياً ما لا يقل عن ألف إصابة بفيروس الكبد الوبائي، إذ تم توثيق إصابة أكثر من 40 ألف فلسطيني بالفيروس منذ بداية الحرب. ولا تشمل هذه الإحصائية غالبية المناطق، على اعتبار أن الكثير من هذه المناطق توقفت فيها الخدمات بفعل عمليات النزوح، فضلاً عن عدم وصول الكثير من الفلسطينيين إلى المراكز الصحية بفعل الاستهدافات الإسرائيلية.

في المقابل، فإن تسجيل وجود شلل الأطفال يعزز من صعوبة الأوضاع الصحية ويفتح المجال أمام ظهور أمراض جديدة مثل الكوليرا، نتيجة غياب الظروف الصحية وتصريف مياه الصرف الصحي.

وتقول السيدة إيمان عاشور لـ"العربي الجديد"، إن اثنين من أطفالها أصيبا بفيروس الكبد الوبائي نتيجة الإقامة الدائمة في الخيام، وسط خشية من إصابة المزيد من أطفالها وأطفال العائلة بالفيروس. وتوضح أن هناك صعوبة في الحصول على العلاج والأدوية اللازمة أو حتى المواد الغذائية التي تساعد على الشفاء، في ظل الحرب الإسرائيلية ونقص السلع الشديد وعدم توفر الخضار والفواكه والأطعمة.

وتبدي خشيتها من اتساع رقعة الأوبئة والأمراض المنتشرة في غزة، في ظل الإقامة الدائمة في الخيام وعدم وجود أي معطيات تدلل على قرب انتهاء حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ أكتوبر الماضي.

وضع كارثي

ويقول المدير الطبي للمستشفى الكويتي الميداني، جمال الهمص، إن الوضع الصحي بات كارثياً، والعوامل الموجودة تساعد على انتشار الأوبئة والفيروسات بوتيرة سريعة، نظراً لغياب النظافة العامة بسبب نقص المياه، وعدم وجود تصريف لمياه الصرف الصحي. يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ضعف التغذية يعتبر من العوامل التي تساعد على سرعة انتشار الأوبئة، بالإضافة إلى عدم وجود لقاحات كافية ضد الأمراض وغيابها بشكل كبير، ما يتسبب في انتشار الأمراض.

ويشير إلى أن فيروس شلل الأطفال عاود الظهور في غزة بعدما اختفى لسنوات من القطاع، بفضل العمل المشترك بين المؤسسات الصحية المحلية والدولية، في ضوء تراكم النفايات وجريان المياه العادمة في الشوارع. ويتحدث عن خطورة انتشار شلل الأطفال، وأن ظهوره والإصابة به قد يؤديان إلى إعاقة كاملة في الأجسام، وبالتالي فإن انتشار الفيروس ستكون له عواقب وخيمة، لا سيما في حالة إصابة الأشخاص ضعيفي المناعة به. ويشدد على ضرورة وقف الحرب وعودة النازحين إلى مناطق سكنهم، وإدخال كافة اللقاحات بشكل فوري وسريع، وسرعة إدخال الأدوية لجميع المؤسسات الصحية، في ظل كارثية المشهد الصحي وتسارع انتشار الأمراض.

غزة (إياد البابا/ فرانس برس)
تكدس النفايات أحد أسباب انتشار الأمراض والأوبئة (إياد البابا/ فرانس برس)

مشاكل متصاعدة

إلى ذلك، تقول القائمة بأعمال مدير الإعلام في "أونروا"، إيناس حمدان، إن المزيد من المشاكل الصحية يظهر مع تفاقم وتدهور القطاع الصحي والظروف المعيشية المزرية التي يعيشها سكان القطاع منذ عشرة أشهر. وتوضح حمدان لـ"العربي الجديد" أن ما يقرب من 40 ألف حالة كبد وبائي تم تسجيلها منذ بداية الحرب، ما يساعد على انتشار الأمراض الفيروسية وحالات التهاب الكبد الوبائي في الفترة الحالية والمقبلة.

وتلفت إلى أن محدودية الوصول إلى المياه النظيفة، ونقص أدوات النظافة وصعوبة الحصول على المنظفات بشكل عام مثل الصابون، بالإضافة إلى ظروف النزوح واكتظاظ الملاجئ بالنازحين، يزيد من فرص الإصابة بالأمراض. وتؤكد أن المراكز الصحية تسجل حالات من التهاب الكبد الوبائي والأمراض الجلدية وأمراض الجهاز الهضمي، وتم اكتشاف ست عينات من شلل الأطفال من النوع 2 في أجزاء من قطاع غزة.

وبحسب حمدان، فإن أونروا لا تزال تدير 10 مراكز صحية و88 نقطة طبية متنقلة تابعة لها، ومن خلال تلك المراكز والنقاط يتم تقديم الخدمات الصحية والأدوية واللقاحات اللازمة بقدر ما هو متوفر.

إلى ذلك، أعلنت بلدية غزة أن استمرار أزمة تكدس كميات كبيرة من النفايات وتسرّب المياه العادمة في شوارع المدينة، بالإضافة إلى عدم توفر كميات كافية من المياه، يزيد من انتشار الأمراض والأوبئة ويهدد بتفاقم الأزمات الصحية والبيئية في المدينة.

وأوضحت البلدية أن تفاقم الكارثة الصحية والبيئية في غزة وتكدس نحو 100 ألف طن من النفايات في مدينة غزة وحدها، إضافة إلى قلة كمية المياه التي تصل للمواطنين في ظل ارتفاع درجات الحرارة واستمرار العدوان منذ 10 شهور، أدى إلى تهيئة بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعدية وأمراض مختلفة تصيب المواطنين.

وأشارت البلدية إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دمر منذ بدء العدوان في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي نحو 126 آلية من مختلف الأحجام، ودمر 60 بئراَ في مناطق عدة، بالإضافة إلى تدمير المنشآت الصحية والمرافق الخدمية المختلفة، وجرف واقتلع نحو 60 ألف شجرة في معظم مناطق المدينة. وطالبت كافة المنظمات المحلية والإقليمية والدولية بسرعة التدخل وإنقاذ الأوضاع الإنسانية، والمساعدة في توفير الآليات وقطع الغيار والوقود بكميات كافية، ومعالجة الكارثة والتخفيف منها، لمنع تفاقم الكارثة الصحية ووقف تزايد انتشار الأمراض المختلفة.

المساهمون