الأردن: 27 إصابة بالحصبة تطرح تساؤلات حول سلامة اللقاح وصلاحيته

28 مايو 2023
قد يكون ثمّة خلل في اللقاح المضاد للحصبة وراء الإصابات الأخيرة (Getty)
+ الخط -

دفع إعلان وزارة الصحة الأردنية عن تسجيل 27 إصابة جديدة بالحصبة تساؤلات حول مكامن الخلل وسبب ظهور هذه الإصابات وعلاقتها باللقاح، لجهة الفعالية والصلاحية، خصوصاً أنّ نسبة تغطية الأردن الخاصة باللقاح المضاد للمرض مرتفعة.

وأفاد مدير إدارة الأوبئة في وزارة الصحة في الأردن أيمن مقابلة "العربي الجديد" بأنّ "الإصابات بالحصبة رُصدت بدءاً من 16 إبريل/ نيسان الماضي، وبأنّ المصابين بالحصبة بمعظهم من الأشخاص المتخلّفين عن مواعيد تلقّي اللقاح".

وأوضح المقابلة أنّ الوزارة شكّلت "فرق استجابة سريعة من إدارة الأوبئة ومديريات الصحة، بالتنسيق المستمر مع المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية، وذلك بعد تسجيل الحالة الأولى". أضاف أنّ "الحالات كلها تخضع للمتابعة"، علماً أنّها توزّعت على الشكل الآتي 7 إصابات في العاصمة عمّان و19 أخرى في إربد شمالي البلاد وإصابة واحدة في عجلون بالشمال أيضاً. وذكر المقابلة أنّ الإصابات سُجّلت بين كلّ الفئات العمرية، إنّما معظمها بين الأطفال الرضّع دون عامهم الأوّل والفئة العمرية فوق 12 عاماً.

وتابع المقابلة أنّ "الوزارة تتبّعت أكثر من 500 مخالط للمصابين، وحصّنت أكثر من 200 منهم بلقاحات مضادة للحصبة. كذلك فإنّ كلّ المناطق التي رُصدت فيها حالات هي تحت المراقبة النشطة للكشف المبكر عن الإصابات ومتابعة المخالطين".

وأشار المقابلة إلى أنّ "الوزارة عمّمت على كلّ المنشآت الصحية استحداث غرف تصنيف لاستقبال الحالات المشتبه فيها وجمع عيّنات لفحصها والتأكد من النتيجة بمعزل عن باقي المرضى في تلك المنشآت للحؤول دون انتشار الحصبة بينهم. كذلك عمّمت على كلّ المدارس للتأكد من اكتمال بطاقات اللقاحات للتلاميذ المسجلين لديها ومتابعة عملية تحصينهم".

وأكد مدير إدارة الأوبئة في وزارة الصحة أنّها تعتمد "آلية للتعامل مع المصابين بالحصبة من خلال عزل كلّ الأشخاص المكتشفة إصابتهم لمدّة أربعة أيام بعد ظهور الطفح الجلدي، وتقديم العلاجات الداعمة لهم وفقاً للأعراض التي يعانون منها، علماً أنّ لا علاج مخصصاً لمرض الحصبة".

وشرح مقابلة أنّ الوزارة "تعالج مضاعفات مرض الحصبة والعدوى الثانوية الناجمة عنه، عن طريق المضادات الحيوية المناسبة. كذلك هي وضعت خطة لتعزيز برنامج التحصين الوطني بالشراكة مع المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والشبكة الشرق أوسطية (إيمفنت)". وأكمل أنّ "المرحلة الأولى تستهدف المتخلّفين عن تلقّي اللقاح في المناطق النائية والفئات المعرّضة للخطر في كلّ مناطق البلاد. أمّا المرحلة الثانية فتستهدف كلّ تلاميذ المدارس في المرحلة الأساسية ودور الحضانة والروضات ودور الإيواء ومراكز الرعاية الصحية".

في الإطار نفسه، أشار الرئيس السابق للجنة الصحة النيابية ومستشار أمراض الدم والأورام لدى الأطفال النائب فريد حداد لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الأمر يُفسَّر بسببَين بحسب الفئة العمرية؛ الرضّع دون عامهم الأول والأشخاص فوق 12 عاماً. وشرح أنّ "الأطفال الذين لم يبلغوا عامهم الأول يحملون مناعة تزوّدوا بها من خلال الحبل السري، أي في خلال تكوّنهم كأجنّة، وهذه المناعة تكفي لستّة أشهر بالحدّ الأدنى. لذلك فإنّ عملية التحصين بلقاح الحصبة تبدأ بعد بلوغ الطفل الشهر السادس من عمره، ولعلّ الشهرَين التاسع والعاشر هما المناسبَان لتلقّي اللقاح".

أضاف حداد: "نحن اليوم نتحدّث عن أمهات بالعشرينيات والثلاثينيات من العمر حصلنَ سابقاً على لقاح الحصبة. لذلك في حال اكتسبت الأم مناعة عن طريق اللقاح، فتلك تكون أضعف من المناعة المكتسبة عن طريق المرض"، لافتاً إلى أنّ "المناعة والأجسام المضادة تتناقص مع العمر، إلى حين الحاجة إلى تعزيز المناعة باللقاح". وتابع أنّ "الأمهات اللواتي أصيب أطفالهنّ بالحصبة كنّ قد اكتسبنَ مناعة عن طريق التحصين قبل أعوام كثيرة، إذ إنّه عندما تخسر المرأة مناعتها فإنّها لا تنقلها لطفلها".

أمّا بالنسبة إلى من هم فوق 12 عاماً، فأوضح حداد أنّ "أفراد هذه الفئة دخلوا في مرحلة تدنّي الأجسام المضادة التي كانوا قد اكتسبوها عن طريق اللقاح المضاد للحصبة الذي تخفّ فعاليته مع الوقت".

كذلك قال حداد إنّ "أيّ شخص من أيّ فئة عمرية، باستثناء الرضّع دون عامهم الأول، قد يُصاب بالحصبة في حال كان ثمّة خلل في اللقاح. ومن المفترض أنّ تكون إصابة كلّ شخص تلقّى اللقاح خفيفة أو غير ظاهرة".

وتحدّث حداد عن "تساؤلات تُطرَح بعد تسجيل هذه الإصابات؛ هل صُنّع اللقاح بالطريقة المطلوبة؟ وما هي ظروف النقل والتخزين؟ وهل تمّ تزويد الأشخاص باللقاح بطريقة صحيحة؟". وبيّن أنّ "اللقاحات هي مسؤولية وزارة الصحة، إذ هي تشتريها بكميات كبيرة لتنفيذ البرنامج الوطني للتحصين، وهي التي تشرف على النقل والتخزين. وفي حال سُجّل أيّ خلل (في أحد هذه السياقات) فهذا يعني أنّ الإصابات سوف تكون بصورة واسعة لأنّ جرعات اللقاح تُشترى بكميات كبيرة".

من جهة أخرى، رأى حداد أنّ "الإصابات بالحصبة قد تكون مرتبطة بأزمة كورونا الوبائية، مشدّداً على ضرورة إجراء مسح مناعي مكتسب للمواطنين المحصّنين، خصوصاً الأطفال منهم، لقياس مدى فاعلية اللقاح، وذلك بهدف اكتشاف مكمن الخلل".

وأكمل حداد أنّ "الفيروس المسبّب للحصبة موجود دائماً، وقد ينتقل في أيّ لحظة. لكنّ السؤال يبقى: هل منح اللقاح مناعة أم لا؟ ونسأل كذلك: هل الخلل في جرعات اللقاح الحالية أم في تلك التي زُوّدت بها الأمهات"؟

المساهمون